أخبار عاجلة

وظيفة المدرسة التّغييريّة

بوابة التربية: في  القسم السّابع من مقالاتها، المتعلّقة بوظائف المدرس تتناول د. *ندى عويجان

وظيفة المدرسة التّغييرية”، وتقول:

  تُنتج المدرسة نوات القيادات التّغييريّة والنّخب الرياديّة الحاملة للتّغيير الإيجابي الهادف، في جميع ميادين حياة المجتمع،

– تتفاعل في المدرسة المكوّنات المختلفة، فيختبر التّلامذة التّعبير والتّواصل والتّفاعل والتّعاون ومفهوم الاختلاف.

تُعتبر المدرسة الإمتداد الطّبيعي والصّورة الحيّة للمجتمع. فهي تتضمّن نظام كامل ومتكامل يَعكس الأطر العامّة للحياة الإجتماعيّة. وكأنّنا في وضعيّة تماثُل (Symmetrical) بين الوسط المدرسي والوسط الإجتماعي.

تُنتج المدرسة نوات التّغيير من خلال تلامذتها. فتعمل على تشخيص النّخب الرياديّة، والمجموعات الأخرى الدّاعمة. وتجعل منهم أفراداً ملتزمين، ومبادرين، ومبدعين، وواعيين ومسؤولين ومسائلين ومشاركين في عمليّة التّغيير والتّغيّر. وتُرسّخ فيهم، منذ الصّغر، ثقافة المجتمع المتعدّدة الأبعاد، ومنظومة القيم الوجدانيّة والإنسانيّة والوطنيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة والسياسيّة والبيئيّة وغيرها. وتدعمهم بشتّى المعارف والمهارات والمواقف التي تعزّز مساهمتهم في التّغيير البنيوي الإيجابي، المرتكز على البدائل الموضوعيّة الهادفة والقابلة للتّطبيق والمنسجمة مع أنظمة وعناصر المجتمع الأخرى.

تُعتبر المدرسة البيئة المثاليّة لجميع أنواع التّعبير، ولجميع أشكال التّفاعلات المتشابهة والمختلفة والمتكاملة. ودون أن تدري، تهيّئ المدرسة براعم الحركات التّغييريّة المستقبليّة. فتتبلور الشخصيّات الثوريّة التّغييريّة الواعية والمسؤولة. ويأتي التّغيير في وقت لاحق، إمّا بطريقة هادئة وصامتة وسلسة، وإمّا بطريقة بركانيّة وصاخبة وتمرّدّيّة.

– تُنتج المدرسة نوات القيادات التّغييريّة ذات الشّخصيّة المتميّزة والكاريزماتيّة العالية، المشجّعة والراعية للتّغيير والتّغيّر، المؤثّرة بالناس والمحبّبة والمقنعة للرأي العام، الواثقة من قدراتها والمثابرة لتحقيق الأهداف والطّموحات. قيادات مستقبليّة حاملة للتّغيير الواعي في شتّى ميادين الحياة، ولديها ذكاء انفعالي عال. قيادات مستقبليّة مناضلة وصلبة ، تكون المثال والقدوة في مواجهة المشاكل والصّعوبات، وفي مقاومة الإغراءات على أنواعها دفاعا عن القناعات والمسلمّات الأساسيّة، الشخصيّة والاجتماعيّة والوطنيّة.

– تزوّد المدرسة التّلامذة بالكفايات الذاتيّة والحياتيّة والعلميّة، وتوجّههم وتدرّبهم على الطرائق والاستراتيجيّات المناسبة لتذكّر المعرفة على أنواعها (في الحياة، في الفلسفة، في الاقتصاد، في العلوم، في الفنون، في الرّياضة وغيرها)، ولفهم هذه المعرفة وتطبيقها وربطها أفقياً وعامودياً، ومن ثم لتحليلها وتقييمها وتجديد إنتاجها. هنا تأتي مرحلة الإبتكار والإبداع والتّغيير الحقيقي، جوهر العمليّة التّربويّة.

– من ناحية أخرى، تعزّز المدرسة آليّة التّعبير عند التّلامذة على أشكاله، بشرط أن لا تتعارض مع “احترام حقوق الغير أو سمعتهم” أو “حماية الأمن الوطني أو النّظام العام أو الصّحّة العامّة أو الآداب العامّة”. فيتداخل في وضعيّات مختلفة (مناظرة، عرض بحث، إلقاء محاضرة، وغيرها)، التّعبير اللفظي مع الكتابي والطّباعي، مع التّعبير الأدائي (تمثيل، رقص، غناء …)، مع التعبير المبني على الرّسم أو على بناء المجسّمات الثلاتيّة اللأبعاد، مع إدخال البرمجة والتّقنيّات التّكنولوجيّة الحديثة وأيّة وسيلة أخرى متاحة. الأمر الذي يسهم في رفاه التّلامذة، وصفاء أفكارههم، وتمكّنهم من تحديد ماذا ومتى وكيف وأين يعبّرون، وتعزيز جرأتهم ليكونوا أداة فاعلة للتّغيير الإيجابي الهادف.

– تتفاعل في المدرسة المكوّنات البشريّة (التّلامذة والمعّلمين والإداريّين والعمّال)، مع المكوّنات الماديّة (الأبنية والبيئة الطّبيعيّة والتّجهيزات والأدوات)، مع مكوّنات السّياسة التربويّة العامّة (منظومة المناهج التّعليميّة والأنشطة اللاصفيّة)، مع مكوّنات المدرسة الخاصّة (رسالة المدرسة، الرؤية، الأهداف، المشروع، النّظام الداخلي، الثقافة السائدة، القيم والأعراف …). فيتعلّم التّلامذة التّواصل والتّفاعل والتّعاون ويختبرون العلاقات المنظّمة وغير المنظّمة في الوسط المدرسي.

– يختبر التّلامذة أيضا في المدرسة، مفهوم الاختلاف ويطبّقونه ويتفاعلون ويتأقلمون معه. فنجد في المدرسة اختلاف الجنس والعمر والطّبقة الاجتماعيّة ونوع العائلة وثقافتها والخبرات الشّخصيّة وغيرها، واختلاف الأدوار وتنوّع وتشعّب المقررات التعليميّة والأنشطة التّابعة لها وغيرها الكثير.

– وبناء على ما ذكر، تُعتبر المدرسة المجتمع المصغّر الموازي للمجتمع الأكبر، حيث تتواجه النّخب التّغييريّة والقوى الدّاعمة لها مع القوى المعارضة للتّغيير، وتنشأ الأحزاب السياسيّة والوطنيّة بالقول والفعل، ويعيش المجتمع حقابات تغييريّة متعدّدة كالتّغيير الطّبيعي البسيط والتّغيير الجذري والتّغيير الثوري وغيره.

هل يعي المسؤولون في بلادي أن التّغيير البنّاء يبدأ في المدرسة ؟

هل يعي المسؤولون في بلادي أنّ القيادات التّغييريّة المستقبليّة تنشأ وتتطوّر في المدرسة؟

هل تعي السّلطة الحاكمة والقيادات التربويّة أن الإستثمار في المدرسة يؤدّي الى تعزيز النّخب الرياديّة الحاملة للتّغيير الإيجابي الهادف، في جميع ميادين حياة المجتمع؟

*أستاذة في الجامعة اللبنانية وباحثة تربوية

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

الإضراب من أبوابه الواسعة في الجامعة اللبنانية

بوابة التربية- خاص: تقف الجامعة اللبنانية على مفترق طرق بسبب أوضاع الأساتذة المتعاقدين فيها، فمنذ …