أخبار عاجلة

غياب المساواة في قانون “الخمس سنوات” لأساتذة اللبنانية

كتب د. أحمد دمج:
يعود اقتراح قانون إضافة خمس سنوات عند احتساب المعاش التقاعدي لأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية إلى الواجهة، بعد أن أدرج على جدول أعمال مجلس النواب لعرضه على الهيئة العامة للمجلس.
إن المسوغ الذي قام عليه هذا القانون، هو أن سنوات خدمة الأستاذ الجامعي قليلة بالنسبة إلى باقي الموظفين في الدولة، فشروط تعيين أفراد الهيئة التعليمية في الملاك تتضمن حيازة شهادة الدكتوراه التي تتطلب مدة زمنية لا تقل عن تسع سنوات بعد نيل الشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، وبالتالي، فإن متوسط العمر للتعيين في هذه الوظيفة هو تسع وعشرون سنة على الاقل، وعليه فإن عدد سنوات الخدمة الفعلية لمن يتم تعيينه، لن يتجاوز الخمسة وثلاثين عند بلوغه الرابعة والستين المفضي إلى انتهاء خدمته حكماً، في حين ينشأ لغالبية الموظفين في الملاكات الأخرى بمن فيهم الذين يشترط لحيازتهم الإجازة الجامعية لتعيينهم في وظائف في الفئات الثلاث: الثالثة، والثانية، والأولى (من خارج الملاك) الحق بالمعاش التقاعدي في الحد الأقصى حين انتهاء خدماتهم حكماً، ويستفيد بعضهم من تعويض صرف عن سنوات خدماتهم بعد الأربعين، بالإضافة إلى القيمة القصوى لمعاشهم التقاعدي، آي ذلك أن حيازتهم للإجازة المذكورة، وإمكانية تعيينهم، بالتالي، في وظيفة من الوظائف المنوه عنها، تصبح متاحة مع بلوغ الثانية والعشرين من العمر، وتمتد سنوات الخدمة الفعلية عندئذ لتصل الى اثنتين وأربعين سنة.
مسوغ هذا القانون له وجاهته، ولكن بعض تسويغاته لا تنطبق على الجميع؛ فكثير من أساتذة الجامعة أتموا أو قاربوا على إتمام مجموع خدمتهم القصوى أي أربعين سنة، ومن هؤلاء أساتذة انتقلوا من التعليم الرسمي إلى الجامعة، وفي جعبتهم سنوات طويلة من الخدمة تضم إلى سنوات خدمتهم الجامعية عند تقاعدهم، بينما يحرم من القانون من دخل متأخرا إلى السلك التعليمي وفي جعبته سنوات من الخبرة التعليمية في جامعات خاصة أو في مؤسسات بحثية ولم يتم العشرين سنة في خدمته.
ومن المفارقات في هذا القانون أن نجد عند احتساب المعاش التقاعدي أن أكبر المستفيدين منه هم الذين خدموا سنوات كثيرة في الجامعة، وهؤلاء يتقاعدون بمرتب شبه كامل. وهذا يعني أن هذا القانون يزيد الغني غنى، أما الذين أتموا عشرين سنة في خدمتهم، إلا يوما واحدا، فسيحرمون من فوائد هذا القانون!
إن مطلب إضافة خمس سنوات، وإن بدا أكاديميا في ظاهره، فهو مطلب مادي بحت؛ لأن هدفه النهائي تحسين المعاش التقاعدي وهذا حق للأستاذ الجامعي بلا شك. ولكننا لو قارناه بقانون رفع سن التقاعد المقدم أيضا للمجلس النيابي، لوجدنا هذا الأخير حاجة أكاديمية حقيقية في كثير من الأحيان في جامعتنا الوطنية، وفي معظم الأحيان في جامعات العالم المتقدم.
وأكبر ثغرة في هذا القانون هي أن الأساتذة الذين لم تبلغ خدمتهم عشرين سنة يقعون خارج تطبيقه. ويرى باحثون في القانون الإداري أنه في حال لم تسد هذه الثغرة فإن القانون لن يمر بسهولة، لأنه لا يساوي بين أفراد الهيئة التعليمية، فهو يميز بين من يتم العشرين سنة خدمة ومن لا يتمها، فهو “يعطي حقوقا إضافية لمن لديه حقوق، ويحرم من ليس لديه حقوق من أدنى حقوقه وهو الحصول على معاش تقاعدي” كما أكد لنا الدكتور محيي الدين القيسي ــ أحد أهم خبراء القانون الإداري في لبنان. وأضاف د. القيسي: “حتى ولو أقر هذا القانون، فيمكن لعشرة نواب أن يقدموا طعنا فيه أمام المجلس الدستوري لمخالفتة الدستور الذي نص على مبدأ المساواة”.
إن القانون الذي بات يعرف اختصارا بقانون”الخمس سنوات” لا يساوي بين الأساتذة، ولا يحظى على توافق سياسي نيابي حتى الآن، ويرفضه في صيغته الراهنة أولئك الذين لا يتمون 20 سنة خدمة إن لم يشملهم. وهناك مساع حميدة يقوم بها البعض لإدخال تعديل عليه كي تشمل هذه الإضافة الجميع. ولكن هناك من يرى أنه من الأنسب السير به في صيغته الحالية لأن إدخال أي تعديل عليه سيتطلب عودة القانون من جديد إلى اللجان، ما قد يؤخر إقراره، مع الخشية من أن يرفض مع التعديل الجديد.
آن الأوان لتوحيد الجهود حول قانون يحفظ حقوق الأساتذة كافة بدلا من هذا التخبط؛ فجوهر أي قانون هو العدالة والمساواة.

عن mcg

شاهد أيضاً

عميد المعهد العالي للدكتوراه يفتتح حفل أسبوع المطالعة في ثانوية الرحمة

بوابة التربية: نظمت ثانوية الرحمة (كفرجوز-الجنوب) التابعة لمدارس المبرّات، الأسبوع الثقافي التاسع عشر ومعرض الكتاب  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *