أخبار عاجلة

فضل الله في مؤتمر المبرات الـ26: نعيش قلق المعرفة

 

دعا رئيس جمعية المبرّات الخيرية السيد علي فضل الله العاملين في المبرّات إلى أن يعيشوا قلق المعرفة وقلق التطوير وقلق مواكبة كل جديد، كلام سماحته جاء في الكلمة التي ألقاها في المؤتمر التربوي السادس والعشرين للمبرّات بعنوان: “الرعاية المهنية في المجتمع التربوي – احتضان وتمكين” في قاعة السيدة الزهراء في حارة حريك بحضور فاعليات تربوية واجتماعية وأكاديمية ودينية وبلدية وثقافية، وحشد من تربويي مؤسسات المبرّات في لبنان.

ورأى سماحته أن: “مؤسسات المبرّات تحمل هم التميز في الرؤية والممارسة والأهداف، والاغتناء بالعلوم والمعارف التي تؤهلها لإحداث التطوير المستمر انطلاقاً من توجهات مؤسسها الذي كان دائماً يصر على العاملين في هذه المؤسسات والقائمين عليها بأن يتميزوا”، مشيراً إلى أن “على العاملين في هذه المؤسسات أن يعيشوا دائماً في قلق، قلق المعرفة وقلق التطوير وقلق مواكبة كل جديد”.

وخاطب تربويي المبرّات بالقول: “نحن نعترف أننا قد أتعبناكم من خلال دورات التطوير المستمر التي اعتبرناها أساساً في عملنا أو التكاليف التي تحملونها، ولعل هذا قدر كل الذين يعملون في مؤسسات قال مؤسسها “الراحة عليَّ حرام”، وهو يقصد الراحة الجسدية، هو لا يعني أن لا راحة في هذه المؤسسات، لكن مفهوم الراحة مختلف، الراحة تكون عندما نعذر إلى الله بأننا أدينا الأمانة ووفينا إلى الأجيال هذه الأمانة، وراحتنا عندما نرى جموع متخرجينا وهم يتصدرون المواقع في الجامعات وعندما نبني فيهم شخصيات متوازنة في إيمانها وفي وعيها لواقعها، لا تعرف حقداً أو انغلاقاً أو رفضاً للآخر أو جموداً، بل انفتاحاً وحواراً ومد جسور التواصل مع الآخر”.

وأشار سماحته إلى أنه ينبغي على “كل واحد في هذه المؤسسات أن يخرج عن كونه متلقياً يكتفي بما يقدم له، بل باحثاً وساعياً ومتطلعاً بشوق ورغبة ومحبة إلى كل من يملك علماً وخبرة، أو إلى كل من ينتقده أو يبدي له بنصيحة، أن يسعى كما يقال ــ بالسراج والفتيل ــ إلى من يستفيد منه ويزيده علماً ليجد ضالته، من دون أن يتوقف عند الاعتبارات التي غالباً ما نتوقف عندها”.

وقال: “إننا أحوج ما نكون في هذا العصر إلى رعاية واستشارة وتسديد ونصح، لنعرف أكثر، ولنحمي أنفسنا من فوضى المعلومات التي أنتجتها ثورة المعلومات، والتي يدخل فيها الغث والسمين، والخبر الدقيق وغير الدقيق، إننا أحوج ما نكون إلى راع يمكّننا من تجاوز الأخطاء وبلوغ الصواب، وما خاب من استشار. ومن الطبيعي أن نكون على حذر عند اختيار من نرجع إليه ونكون في رعايته، فلا نختار أحداً إلا بعد أن نثق به ونطمئن إلى حرصه ومحبته وعنايته بنا، فتكون آلامه آلامنا”.

وأكّد السيد فضل الله أنّ “من مسؤوليتنا، ونحن من يتولى التعليم والتربية والبناء، أن نكون رعاة لمن هم في رعايتنا، أن نبني في أنفسنا مقومات هذه الرعاية، أن نمتلك كل المؤهلات العلمية والفكرية والإدارية والروحية التي ترفع من عطائنا وأدائنا وأسلوبنا بما يقربنا منهم ويجعلنا موضع طمأنينة لهم، وهذا نبلغه بالمحبة، بالحرص عليهم، باحتضانهم، بمواكبتهم، بحمايتهم وتمكينهم”.

وختم قائلاً: “إننا في هذه المرحلة أحوج ما نكون إلى الرعاة في كل الواقع الذي نعيشه حيث لم تعد الأسر تقوم بدورها، الأب والأم مشغولان، ومنسوب القيم يضعف، وتزداد سبل الانحراف، وتعيش أجيالنا في ظل أمواج عاتية تأخذهم يميناً وشمالاً، وحيث تستشري فوضى التفكير. لذلك ندعوكم إلى أن تكونوا من هؤلاء الرعاة لتلامذتكم، أن تشكلوا صمام الأمان لهم لنحميهم ولنعرّفهم التفكير السليم، ونعيش معهم الأخلاق الحسنة، حتى لا يضيعوا في معركة الحياة”.

مدير عام التعليم المهني والتقني   

وتخلّل المؤتمر كلمة لمدير عام التعليم المهني والتقني أحمد دياب ممثلاً وزير التربية مروان حمادة، أشار فيها إلى أن “التمكين هو تقديم شخص كفوء وذي أخلاق إلى المجتمع، يتمتع بمهنية وثقافة عالية، وإذا نُفذت هذه المهمة نكون أمام مجتمع تربوي تولّى الرعاية الشاملة ومكّنه من الدخول إلى المجتمعات”.

وأضاف: “أهم ما في التربية هي الأخلاق، وهي ركيزة أساسية في بناء الفرد وتمكينه”، مشيراً إلى أن: “المجتمع التربوي يجب أن يُفهم بمفهومه الشامل للعلم، وأن يوجّه الفرد وفقاً لحاجات المجتمع وحاجات الدولة وكفاياته وإمكانياته”.

مدير عام المبرّات

وألقى مدير عام جمعية المبرّات الخيرية الدكتور محمد باقر فضل الله كلمة شدّد فيها على “ضرورة تشجيع مؤسسات التعليم الأكاديمي والتعليم المهني والتقني ومؤسسات التدريب لتقوية الروابط مع أصحاب العمل في كل جوانب عملهم، بدءاً من التخطيط وتقييم حاجات السوق، وصولاً إلى تطوير المعايير الوظيفية والمناهج التعليمية وتنفيذ البرامج التدريبية في مواقع العمل، وتقديم خدمات الإرشاد المهني مدى الحياة”.

وأضاف: ” نحن بحاجة إلى أن نبادر ونخطط ونخطو خطوة رائدة وأساسية لكي لا نخرّج من مؤسساتنا شباباً عاطلين عن العمل وذلك بالتواصل المستمر مع الفعاليات من أصحاب العمل والفعاليات في الدولة والقطاع الخاص لتشجيعهم على أخذ أدوارهم في توجيه ودعم التعليم لتفعيل الإنتاجية، ويتطلب هذا الأمر أيضاً وضع إطار دائم للرعاية المهنية للطلاب والأبناء ابتداءً من مرحلة التعلم المبكر (رياض الأطفال والحلقة الأولى) مروراً بكل مراحل الدراسة وصولاً إلى التعليم الجامعي وعند دخول سوق العمل”.

وقال: “كما بادرت مؤسسات المبرّات في الثمانينات من القرن الماضي، عندما تراجع التعليم في لبنان وتزايدت الحاجة إلى الرعاية الشاملة، بادرت إلى إنشاء مؤسسات تؤمّن التربية والتعليم النوعي الذي يبني مواطناً صالحاً منتجاً، فإن علينا، بغض النظر عن التحديات الاجتماعية والاقتصادية، أن نبادر لنرى تلامذتنا وأبناءنا يفكرون مهنياً منذ نعومة أظافرهم”.

ودعا إلى البحث والتفكّر والتحليل للوصول إلى وضع أطر عملية لنشر ثقافة وممارسة الرعاية المهنية كخيار استراتيجي لبناء الفرق القيادية من العاملين بمختلف فئاتهم ومستوياتهم وبما يشكّل ضمانة لاستدامة المؤسسات”.

ولفت فضل الله إلى أن “المبرّات تبنّت مشروع التدريب على مهارات التعلم العميق في القرن الواحد والعشرين، و ذلك  بالشراكة مع المركز الثقافي البريطاني”، معتبراً أن هذا المشروع “يشكّل إطاراً عملياً للكفايات التي نطمح إلى تحقيقها من خلال الرعاية المهنية لتلامذتنا”.

ورأى أن “هذا المشروع يهدف إلى تمكين التلامذة من المهارات الأساسية التي تساعدهم في ظل التطورات السريعة والمعقدة لثورة التكنولوجيا والمعرفة التي يشهدها العالم، على التعلم الذاتي والانتقال من المعرفة السطحية لأي موضوع أو مفهوم إلى العمق. كذلك تمكينهم من مهارات التفكير الناقد المبني على الأدلة والحجج والبراهين الموضوعية والعلمية الدقيقة ومهارات التواصل والتعاون، وحل المشكلات التي تواجههم في حياتهم العلمية والمهنية، بعيداً عن التعصب وإصدار الأحكام دون تحليل ودراسة معمقة، وبالاستخدام السليم والواعي لأحدث الوسائل وأساليب التواصل وتكنولوجيا المعلومات”.

وأشار الدكتور فضل الله إلى أن “المركز التربوي للبحوث والإنماء تبنّى مشروع مهارات القرن الواحد والعشرين كإحدى معايير المناهج التي يعمل حالياً على تحديثها”.

وذكّر بأن المبرّات “كانت ولا زالت تشارك وتساهم بشكل فعّال مع المركز التربوي ووزارة التربية في كل ما يمكن أن يخدم تطوير المناهج والبرامج التعليمية وتحسين فرص التعليم لكل تلامذة لبنان، وذلك منذ بدء مشروع خطة النهوض التربوي عام 1993 والمساهمة الفعالة في تنفيذ الخطة داخل مدارسها ومن ثم المشاركة في الدراسات التي أجريت بالشراكة مع الهيئة الوطنية للبحوث التربوية لتقييم المناهج الجديدة عام 1999”..

وأضاف: “بدأنا مع المركز التربوي تجربة التربية الشمولية عام 2000 والتي تم تعديل اسمها لاحقاً إلى التربية التكاملية، وقد استمرت مدارس المبرّات في التجربة وعممتها، وكان لها فضل المساهمة في تدريب أكثر من وفد عربي في البلدان التي اعتمدت التربية التكاملية في مناهجها. كما كانت مدارس المبرّات سبّاقة في مواكبة التقييم المبني على الكفايات، وبادرت مع المركز التربوي إلى تجربة كراسات التقييم التي وُضعت ثم توقفت لتنطلق بعدها المناهج المطوّرة للروضات والحلقة الأولى، وكنّا من أوائل المبادرين إلى تطبيقها التجريبي في مدارسنا ومن ثم تعميمها”.

وتابع: “حالياً أقرّ المركز التربوي اعتماد مقاربة التعليم الإدماجي للبدء في تطبيقها للحلقة الثانية، كما يوجد مشاريع جديدة يعمل عليها لتحسين جودة التعليم في لبنان من ضمن برنامج  RACE2 الذي يتم تمويله من عدة جهات دولية منها تطوير المناهج المبنية على الكفايات والإطار الوطني لكفايات المعلمين وإطار كفايات للمديرين، وإيجاد برامج الدعم النفس – اجتماعي من ضمن المناهج، والتعليم المتمايز، وإدماج تكنولوجيا التعليم”.

ولفت إلى أن المبرّات “ممثلة حالياً، كما سابقاً، في الهيئة العليا لتطوير المناهج التي تشرف على إنجاز هذه المشاريع، مؤكداً على “استمرار التزام المبرّات بالمشاركة بفعالية في كل دراسات التقويم التي يجريها المركز وورش العمل التي تناقش تعديل وتطوير المناهج والامتحانات الرسمية من معايير، ومضمون كل هذا تعبير عملي صادق عن الرعاية المهنية للمبرات ومؤسساتها ضمن المجتمع التربوي للوطن ككل”.

وتطرّق الدكتور فضل الله إلى “الدور المتميز للمؤسسات الرعائية في المبرّات من خلال المساهمة الفعالة مع وزارة الشؤون الاجتماعية في وضع معايير الجودة ومؤشراتها للعمل الرعائي في لبنان، وكذلك في الجهد الرائد الذي أنتج معايير ومؤشرات ومحكات تفصيلية لدليل التميز المؤسسي، وصولاً لمنح شهادة اعتماد التميز في العمل الرعائي”.

وتحدّث عن مشروع القيم الحاكمة في المبرّات قائلاً: “المبرّات تعمل على هذا المشروع نظراً لأهميته ضمن الواقع الحالي، ولحاجتنا إليه من أجل تظهير صورة الإسلام الأصيل في لقائه مع الأديان السماوية الأخرى وذلك في ظل التشويه والتشكيك وصولاً إلى بعض حالات الإلحاد التي لا نستطيع تجاهلها وغض النظر عنها حتى مع قلّتها”.

وحول سلسلة الرتب والرواتب وتداعياتها على المجتمع التربوي قال الدكتور فضل الله: “إن وجود المبرّات في مجتمعنا ساهم في حل جزء من المشاكل الاجتماعية ذات الصلة باليتم والفقر وتحسين مستويات المعيشة، ضمن الإمكانات، وحل جزءاً من مشكلة البطالة بإيجاد وظائف لما يزيد عن خمسة آلاف وثلاثماية موظف في مختلف مؤسساتها. وفضلاً عن الرواتب فإن المبرّات تقدّم المساعدات الاجتماعية للعاملين والتي بلغت في العام الماضي ما يقارب مليون ومئتي ألف دولار أمريكي والمساعدات المدرسية التي وصلت إلى 1.750.000$”.

وأضاف: “ها هي المبرّات اليوم تقف أمام سلسلة الرتب والرواتب وتداعياتها على المجتمع التربوي مشيرين إلى أن سلفة غلاء المعيشة قد دفعتها الجمعية للعاملين منذ بداية العام 2012، وإننا سنبقى شركاء فعليين مع المعلمين والأهالي، لأن الكل جسد واحد في الحفاظ على هذه المؤسسات”.

وختم: “سوف نبقى نتعاون مع اتحاد المؤسسات التربوية في متابعة مسار قانون السلسلة بما يضمن حقوق المعلمين مع الحرص على التوازن السليم لإمكانية استمرار المدارس في تأدية رسالتها، مقدّرين هذه الحقوق المشروعة والمتوازنة مع حقوق الآخرين شركاء التربية من التلامذة والأهل”.

ندوة حوارية

بعد ذلك قدّمت الفرقة الفنية في مجمع دوحة المبرّات التربوي الرعائي أنشودة “موطني”، أعقبها ندوة حوارية حول “الرعاية المهنية في المجتمع التربوي” أدارها منسّق مكتب مديرية التربية والتعليم في المبرّات فايز جلول، وتحدّث فيها كل من الدكتورة ريما كرامي، الدكتور صوما أبو جودة والأستاذة إلهام قماطي.

افتتحت الندوة الدكتورة ريما كرامي بتعريف عن الرعاية المهنية وأدوارها المعرفية والسلطوية والمعنوية، مشيرة إلى “أن الرعاية المهنية هي مقاربة ومنحى ذهني وليست آلية عمل، ثم عرضت لنموذجين من الرعاية المهنية في الدمام وفي المبرّات”.

وتحدّث في الندوة الدكتور صوما أبو جودة عن الرعاية المهنية وأخلاقياتها ومعاييرها المهنية، والمعارف والمهارات المطلوبة من المربين والمعلمين، وارتباطها بسوق العمل والمهن المستقبلية، وحاجات القرن الواحد والعشرين، مؤكداً على “ضرورة معرفة المعلم باستراتيجيات التعليم، والعلاقات المهنية بين الزملاء والأهل والمجتمع والإدارة، والمرتبطة بالقيم والأخلاقيات المهنية”.

وكانت للأستاذة إلهام قماطي مداخلة تحدّثت فيها عن ضرورة توثيق تجارب الرعاية المهنية والتطوير المستمر، مشيرة إلى تجربتها في إدارة ثانوية الغبيري الرسمية والتحديات التي واجهتها، ثم عرضت لتجربة الإدارة المدرسية الحديثة مع عينة من 16 مؤسسة تربوية، ولمشروع “دراستي” ومشروع “الإنماء التربوي الثاني” في وزارة التربية.

أعقب ذلك تكريم للطلاب الأوائل في لبنان في الشهادات الرسمية الثانوية المتوسطة والمهنية.

 

عن mcg

شاهد أيضاً

نقابة المعلمين ترفع الصوت: صندوق التعويضات في طريقه إلى الزوال

بوابة التربية: دعت نقابة المعلمين في لبنان الرئيس نبيه بري إلى دعوة مجلس النواب لجلسة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *