أخبار عاجلة

بهية بعلبكي تقدم مطالعة بعدم جواز ملاحقة من يشارك بالإضراب

من تظاهرات هيئة التنسيق (أرشيف)

بوابة التربية: قدمت النقابية بهية بعلبكي، مطالعة في عدم جواز ملاحقة الأساتذة والمعلمين في القطاع العام والذين يشاركون في الإضراب، وجاء في المطالعة:

وكأنه لا يكفينا الانهيار الاقتصادي والتستر على مجرمي المرفأ وسرقة ودائعنا في المصارف واللعب بسعر الدولار وانهيار القيمة الشرائية للرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية حتى سمعنا اليوم أن التفتيش التربوي والمديرين يهددون المعلمين المضربين بالويل والثبور وعظائم الأمور. تساندهم في ذلك روابط تتنازل شيئا فشيئا عن كل المكتسبات والحقوق.

إن قضية الحريات النقابية خطر داهم يواجه لبنان اليوم بمحاولة قوى السلطة تعطيل مبرر قيامه: أي تعطيل الحرية بكل أبعادها. ويبدو المجتمع اللبناني متجهًا إلى نمط الانظمة الاستبدادية في محاولة كمّ الأفواه ومنع اللبنانيين من أن يقولوا “آخ”!

ويرتكز الإرهاب الفكري على المادة 15 من قانون الموظفين في لبنان رقم 112 عام 1959. ومن يقرأ هذا القانون يجد الكثير من المحظورات والممنوعات الموروثة عن قانون عثماني حول حظر الجمعيات سنة 1909: وتحدد الاعمال المحظورة:

“يحظر على الموظف ان يقوم بأي عمل تمنعه القوانين والانظمة النافذة, وبصورة خاصة:

o      ان يشتغل بالامور السياسية او ينضم الى الاحزاب السياسية او يحمل اشارة حزب ما (الأحزاب ألغت هذا البند لتعارضه مع الزبائنية)

o      ان ينضم الى المنظمات او النقابات المهنية.

o      ان يضرب عن العمل او يحرض غيره على الاضراب.

o      ان ينظم او يحرض على تنظيم العرائض الجماعية المتعلقة بالوظيفة او يشترك في تنظيمها مهما كانت الاسباب والدوافع”.

الرد القانوني:

      إن الحق فى الإضراب يستند إلى الإتفاقية الدولية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية التى تنص فى مادتها الثامنة بأن (تتعهد الدول الأطراف فى الإتفاقية الحالية بأن تكفل الحق فى الإضراب على أن يمارس طبقًا لقوانين القطر المختص) مما يبيح تلقائيًا ممارسة هذا الحق.

      ان إضراب المعلمين هو اضراب مشروع: يعتبر الاضراب مشـــروعًا وقانـونيـــًا إذا كانـت غـاياته الحـصـول على مطالب مشروعة أو الدفاع عن مصالح المهنة. بشرط موضوعي ان تــكون غــايــة الاضراب مهنية، وكذلك يجب أن يكون الاضراب ناشئًا عن نزاع عمل جماعي.

      ان اضرابهم هو جماعي: لا يستلزم ذلك أن ينقطع كل المعلمين ولا أغلبهم عن العمل، ولا أن يصدر به قرار من نقابتهم، بل يكفي أن ينقطع نفر منهم عن العمل ولو كانوا أقلية.

أما حول الحد الأدنى من عدد العمال المتوقفين عن العمل الذي يصح اعطاؤه وصف الاضراب، فقد اعتبرت محكمة التمييز الفرنسية سنة 1951 ان توقّف أجيرين عن العمل يشكل اضرابًا. واعتبر الفقه اللبناني ان مفهوم الجماعة يتـجــاوز أجيرين اثنين.

      ان الحق في الإضراب هو حق دستوري ويتفرّع عن حق التعبير وعن حق ابداء الرأي المكفولين في الدستور اللبناني.

      ان هذا الحق مصان ايضًا بموجب الاتفاقيات الدولية التي انضم اليها لبنان والتي باتت جزءًا من قانونه الوضعي.اذ لا نص في قانون العقوبات يجرّم الإضراب، ولا جريمة ولا ملاحقة من دون نص.

      ان الإضراب يدخل في صلب الممارسة النقابية، وهو احدى الوسائل المشروعة المتاحة

      ان المادة 15 من قانون الموظفين غير قانونية. لماذا؟

1)     لقد كرّس الدستور اللبناني الحق في الإضراب (وإن لم يسمّه مباشرة) تحت عنوان حرية إبداء الرأي، وذلك في ثلاثة مواقع على الأقل:

-في الفقرة “ج” من مقدمة الدستور، حيث ورد أن “لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد”.

-في المادة 13 منه، حيث ورد أن “حرية إبداء الرأي، قولًا وكتابة، وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات، كلها مكفولة ضمن دائرة القانون”.

– في المادة 8 منه ايضًا، وقد نصّت على أن “الحرية الشخصية مصونة وفي حمى القانون، ولا يمكن أن يقبض على أحد أو يحبس إلاّ وفاقًا لأحكام القانون، ولا يمكن تحديد جرم أو تعيين عقوبة إلا بمقتضى القانون”. والقانون لا يجرّم الإضراب، ولا جرم من دون نص (وبالتالي لا ملاحقة).

2)     وحيث إن مقدمة الدستور تذكّر في الفقرة “ب” منها بأن لبنان ملتزم مواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبما أن لبنان قد انضم عام 1972 الى العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966، فإنه من المفيد التذكير بأن المادة 8 من العهد المذكور قد نصّت حرفيًا على ما يلي:

“تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي:

(د) حق الإضراب، شريطة ممارسته وفقًا لقوانين البلد المعني”.

3)     يُذكر في السياق، أن المادة 10 من الاتفاقية العربية رقم 8 الصادرة عام 1966 قد نصّت حرفيًا على أن “للعمال حق الإضراب للدفاع عن مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية بعد استنفاد طرق التفاوض القانونية لتحقيق هذه المصالح”. كما أن المادة 31 من الميثاق الاجتماعي الأوروبي الصادر عام 1961 قد أجازت صراحة حق الإضراب. وعلى سبيل الاستفاضة في المقارنة، فقد كفلت الفقرة 7 من مقدمة الدستور الفرنسي حق الإضراب بصورة صريحة.

خلاصة القول:

لقد كرس الدستور اللبناني “احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد” كما أكد “حرية ابداء الرأي قولًا وكتابة وحرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات….” كما أكدت مقدمة الدستور الالتزام بالاعلان العالمي لحقوق الانسان. هكذا يكون الدستور اللبناني قد كرس الحريات النقابية من خلال التزامه الاعلان العالمي لحقوق الانسان. كما ان لبنان هو عضو منتسب الى منظمة العمل الدولية وقد وقع عل اتفاقية حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية (أقرت في منظمة العمل الدولية في 1 تموز 1949). وهذه الحرية النقابية مكرسة للعاملين في القطاعين العام والخاص. ذلك ان من المبادئ القانونية الاولية أنه اذا تعارض نص قانوني مع اتفاقية دولية او مع نص دستوري ،فإن الاتفاقية تتقدم على القانون، والدستور يتقدم على الاثنين معًا. وعليه يمكن القول ان حق المعلمين يالإضراب ولو بعيدا عن روابطهم هو مبدأ دستوري في لبنان لا تجوز مخالفته.

المراجع

•       د. عصام القبسي: قانون العمل اللبناني، منشورات عشتار، بيروت، 1990، ص 238.

•       تقرير منظمة العمل الدولية في 1 تموز 1949.

•       الإتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

•       الاتفاقية العربية رقم 8 الصادرة عام 1966- المادة 10

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

ثلاث طاقات متخصصة من الجامعة اللبنانية عمداء في جامعات بريطانية

بوابة التربية: عين رئيس جامعة التايمز البريطانية المفتوحة في لندن، السيناتور البروفسور مخلص الجدة، Thames …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *