أخبار عاجلة

دراسة للدكتورة سيبيل جلول حول “المرأة في قانون التجارة اللبناني”

   كتبت د سيبيل جلول*- بوابة التربية: إن نظام الإفلاس وكما هو معلوم هو نظام خاص بفئة محددة من الأشخاص في النظام القانوني اللبناني، ألا وهم التجار، وهو من حيث المبدأ لا ينطبق على أي فئة أخرى لا سيما أشخاص القانون المدني، وذلك خلافا للعديد من الأنظمة القانونية الأخرى،  كالقانون الإنكليزي مثلا.
        غير أن واقع النصوص القانونية في موضوع الإفلاس يحوي العديد من التناقضات، مما يستدعي تدخلا من قبل المشرع لدرء هذا الخلل وتقويمه.
        ومن الملفت، تناول المشرع موضوع “حقوق الزوجة” في المواد ٦٢٥ تجارة وما يليها.(في ظل القانون القديم قبل التعديل).
        في العام الماضي، قمنا بإعداد دراسة حول مكامن التمييز العنصري بحق المرأة المتزوجة في قواعد الإفلاس، وبالتحديد عالجنا الخلل الحاصل في المواد ٦٢٩ وما يليها من قانون التجارة اللبناني؛ وكنا قد اثرنا في دراستنا المنشورة في مجلة كلية الحقوق والعلوم السياسية العام ٢٠١٧ العدد الأخير، والتي أعيد نشرها على موقع مركز الأبحاث والدراسات في المعلوماتية القانونية  العام ٢٠١٨، مدى الإجحاف والتمييز الذي يصيب ذمة المرأة المتزوجة في لبنان من تاجر لبناني أعلن إفلاسه.
        أن المرأة المتزوجة في لبنان من تاجر لبناني،  كانت حتى تاريخ ١/٤/٢٠١٩ ، ما زالت تعاني من واقع تمييزي على مستوى النصوص القانونية.
     أن الذمة المالية للإنسان، هي بشكل عام، ضمانة قانونية للدائنين. وبالرغم من ذلك يوجد خلل وعدم مساواة تظهرها النصوص  بحق زوجة المفلس، حيث كانت ذمتها المالية تشكل ضمانة إضافية لسداد ديون زوجها، من خلال تكريس المشرع في فترة سابقة ولتاريخ ١/٤/٢٠١٩ للقرينة الموسيانية التي مفادها أن زوجة المفلس مسؤولة عن ديون زوجها على أساس وجود قرينة انها اشترت هذه الأموال من نقود هذا  الزوج. كما تجدر الإشارة إلى أن هذه القرينة غير متبادلة، بمعنى آخر لا تنطبق على الزوج (الرجل) اذا افلست زوجته التاجرة.
       مما لا شك فيه أن هذا الواقع يعكس نوعا من الخلل وعدم المساواة بين الرجل والمرأة من قبل قانون التجارة،  كما يعكس من ناحية ثانية، تبني النظام المالي الزوجي المشترك في قانون التجارة فقط، خلافا للمبدأ السائد في القانون المدني، ومن ناحية أخرى عدم وجود معاملة بالمثل بين الرجل التاجر والمرأة التاجر(ة).
       إن مبدأ فصل الذمم المالية بين الزوجين،  المطبق في القانون اللبناني، لا ينطبق في حالة إفلاس التاجر، حيث أن ذمة الزوجة (أي شخص آخر غير الزوج المفلس) كانت تضمن تسديد الديون قبل التعديل القانوني الأخير.
        إن هذا الواقع الذي كان سائدا  قبل التعديل القانوني الأخير لقانون التجارة، خلف نتائج قانونية متعارضة مع المبادئ التي أعلنها القانون اللبناني، لا سيما لناحية شخصية الذمة المالية.
      أما الخلل الأكبر، تمثل في النصوص القانونية القديمة باستعمال عبارة “حقوق المرأة المتزوجة”، التي إن تمعنا في قراءتها نجد أنها تكرس التمييز العنصري بحق المرأة في قانون التجارة.
     من هنا يطرح السؤال الآتي:  لماذا تضمن الذمة المالية العائدة للزوجة ديون زوجها؟ ولماذا لا ينطبق المبدأ على الزوج بالنسبة لديون زوجته؟
         وكنا قد توصلنا في دراستنا إلى اعتبار أنه يوجد تضامن سلبي بين الزوجين في مسائل الإفلاس، وأن هذا الواقع غير مقبول في أيامنا الحاضرة حيث الإنسان بمعنى (الكائن )، يجب أن يكون الهدف الأساس لكل النصوص القانونية،  لا سيما عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان.
     كما اقترحنا وطالبنا المشرع بضرورة إلغاء هذا الواقع العنصري والتمييزي بحق المرأة اللبنانية المتزوجة من تاجر.
     وبالفعل، في التعديل الأخير الذي أصاب قانون التجارة اللبناني بتاريخ ١/٤/٢٠١٩ ، أقدم المشرع، وبخطوة جريئة على إزالة هذا الخلل في التعامل مع المرأة حيث ألغيت المواد ٦٢٥ تجارة وما يليها واستبدلت بنصوص قانونية أخرى؛ تتلخص بنتيجتين مهمتين تلتقيان مع دراستنا حول الموضوع،  وهما:
١- إلغاء القرينة الموسيانية او قرينة كون أموال الزوجة تضمن ديون الزوج.
٢- إلغاء هذه القرينة بالنسبة للزوجين.
٣- استبدال عبارة “زوجة” بعبارة “زوج”.
    إن في هذا التعديل أكبر دليل على إقامة نوع من المساواة بين الزوجين على اعتبار أن أيا منهما هو انسان ويستاهل التمتع بكامل حقوقه المدنية والتجارية على حد سواء.
     إن التعديل الأخير أصاب حقوق المرأة فقط لناحية الإفلاس،  على أمل أن تطال مواقع أخرى أوردها قانون التجارة، وهي ما زالت بحاجة للتعديل.
* د سيبيل جلول  أستاذة محاضرة في الجامعة اللبنانية

عن mcg

شاهد أيضاً

ثلاث طاقات متخصصة من الجامعة اللبنانية عمداء في جامعات بريطانية

بوابة التربية: عين رئيس جامعة التايمز البريطانية المفتوحة في لندن، السيناتور البروفسور مخلص الجدة، Thames …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *