أخبار عاجلة

إشكالية صيغة  الأمر في الأبحاث والتعليم وأسئلة المسابقات!

بقلم د. أنور الموسى

خاص بوابة التربية: تثير قضية استخدام أفعال الأمر في الأبحاث الأكاديمية والتدريس وأسئلة الامتحانات الرسمية جدلا واشكاليات متنوعة.. ويتوزع التربويون بين معارض ومؤيد.. ولكل طرف وجهات نظر خاصة!

ففي عالم البحث العلمي، على سبيل التمثيل لا الحصر، تظهر هذه القضية في الهوامش.. والإحالات.. فينصح المشرفون طلابهم باستبدال فعلي انظر أو راجع.. بفعلي المضارع المجهول: ينظر ويراجع.. مراعاة للموضوعية من جهة، ولذوق القارئ من جهة أخرى؛ إذ إن الباحث ههنا ليس في وارد تقديم أوامر وطلب صارم من أعلى إلى أدنى!

لكن بعض المشرفين لا يرى وجود إشكال في استخدام الأمر في إلإحالات: انظر: الأغاني، الاصفهاني، ص كذا.. ما دام الوضوح محققا، وما دام السياق لا يشير إلى تعالي الباحث على القراء…!

وفي ما يتعلق بالتدريس والتربية وأسئلة الامتحانات، فإن وجهات النظر في مسألة استخدام الأوامر في التوجيه والتعليم.. لا تخرج عن السياق البحثي، فمن يعترض على استخدام الأمر ينطلق من فلسفة حرية التعلم، وضرورة البعد من التوجيه المباشر للسلوك، ويسوغ هذا الفريق رأيه من منطلق تربوي حديث، يرى أربابه أن الأوامر الفوقية من أعلى إلى أسفل عفا عليها الزمن، فالطفل أو حتى المراهق، ينفران من الأمر وفرض الأوامر.. ولذا، يستحسن مراعاة خاصية التعلم الذاتي البعيد من الضغوطات والأوامر.. في كل الميادين والطرائق التعليمية.. ناهيك بأن الطفل أو المتعلم هو محور العملية التعلمية التعليمية.. بحيث تغيرت وسائل التعلم وطرقه وفلسفته..

ولذا، يغدو استخدام المضارع أو صيغ خالية من الأمر الصارم هو المفضل، بل الواجب عند هذا الفريق..

وفي مقابل الرأي الأول، هناك من لا يرى وجود مشكلة في استخدام هكذا صيغ،… ما دام الطالب سيجيب مثلا عن الاسئلة، وما دام الفعل واضحا ويحمل هدفا سلوكيا قابلا للتطبيق والقياس والتقييم!

لكن يبدو أن وجهة نظر الفريق الثاني هي التي فرضت نفسها في المسابقات في غير بلد عربي، سواء في المسابقات العادية أو الرسمية..

من جهة ثالثة، يرى قسم من التربويين أنه لا مشكلة في استخدام الأمر أو صيغ أخرى في السؤال ما دام الأخير واضحا لا لبس فيه! لكن في كل الأحوال، ينبغي أن يكون السؤال واضحا، خاليا من التعقيد والركاكة والأخطاء اللغوية والإملائية… مع مراعاة الوقت… والتنوع في طرح الأسئلة التي تحاكي الأهداف المعرفية والوجدانية وغيرهما. وهذا بدوره خاضع لخصوصية كل مادة!

ومن وجهة نظري الخاصة، هناك معايير وضوابط أكثر أهمية من الدخول في مناقشة صيغ الأفعال عند إعداد المسابقة حددت غالبيتها مراكز الأبحاث والتربية…منها:

أ- استثمار الأفعال المعدية

إذ عندما يطرح سؤال باستخدام فعل متعدٍّ، فهذا يعني عملياً أن الفاعل هو التلميذ، والمفعول به المادة التي يجب عليه أن يوردها…. أما إذا قدم  فعل لازم، فلا يعرف المتعلم ما عليه أن يكتبه بالتحديد.. فمثلا طرح سؤال هكذا: “تكلم على معركة حطين؛ غير تربوي… كون فعل تكلم لازما يجعل التلميذ تائها في الإجابة… فهل المقصود ظروف المعركة، أو ظروفها وأسبابها أو نتائجها أو أفرقاء الصراع… أما إذا طرح السؤال على الشكل الآتي: “حدد أسباب المعركة  واثنتين من نتائجها السياسية، فان التلميذ يركز تفكيره في الأسباب والنتائج ليس إلا. ومن الدقة ايضاً أن نرفق أدوات الاستفهام بفعل إجرائي مثل: “متى حدثت معركة حطين؟”

ب- قابلية الملاحظة والقياس

يجب أن تعكس الأفعال المستعملة في الأسئلة أو الأنشطة المطلوبة أداءً قابلاً للملاحظة وبالتالي قابلاً للقياس، لأننا نلاحظ الأداء من خلال ما يُرسم أو يُقرأ على المسابقة.

ج- الدقة

يجب استعمال تعابير وأفعالٍ لا تقبل الالتباس أو تحتمل غير تفسير.

مثلاً “ماذا ترى في هذا القول”؟ هل المطلوب ما يعنيه هذا القول، أو ما يحمله من تفسيرات، أو رأي التلميذ فيه؟ هذا مثال لسؤال غير دقيق.

د- التحديد

يجب أن يُحدّد في الأسئلة عدد الاحتمالات أو العناصر المطلوبة. فالسؤال الآتي مثلاً: استخرج من المستندات ما يدل على الفقر، هو مثال لسؤال غير محدد. أما “استخرج من المستندات ثلاثة مؤشرات تدل على الفقر المادي”  فهو مثال لسؤال محدّد.

لكن الأسئلة المطروحة ههنا: لم تغزو بعض الأخطاء بعض المسابقات؟ أليس الأولى تدقيق النصوص وتنقيحها قبل الدخول في فلسفة صيغ الأفعال؟ ومن سيحاسب معدي المسابقات الركيكة؟!

عن mcg

شاهد أيضاً

إسحق: ما يتم تداوله حول المضامين المطلوبة للامتحانات الرسمية غير دقيق

د. هيام إسحق طعمه بوابة التربية: أعلنت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء البروفيسورة هيام إسحق، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *