بوابة التربية:- كتب د. منصور العنز:
في زاوية منسية من زوايا هذا الوطن، يقف مدير المدرسة الرسمية في لبنان مثقل الكاهل، مرهقًا لا من قيادة تربوية ولا من تحفيز الكادر التعليمي أو ابتكار مشاريع تنموية لطلابه، بل من أكوام المعاملات، ومطاردات المصارف، ومتابعة التحويلات والملفات المالية والإدارية التي لا تنتهي.
مدير المدرسة اليوم لم يعد ذاك القائد التربوي صاحب الرؤية والبصيرة، بل تحوّل – رغمًا عنه – إلى محاسب، و”مُعقّب معاملات”، ومراقب مصرفي، ومتابع لصندوق الضمان، ومعدّ للموازنات الإلكترونية الخاصة بصندوق المدرسة ومجلس الأهل، ومُدخل للبيانات المالية من رواتب ومساعدات، ومُخرج لها كنفقات فعلية بعد اقتطاع العمولات المصرفية… هذا غير الجهد المضني، والوقت الضائع في دهاليز الأنظمة المعقّدة والتعليمات المتغيرة باستمرار.
مدير المدرسة اليوم هو من يسهر على إيصال الأموال إلى المتعاقدين والعاملين، ويتابع حساباتهم في المصارف، رغم أن الوزارة نفسها طلبت منهم فتح حسابات شخصية! فهل من المنطق أن تمرّ كل هذه الأموال عبر صندوق المدرسة؟ وهل يُعقل أن يُنهك المدير بإدارة مالية تفصيلية، بدلًا من أن يُخصّص وقته لوضع رؤية تطويرية لمدرسته؟
أيّها المعنيون في وزارة التربية، هل بقي في يوم المدير لحظة واحدة يفكّر فيها بتطوير بيئة التعليم؟ هل بقي لديه وقت ليخطط، ليبتكر، ليقود السفينة كما يجب؟
نعم، كل ما نطلبه هو أن تعوا أن مدير المدرسة ليس موظفًا إدارياً عادياً، بل هو قائد تربوي، وصاحب رسالة. كفّوا عن تحميله أعباءً ليست من صلب عمله، واتركوا له فسحة من الكرامة والوقت كي يقود مدرسته بأمان.
ارحموا قادة المدارس من هذا العبء المالي-الإداري المتضخم. ارحموهم لتُرحم سفينة التعليم من الغرق… فالسفينة على وشك الانهيار، وقبطانها يُصارع وحده الأمواج!