أخبار عاجلة

جمعية الجادرجي للعمارة: محاضرة عن العمارة ودورها الاجتماعي

صادق: اقتصاد مدننا يقوم على انتاج رأس مال وهمي يجري تلزيمه الى سماسرة العقارات

حاضر رئيس مؤسسسة “جمعية الجادرجي للعمارة” استاذ العمارة في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية الدكتور حبيب صادق في جلسة حوارية حضرها رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب جاد تابت والدكتور خالد زيادة والدكتور الكسي مكرزل، وعمداء كليات العمارة واساتذة وطلاب معماريين، وفي سياق نشاطات جائزة الجادرجي الثامنة عشرة لطلبة العمارة في لبنان، عن العمارة ودورها الاجتماعي ومميزاتها ومعانيها ووظائفها، مفندا التحديات التي تواجه الانتاج المعماري، وطارحا عددا من الاسئلة والهواجس.

وقال: “هذه الجائزة التي هدفت منذ تأسيسها عام 2000 على تحفيز الابتكار والحداثة ببعدهما الاجتماعي وبالارتكاز على الدور المسؤول للمعمار”.
وسأل صادق: “هل يسود انتاجنا المعماري ابتذال التأثيرات الشكلية الظاهرية للعمارة، المرتكزة على اولوية تحقيقها لمصالح ريعية مباشرة، متجاهلة موقعها بصفتها التراث المعبر عن صورة الانسان وحواضره، وتأثيراتها الثقافية، والمعنوية العاطفية، والوظيفية الاجتماعية في الانتماء الى المكان”.

وأردف: “سيميائية، وتعبيرية اللغة المعمارية، تحدد المميزات السيكولوجية والمعنوية، التي لها التأثير الواسع للفعل الاجتماعي للعمارة (المعاصر والتاريخي)، وتحديد موقعها، معانيها ووظائفها، مواجهة سلسلة من الاسئلة، والمصاعب المتنوعة التي تحدد استمرارها بصفتها تراث حياتنا، وتعبير عن التنوع والتواصل في آن، التكنولوجيا في خدمة الابتكار، لم يعد المعمار مجرد حرفي يعالج المادة الخام، بل ان معماريي اليوم ان يمتلكون معرفة واسعة وقدرات علمية معرفية تسخر في خدمة امكاناتهم الابتكارية”.

وسأل: “هل تعتقدون ان هناك عجزا في عالمنا العربي يتمثل في الفجوة بين وهم الحرفة المثقلة بهوية ماضوية وقصور في مقاربة حاجات الراهن، وتسخير تكنولوجيات وعلوم تقنية معاصرة في صياغة صورة الحاضر وحاجاته وفق خصوصياتنا المكانية والثقافية.
من العقلانية ان يسترشد ويستند انتاجنا المعماري بشكل اساسي على الاهداف التي من اجلها وجدت حواضرنا، في الماضي والحاضر وذلك لتحقيق وضمان المصالح والحاجات الاجتماعية والاقتصادية للسكان القاطنين فيها، ويستلزم ذلك تحقيق التوازن بين احياء التاريخي وواقع المجتمع المعاصر”.

وقال: “ما هو الموقف من المؤسسات الاكاديمية المعمارية ودورها الريادي في تحضير الوعي المعماري على مواجهة الاسئلة الخاصة بالحياة المعاصرة والتكامل والتواصل ما بين تراث الماضي وعمارة الراهن في تحقيق حاجات حياتنا الراهنة بحيث يب ان تستجيب بواقعية لمتطلبات التضامن الاجتماعي، وتساهم في تعزيز انتماء الناس واحترامهم، لما تمثله العمارة من ظاهرة حية مرتبطة بالمجتمعات الانسانية، فهي تولد وتنضج ومن ثم تهرم، وتحافظ على قميتها بقدر استمرارها بأن تكون مفيدة، وذات قيمة اجتماعية، ثقافية ومادية- اقتصادية فهي استثمار يجب استغلال خط حياته بالكامل”.

ورأى “ان هناك تحديات تواجه انتاجنا المعماري، في هذا الزمن الصعب الذي تمر به اوطاننا العربية، حيث تسود سمة طغيان ثقافة الاستهلاك، ومنطق الربح والاستثمار الريعي، وسيادة اقتصاد الحروب المتنقلة، حيث تهدر المليارات من الدولارات على صناعة الموت. وصولا الى تدمير البيئة الكارثي وسببه طبيعة الانتاج والاستهلاك خارج تلبية الحاجات والرغبات الحقيقية للناس، بل لحماية سلطات مرتبطة بالخارج واستمرارها كنظام حيث تحولت معها الافكار الفروقات المكانية والمحليات اغواءات لرأس المال المتجول بصيغة السلع الاكثر جذبا للاستهلاك، اما عبر استغلال سطحي فلكلوري للخصوصيات المحلية غدت معه العمارة مجرد سلعة وتحدد قيمتها بقدرتها على مراكمة ارباح، او صوغ انماط معمارية تسمح باحساس محدود ومحدد بهويات متشظية في بيئات اجتماعية وأثنية متفجرة”.
وقال: “بات اقتصاد مدننا يقوم على انتاج رأس مال وهمي يجري تلزيمه الى سماسرة العقارات بحيث اصبح الاختصاصيون والمهندسون والمعماريون مجرد ادوات لانتاج هذا الرأسمال المال الوهمي وبأجور عاليه (اقتصاد الكازينو والخدمات، والمستسلم بالكامل للخارج ” وفق دايفيد هارفي”…). مما ادى الى تهميش فئات اجتماعية كبيرة وافقارها، تحت مفهوم ان الفقر هو فشل فردي، هذا السياق السائد في مدننا وضواحيها، ادى الى انتاج مفهوم الآخر والافراط بالحقد بين المدن، ومحيطها وما العنف السائد اليوم في عالمنا العربي والتفكك والتشظي الحاصل الا صورة هذا الواقع المستمر منذ نهايات القرن العشرين”.

وسأل صادق الأسئلة الآتية: “هل شكلت العمارة التعبير الايديولوجي للسلطة الحاكمة لتصبح الافكار النظرية والمجردة، واقعا ملموسا يهيمن على الافراد محددا مسار الحاضر والمستقبل، وهل تحررت العمارة من الايديولوجيا واليوتوبيا لفكر السلطة؟.
هل عمارة العصر تعبير عن معادلة تتحول فيها المباني الى سلعة، وتستقل فيها القيمة التبادلية عن القيمة الاستعمالية، ليصبح العمران بالكامل نتجية لتجاذبات العرض والطلب في الاسواق العقارية، وخلق اسواق جديدة من خلال التوسع المناطقي وهاجس التجديد المستمر لمصادر الربح اصبح الناظم الاساسي لديناميات البناء والهدم، والذل يروج له دما في اطار التقدم والازدهار؟
هل عجزت مجتمعاتنا عن مواجهة متطلبات المعاصرة والحداثة، لأنها لا تمتلك خصوصياتها الحداثية ضمن شبكة الثقافات المعرفية والحسية في التعامل المجدي مع متطلبات العصر واستيعاب الخاص والمشترك، وادى ذلك الى موقفين: الاول استيراد حداثة الغرب وعدم ملاءمتها مع خصوصيات مجتمعاتنا وانماط انتاجه، والثاني العجز امام احداث التحولات الحضارية والانغلاق في الماضي باستعارات انتقائية وفق ايديولوجيات دينية او اثنية او قومية؟ اضافة لهذا العجز المعماري، هل تقبل المجتمع الشكل الهجين، وكيف سيكولوجية معيشة معها وفق رفعة الجادرجي؟”.

وختم بالقول: “في ظل تسارع التحولات الاجتماعية والانقسام والتشظي الحاصل في مجتمعاتنا، أليس على العمارة ان تصبح حقا من حقوق الانسان في تأمين معيشي لائق لهوية الفرد كإنسان، مهما كان موقعه في المجتمع، انطلاقا من مبدأ “الحق الطبيعي” بعيش مناسب، وليس على عطاء من سلطة او طبقة او دين؟”.

عن mcg

شاهد أيضاً

ثلاث طاقات متخصصة من الجامعة اللبنانية عمداء في جامعات بريطانية

بوابة التربية: عين رئيس جامعة التايمز البريطانية المفتوحة في لندن، السيناتور البروفسور مخلص الجدة، Thames …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *