أخبار عاجلة

الجمال: للانتقال إلى مرحلة تمهين التعليم والادارة التعليمية

ahmad-jamal

 

 

 

*  د. أحمد الجمال

 

 

تعتبر التربية بوابة المعرفة التي بفضلها يكتشف الانسان ذاته وما يدور حوله في هذه الحياة وبفضلها ينمي قدراته الفكرية ليساهم في تطوير مجتمعه ويستثمر طاقاته لخير الانسان والبشرية جمعاء.

وفي هذا العالم المتنوع والمتعدد الثقافات، والذي اصبح قرية واحدة عبر وسائل التواصل، لا بد من التشديد على دور التعليم في نشر قيم العيش المشترك والحوار وقبول الآخر، ورفض التمييز سواء كان وطنيا أو عرقيا أو دينيا، وبالتالي يجب أن يضمن هذا التعليم تكافؤ الفرص بين الافراد.

وأود أن أذكر بإتفاقية اليونسكو التي اعتمدت في العام 1960 بشأن مكافحة التمييز في مجال التعليم واعتماد اجراءات تضمن المساواة في التعليم وقد ربطت الاتفاقية مفهوم التعليم مباشرة بحقوق الانسان.

 

إن العلوم التربوية بتطور دائم لتواكب التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على جميع المستويات، وقد كان للتقدم التكنولوجي أثرا كبيرا في ذلك، واصبح السؤال عن دور التكنولوجيا في التعليم مبررا لما يمكن أن تقدمه هذه التكنولوجيا من وسائط ووسائل تعليمية تخدم المدرس والطالب، ونعلم أن هناك دراسات وأبحاث كثيرة في هذا المجال.

ولكنني في كلمتي سأخرج قليلا عن محاور المؤتمر لأركز على الواقع الحالي للتعليم في لبنان وفي العالم العربي وما يواجهه من تحديات تسبق التفكير بالوسائط والوسائل التعليمية إلى المبدأ الاساسي للتربية والتعليم وهو بناء الانسان.

يؤكد علماء النفس والتربويين أن تكوين شخصية الانسان تكون في المرحلة العمرية من الرابعة وحتى الثماني سنوات (أي ما يوازي الحلقة الاولى من التعليم الاساسي)، بعدها تبدأ مرحلة تراكم المعارف وصولا إلى التعليم الثانوي ومن ثم إلى الجامعات ليكتسب الطالب الكفايات التي تخوله الانضمام إلى سوق العمل والمساهمة في رقي المجتمع والنمو والانتاج.

السؤال الجوهري والاساسي الذي أرغب بطرحه هو: ما هي الاهداف التربوية التي نرغب بتحقيقها؟ ونسأل هل البرامج التربوية المقترحة مناسبة لتحقيق هذه الاهداف؟ وهل الهيئة التعليمية معدة بشكل جيد لتحقيقها؟ وما هي الاولويات الوطنية في ظل ما نعيشه من تشرذم؟.

من الضروري أن نركز في مرحلة الطفولة على البنية الاخلاقية لأطفالنا وأن نعزز لديهم قواعد الانتماء والمواطنة وخدمة المجتمع واحترام الآخر والقبول به مهما كان معتقده أو جنسه أو جنسيته.

وأذكر قول الشاعر: “إنما الامم الاخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”

وقول المفكر ورن بوفت “Waren Buffet” : “أنظر إلى ثلاثة خصائص في الشخص: ذكاؤه وطاقته ونزاهته. وإذا لم تتوفر فيه الثالثة لا تتعب نفسك بالبحث عن الاولى أو الثانية”

لقد استشرى الفساد في مجتمعاتنا واصبح ظاهرة طبيعية، فكيف نواجهه؟ اعتقد أن الجواب الذي نتفق عليه جميعا هو بالتربية والتعليم. ولذا فإنني أرى أن هناك مسؤولية كبيرة للمدرسة والمدرس في هذا المجال، لجهة تعزيز إجراءات تعليمية وتطوير مقاربات جديدة في التعليم لمواجهة التحديات الكبيرة التي نعيشها من عنف وفساد، وأن ندرج مجموعة من المواد التربوية حول اللاعنف وحقوق الانسان والتسامح وأثار الفساد على المجتمعات وانهيارها. وقد اصدرت منظمة اليونسكو مجموعة من المواد التعليمية والمنشورات في هذا المجال ليستخدمها الاساتذة والمدربون.

 

يعالج مؤتمركم  قضايا تربوية معاصرة نتلمسها يوميا في وزارة التربية والتعليم العالي من إدارة التكنولوجيا واستخدامها في التعليم إلى العقبات التي تواجها المدرسة الرسمية في استيعاب الطلبة السوريين  والتحديات التربوية والاجتماعية والاقتصادية التي يواجها هؤلاء الطلاب، حيث تسعى الوزارة وضمن الامكانات المتوفرة لتمكين كل طالب من الالتحاق بالتعليم ووفرت برامج دعم لتوفير اندماجهم بالبرامج اللبنانية. كما يعالج المؤتمر قضايا الادارة التربوية وما تواجهه من عدم كفايات التعليم في بعض الاحيان.

لا بد من الانتقال إلى مرحلة تمهين التعليم والادارة التعليمية، ولا بد أن تكون المهارات التعليمية الحديثة متوفرة لدى المدرس قبل دخوله إلى الصف.

اختم بتوجيه التحية للجامعة العالمية ولقسم التربية فيها بشكل خاص على جهده في تنظيم هذا المؤتمر وأتمنى لأعمال مؤتمركم النجاح وأن تصلوا إلى توصيات تساهم في إعلاء شأن التربية في لبنان.

 

*  كلمة المدير العام للتعليم العالي د. احمد الجمال في مؤتمر أبحاث تربوية معاصرة الجامعة العالمية – 17/12/2016

 

 

 

عن mcg

شاهد أيضاً

تزويج القاصرات جرائم مع وقف التنفيذ

بوابة التربية: ما بين أسس الزواج ودوافعه وآثاره، تناولت الدكتورة ماريز يونس رئيسة شبكة دراسات …