أخبار عاجلة

شبعا عناق الصّخر والماء

بوابة التربية- كتب الأستاذ يونس محمّد علي زلزلي:

للمقـام الجبليّ الأبيض، لطواف الشّمس على الصّخور الدّهريّة الصّامدة أمام عتوّ السّنين، لسعي الرّعاة من دغشة الفجر إلى رعشة الليل بين الهضاب والأودية المترامية أقرب من مدّ نظر العاشقين، وأبعد من مرمى حجر الطّامعين، لشبعا التي “ما بينشبع من جمالها”، تندلق الكلمات من محبرة القلب على كراريس الوفاء في نعيم فراديس الحنين والمحبّة والفرادة. على دروب شبعا ماجت سنابل الذّهب والتّعب ترنو فيّاضةً بالأمل إلى وطن يضمّ أغمارها، وأعمار أبنائها إلى بيادر عنايته ورعايته.

شبعا هي الرّوضة التي ما برحت تنذر عناقيدها وبواكير أكواز تينها العسلانيّ، وسلال كرزها وخوخها وتفّاحها وتوتها البرّيّ والشّاميّ، وغلال الجوز اليانع وقمـح الحقول على موائد أعراس السّلام الموعود في الوطن المعلَّق على صليب الأزمات والأزمنة. أمّا إنسان شبعا، فهو قيسها المتيَّم الذي لا يغادر مضارب محبوبته إلا ليملأ بزنوده السّمر ربوع الوطن والغربة خوابي لا تنضب من زيت العزيمة والإرادة، ويستدرجه الشّوق، فيعاود سيرته على ضفاف نبع الجوز مستظلًّا الغيوم، وملتحفًا النّجوم في معراجه الأثير. طوبى لك شبعا ليلًا تساهرين نثار فضّة القمر في كلّ حاكورةٍ وخلّةٍ ومراح. طوبى لك تعاقرين خمرة ماء حرمون العذب القراح، ثم تنهضين إلى ناصية النّهار، فتسابقين خيوط الشّمس إلى المروج والكروم ومواعيد الفرح مع العصافير والفراشات في رقصة الحياة المترعة بالأمل والألم، والمشرعة على العذاب والعذوبة.
شبعا بوركت تفتحين أبواب قلبك، فيرى الضّيف في إنسانك طيف ملاك، او طفلًا لا تفسد براءته أيّامٌ عجاف. تبقين في البال أجمل أغنية مشتهاة، وأمنيةً بالعودة كلّ يوم إلى رحاب أرض البساطة المعقّدة التي لا نفهمها إلا عندما ندلف بوّابتك من بركة النّقّار جنب المزارع العاتية على المواقع، والدّانية من السّماء وظلال الشّهداء، فنشعر أنّنا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من عين الله الحارسة، و في شغاف قلبه الرّؤوم.
هنا نرى الله أقرب إلينا من حبل الوريد، هنا يغدو الوطن بيت القصيد.

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

كلية الفنون-4 تكرم رئيسة قسم شؤون الأساتذة والموظفين

بوابة التربية: كرمت كلية الفنون الجميلة والعمارة ـ الفرع الرابع في دير القمر رئيسة قسم …