أخبار عاجلة

 الإرشاد التربوي والتوجيه التربوي

 

 

البرفسور علي منيمنة

الغاية من هذه الدراسة هي الإضاءة على أهمية الإرشاد التربوي والتوجيه التربوي في القرن الحادي والعشرين في جميع مراحل التعليم من الإبتدائي حتى الجامعي منه، لأن الإختصاصات الدراسية كثرت وتنوعت، وطرائق التعليم إختلفت كلياً مع مرور الوقت، لأسباب عدة منها: دخول التكنولوجيا الحديثة والوضع الأجتماعي الأسرين الذي أختلف بدخول الأم الى سوق العمل وإنشغال الأب بعمله وقتاً أطول ومشاكل أكثر، مما يقلل من إهتمام الأهل بأولادهم وهذا يخفف من الأرشاد الأسري في توجيه أولادهم نحو التكوين التربوي والتكوين المهني الصحيحين.

لابد من الإشارة بأن الإرشاد التربوي والتوجيه التربوي هما وجهان لعملة واحدة، الهدف منهما التكوين التربوي والمهني أي التكوين المعرفي بشكل عام للإنسان.

يقول الفنان زياد الرحباني أمام المولود الجديد، بعد التكوين البيلوجي في رحم والدته، بضع ثواني من الحرية المطلقة ثم تنهال عليه القيود: أسمه، أسماء والديه، أسم عائلته، وطنه، بلدته، دينه ومذهبه الخ وهو عاجز كلياً عن الإعتراض. يمضي هذا المولود ثلاث سنوات في رعاية اسرته، ثم يتدخل الأهل من جديد في إختيار المدرسة وإختيار اللغة الأجنبية التي سوف يتابع فيها دراسته، لأن في لبنان لابد من إختيار لغة أجنبية (فرنسية أو الإنكليزية) لمتابعة تحصيله العلمي. ومن هنا تبدأ الرعاية التربوية أي الإرشاد التربوي والتوجيه التربوي.

إن الإرشاد والتوجيه التربوي يندرجان ضمن عمليات الإصلاح، نظراً للدور الكبير الذي يلعبه المرشد التربوي في المدارس والجامعات، في توجيه الطلبة وإرشادهم والمساهمة في تطوير العملية التربوية، لاسيما وأن الإرشاد التربوي يعد من التخصصات المهمة في عصرنا الحالي، بسبب حاجة الطلبة الدائمة للعون والمساعدة في عصر تعددت فيه مصادر المعلومات وكثرت المهن والتخصصات وتراكمت العلوم.

تتناول هذه الدراسة نشأة ومفهوم التوجيه التربوي والإرشاد التربوي، ونظريات الإرشاد، وأنواعه، ودور المرشد التربوي وصفاته ومهاراته، وأدوات الإرشاد. إن التوجيه أعم وأشمل من الإرشاد وهو جزء من العملية التربوية، والتوجيه يسبق الإرشاد ويمهد له.

 

التوجية والإرشاد

أولا:التوجيه
يتسم التوجيه التربوي على إمداد الطالب بالمعلومات المتنوعة والمناسبة وتنمية شعوره بالمسؤولية، بما يساعده على فهم ذاته والتعرف على قدراته وإمكاناته ومواجهة مشكلاته واتخاذ قراراته وتقديم خدمات التوجيه للطلاب بأساليب عدة كالندوات والمحاضرات واللقاءات والنشرات، توضح له الطريق لإختيار المسار المعرفي (الكاديمي والمهني) الذي يناسب قدراته وكفاءاته للوصول الى المهنة التي تؤمن له رغباته والعيش الكريم شرط بإن تكون ملائمة لحاجة سوق العمل وتساهم في تنمية المجتمع. ويطلق بعض الباحثين على التوجيه التربوي الأسماء التالية: “تربية الاختيارات”، أو “التربية المهنية”، أو “تنشيط الميولات المهنية”.
ثانياً:الإرشاد
الجانب الإجرائي العملي المتخصص في مجال التوجيه والإرشاد وهو العملية التفاعلية التي تنشأ عن علاقات مهنية بناءة مرشد (متخصص) ومسترشد (طالب) يقوم فيه المعلم من خلال تلك العملية بمساعدة الطالب على فهم ذاته ومعرفة قدراته وإمكاناته والتبصر بمشكلاته ومواجهتها وتنمية سلوكه الإيجابي، وتحقيق توافقه الذاتي والبيئي، للوصول إلى درجة مناسبة من الصحة النفسية في ضوء الفنيات والمهارات المتخصصة للعملية الإرشادية، والعمل على اكتشاف مواهب وقدرات وميول الطلاب والعمل على إستثمار تلك المواهب والقدرات والميول، فيما يعود بالنفع على الطالب خاصة والمجتمع بشكل عام. إيلاف الطالب الجو المدرسي أوالجامعي وتبصيرهم بنظام المدرسة أو الجامعة ومساعدتهم قدر المستطاع للاستفادة القصوى من برامج التربية والتعليم المتوفرة لهم، وإرشادهم إلى أفضل الطرق لإكتساب المعرفة والمهارات، لمساعدة الطلاب على اختيار نوع الدراسة والمهنة التي تتناسب مع مواهبهم وقدراتهم وميولهم، واحتياجات سوق العمل. وشروط القبول الخاصة للقبول بكل مهنة حتى يكونوا قادرين على تحديد مستقبلهم آخذين بعين الاعتبار اشتراك أولياء أمورهم في اتخاذ مثل هذه القرار.
من مهام المرشد الإسهام في إجراء البحوث والدراسات حول مشكلات التعليم، على سبيل المثال مشكلة التسرب وكثرة الغياب وإهمال الواجبات المدرسية، وتدني نسب النجاح في المدرسة..الخ.العمل على توعية المجتمع المدرسي أو الجامعي بأهداف ومهام التوجيه والإرشاد.

وتظهر هنا أهمية دور المرشد الطـلابي بصفته الشخص المتخصص الذي يتولى القيـام بمهام التوجيه والإرشاد بالمدرســة او الجامعة ويقود الفريق الإرشـادي بها، لذا وجب أن يكون متخصصاً في التوجيه والإرشاد ذا كفاءة ومهـارة في تعامله مع المسترشدين من الطلاب، وهكذا تبدو مهنة المرشد الطلابي، مهنة صدق وأمانة، وصبر ومشقة، وتُوِّجَت بالإخلاص في التنفيذ والممارسة، إنها ليست مهنة فضفاضة تتسـع لمن طرق بابها ليخلد للراحـة من عناء إدارة أو وكالة المدرسـة أو التدريس والتحضير ورصد الدرجات ونحو ذلك، وليست فراراً من العمل إلى الكسل، إنها أمانة قبل كل شي ثم مسؤولية كبيرة أمام جميع الفئات داخل المدرسة وخارجها.
إن مهنة الإرشاد اليوم لم تعد تسمح بالتهافت عليها دون رؤية أو تخصص علمي أو تدريب كافٍ. إن عملية الإرشاد أشبه بغرفة العمليات الجراحية لا تقبل ولا تغفر الأخطاء. وهكذا فإن التوجيه والإرشاد الطلابي، علم ومهارة وخبرة وأمانة.

وقد حظيت عمليات إصلاح التربية والتعليم باهتمام كبير في معظم دول العالم، للضرورة التي فرضتها أهمية التوجه نحو الجودة الشاملةوالتقدم التقني والعلمي في شتى ميادين الحياة، مما جعل الإرشاد والتوجيه التربوي يندرجان ضمن عمليات الإصلاح نظراً للدور الكبير الذي يلعبه المرشد التربوي في المدارس والجامعات في توجيه الطلبة وإرشادهم والمساهمة في تطوير العملية التربوية، لاسيما وأن الإرشاد التربوي يعد من التخصصات المهمة في عصرنا الحالي، بسبب حاجة الطلبة الدائمة للعون والمساعدة في عصر تعددت فيه مصادر المعلومات وكثرت المهن والتخصصات وتراكمت العلوم.

ويعتبر إنشاء مراكز الإرشاد الطلابي في المدارس والجامعات ضرورة لا غنى عنها، لتوليها تقديم الخدمات الإرشادية لجميع الطلبة، وفي كل المراحل الدراسية، ودراسة حالاتهم ومتابعتها، ومتابعة مستوياتهم الدراسية وقدراتهم ومهاراتهم وهواياتهم وطموحاتهم وتلبية احتياجاتهم والوقوف على الصعوبات التي يواجهونها لمساعدتهم في تذليلها.

والبرامج الإرشادية تلعب دورا كبيرا في بناء شخصية الطالب وتوجيه مساره التوجيه الصحيح مما يبعث الثقة في نفسه ويعزز لديه الدافعية وقوة الإرادة والاعتماد على النفس، هذا يحتاج بالطبع إلى التخطيط المحكم السليم والإعداد الجيد، ووضوح الرؤية والأهداف للبرنامج الإرشادي الذي يكفل توفير الاستقرار والتكيف السليم للطلبة، ويضمن استمرارهم في دراستهم بعد التعرف على المشكلات والصعوبات التي قد تعرقل مسيرتهم الدراسية، لتلافيها ووضع الخطط العلاجية لها، والإرشاد التربوي يقوم على أسس علمية ويحتاج إلى مهارات وخبرات وتدريب مستمر وشخص متخصص يتمكن من محاولة الوصول إلى أقصى حد ممكن في استغلال مهاراته وقدراته لخدمة الطلبة وحل مشاكلهم وإرشادهم إلى المسلك المناسب.

فالتوجيه والإرشاد عملية إرشاد الفرد إلى الطرق المختلفة، التي يستطيع عن طريقها اكتشاف واستخدام إمكاناته وقدراته وميوله ورغباته، ما يمكنه من أن يعيش في أسعد حال ممكن بالنسبة لنفسه وللمجتمع الذي يعيش فيه. ولكن يجب توفر الشروط التالية:

  1. توفير المعلومات عن حاجات ومتطلبات سوق العمل من المهن، من خلال الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة (تصميم موقع الكتروني يضع جدول بالمهن وشروط القبول).
  2. مواءمة اختصاصات الهيكلية التعليمية مع متطلبات سوق العمل (شروط القبول)
  3. مواءمة اختصاصات الهيكلية التعليمية  مع متطلبات عملية التكوين المعرفي في جميع مستوياته.
  4. إخضاع هذه الهيكلية إلى التقييم المستمر في ضوء النتائج المحققة وتبدل المعطيات.
  5. تحديث الأنظمة والقوانين بما يناسب تطبيق التوجيه والإرشاد.
  6. إلغاء إستعمال كلمة التعليم وإستبدالها بالتكوين المعرفي.
  7. إلغاء التعليم التقليدي التلقيني وإستبداله بالتبادل للمعرفة بين التلميذ أو الطالب والمدرس أو الأستاذ الجامعي، أي التغيير بأساليب طرائق التعليم إلى طرائق التكوين المعرفي المتبادل للمساهمة في تحقيق جودة العمليات التكوين المعرفي الأكاديمي والمهني لهدف جودة مخرجاتها، وتعزيز ورعاية استمرارها.
  8. إلغاء كلياً مفهوم الإمتحان التقليدي لمدة زمنية محددة الذي لايعكس مدى معرفة وكفأة التلميذ أوالطالب وإستبداله بالتقييم المستمر خلال العام الدراسي (أو الفصل في الجامعات). طبعاً تعكس هذه النقطة الإلغاء التام للإمتحانات الرسمية والتي أصبحت لا تعكس صحة التكوين المعرفي    للتلميذ ايضاً، إلغاء مايسمى بالإمتحانات النهائية لكل فصل في الجامعات.

 

إن تغيير المفاهيم صعب، ولكن لابد من هذا التغيير، حفاظاً على مستقبل الجيل الجديد من الشابات والشباب الذين يملكون في عمرهم من المعرفة عبر التكنولوجيا الحديثة لم نكن نملكها. حتى على صعيد الدول من يملك التكنولوجا الحديثة هو الأقوى.

 

عن mcg

شاهد أيضاً

الإضراب من أبوابه الواسعة في الجامعة اللبنانية

بوابة التربية- خاص: تقف الجامعة اللبنانية على مفترق طرق بسبب أوضاع الأساتذة المتعاقدين فيها، فمنذ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *