أخبار عاجلة

زين الدين يعلق على مقال كالوت: اصل المشاكل في جامعتنا يعود الى تغييب القانون

بوابة التربية: علق د. *حسن زين الدين على مقال د. يوسف كالوت والذي نشره موقع “بوابة التربية” في 25 تموز 2021، قرار عميد كلية الطب في الجامعة اللبنانية د. يوسف فارس، القاضي بإيقاف الطالب هادي شمَّاع لمدة شهر وتبعاً حرمانه من إجراء الإمتحانات على خلفية مشاركة منشور يطال العميد في الفايسبوك، ويقول د. زين الدين:

يذهب الزميل  الدكتور يوسف كالوت في تحليله وتعليقه على القرار التأديبي الذي اتخذته مؤخراً كلية الطب بحق احد طلابها الى اعتبار التعسف في استعمال السلطة  هو وراء ذلك القرار،  كما ان  التعسف هو اساس المشاكل في الجامعة اللبنانية.

اهمية التحليل تأتي من الاضاءة على خطورة التعسف في اي موقع، وهو محقّ بذلك. لكنني ارى من ناحيتي، وقد اختبرتُ المسؤولية في مواقع متعددة، سياسية تربوية، او ادارية اكاديمية، ان اصل المشاكل في جامعتنا كما في غيرها من المؤسسات  الرسمية يعود الى تغييب القانون، عن اهمال أو استنكاف وحتى عن عمد، والاسباب يختلط فيها الشخصاني، بالحزبي، بالطائفي وغيرها.

عاشت الجامعة التغييب في مراحل متعددة من تاريخها، وهي تعيشه اليوم منذ اصبح جميع عمدائها مكلّفين بقرار من رئيسها.

 لم يعد لمجلس الجامعة وجود قانوني. علمًا انه من الأفضل، بعد انتخاب ممثلي اساتذة وحداتها،اعتبار المجلس قائماً بالقوة  وبالضرورة، والالتزام بقراراته بعد اخذ موافقة وزير الوصاية عليها لتصبح قانونية، لان القانون يضع الجامعة في عهدة رئيسها ووزير الوصاية، حال عدم وجود مجلس الجامعة لاي سبب كان.

واقع الحال، بعد طول مدة الفراغ الحكومي، تصبح الجامعة  امام معوقات اكيدة، فادارة مؤسسة بهذا الحجم وبهذه الاهمية أعلى من امكانيات شخصين مهما علت قدراتهما.

إن انسداد الافاق والمآزق التي يعيشها نظام الطوائف والمحاصصة انعكس انحلالاً وانهياراً في عمل المؤسسات وبشكل خطير على التعليم الرسمي ما دون الجامعي والجامعي. والخطورة  هنا ان الضرر غير قابل للاستدراك بسهولة كونه سينعكس على مستقبل الغالبية من شباب لبنان.

لم يسعَ  النظام اللبناني يوماً لبناء وطن يتساوى فيه الجميع دون تفرقة. فكان بابتعاده عن التعليم الرسمي واهماله اياه والاتكال على التعليم الخاص بوجوهه الطائفية  منسجماً مع ذاته،لكنه  غير مدرك للخطورة الحتمية التي سرعان ما انزلقنا بسببها الى اتون الصراع الداخلي.

ادركت العديد من النخب، من داخل النظام وخارجه خطورة هذا الامر، وكانت الضغوط الشعبية والطلابية تتصاعد،  مطالبة بحقها في التعليم والطبابة والعيش الحر الكريم مما دفع الدولة للقيام باصلاحات وتطوير أطلقهما الرئيس فؤاد شهاب واستفاد التعليم الرسمي والجامعة منذ ستينيات القرن الماضي من ذلك.

استمرت الحركة الطلابية باندفاعها القوي الى ان اندلعت الحرب في بلدنا، فابتلعت الطوائف الاطر الطلابية، كما صادرت دور النقابات التي تم تدجينها لتلعب دور الممتص للنقمة الشعبية بدل تفجيرها.

لكن حتمية الدفاع عن المصالح الوطنية، دفعت، وهنا اتكلم عن الجامعة اللبنانية حصرا، اهلها واساتذتها الاكفاء المخلصين ، الذين صانوها   واستطاعوا الذود عنها والنهوض بها الى اعلى المستويات الممكنة، رغم المعوقات السياسية والامنية والاقتصادية.

ليس سراً ان الكليات التطبيقية لم تكن موجودة على اجندة الدولة، لكن ظروف الحرب أعطت الفرصة لنخب الجامعة ليحققوا الخرق الاعلى في تطويرها. واستطاع رئيسها انذاك  (١٩٨٠- ١٩٨٨) د.جورج طعمة ان يحقق البدء بالتعليم في تلك الكليات للمرة الاولى منذ انطلاقة الجامعة في خمسينيات القرن الماضي. وتحقيق شعار ديمقراطية التعليم الذي صدحت به الحناجر لسنين خلت. ولا انتقاص بذلك من دور الحركة الطلابية او المنظمات الشبابية،بل تأريخ لواقع نحفظ فيه لاصحاب الانجازات انجازاتهم.

لقد فتحت هذه الكليات لا سيما الطب والهندسة كما العلوم، من قبل، الابواب امام نخب الطبقات الفقيرة والمتوسطة لتلعب دورها في تنمية مجتمعها وكسر احتكار تلك الاختصاصات على الطبقات العليا في المجتمع.

لقد صب الحفاظ على المستوى العالي في مصلحة الخريجين الذين استطاعوا المنافسة في اسواق العمل، ومواجهة الصورة النمطية المعادية للتعليم الرسمي والعاملة على تشويه سمعة خريجيه. علماً ان بعض الاراء، او الاتهامات، كانت تعتبر  التشدد نوعاً من الحواجز الموضوعة امام الطلاب خدمة للجامعات الخاصة. وهنا اشير، من موقع العارف والمشارك في امتحانات الدخول الى هذه الكليات لا سيما في مرحلة انطلاقها ان هاجسنا الوحيد مصلحة طلابنا وجامعتنا  والابتعاد عن كل الموبقات التي كنا نعاني منها.

اليوم يعاني التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية ارتدادات ازمة النظام وغياب الدولة والانهيارات الحاصلة على كل صعيد، وقد اضافت جائحة كورونا مصيبة اخرى تجلت في الانقطاع عن التعليم الحضوري، وعدم نجاح تجربة التعليم عن بعد، بشكل عام، ما ادى وسيؤدي الى تسرب الالاف من طلابنا او حصول الكثيرين على شهادة ورقية لا تعني شيئاً.

هنا الوجع المجتمعي الحقيقي، هنا يجب ان تتضافر الجهود ، هنا يجب الابتعاد عن الصغائر . نحن امام ازمة جيل. يجب أن نتوحد جميعنا و نجترح العجائب كي ننقض هذا الجيل من براثن الامية والهجرة والتعصب والتخلف.

عبثاً نبحث عن حلول خارج الاستقرار السياسي، او أقله الحكومي، الذي يمكن ان يعيد النظر، بعيدًا عن الارتجال،  بدور واهداف وبرامج ومناهج التعليم في لبنان، وبوسائل تحقيق تلك الاهداف.

ارجو ان لا يطول انتظارنا،حتى ذلك الحين، ندعو الله ان تبقى مؤسساتنا على قيد الحياة، ولو كما لا نحب ونتمنى.

*رئيس اكاديمية امل لتنمية القيادات

عميد كلية العلوم سابقاً

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

ثلاث طاقات متخصصة من الجامعة اللبنانية عمداء في جامعات بريطانية

بوابة التربية: عين رئيس جامعة التايمز البريطانية المفتوحة في لندن، السيناتور البروفسور مخلص الجدة، Thames …