لقد أصبح الذكاء الاصطناعي في عصر التحول الرقمي أحد أهم الأدوات التي تقود الابتكار وتحسين الكفاءة في مختلف القطاعات، حيث يمثل فرصة غير مسبوقة لتطوير مفاهيم الجودة الشاملة في المؤسسات من خلال تقديم تقنيات تحليل متقدمة وتعزيز التوقعات واتخاذ القرارات بناءً على البيانات، اليوم تحتاج الشركات إلى بذل كل ما في وسعها لتحسين الجودة ورضا العملاء وهنا تأتي مهمّة مجال إدارة الجودة الشاملة.
سنقدم في هذه المقالة نظرة عامة على مجال إدارة الجودة الشاملة حيث سنناقش مبادئ إدارة الجودة الشّاملة، بالإضافة إلى التعرّف على أهمية تقنيّات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في هذا المجال ومدى تأثيرها المستقبلي من إيجابيات وسلبيات.
أولاً// مفهوم إدارة الجودة الشاملة:
إن إدارة الجودة الشاملة من أحدث المداخل الإدارية التي يراد من خلال تبنيها الارتقاء بمستوى الأداء وصولاً الى الأهداف المنشودة، ولقد اختلف الباحثون في تعريفها فقد عرفتها منظمة المقاييس العالمية iso على أنها عرف متأصل وشامل في أسلوب القيادة والتشغيل لمنظمة ما بهدف التحسين المستمر في الأداء على المدى الطويل من خلال التركيز على متطلبات وتوقعات الزبائن مع عدم اغفال متطلبات المساهمين وجميع أصحاب المصالح الأخرى.
ثانياً: مبادئ إدارة الجودة الشاملة:
رصد المهتمين بمجال إدارة الجودة الشاملة عدداً من المبادئ الهامة في هذا المجال نذكر بعضاً منها:
رضا العملاء، رضا العاملين، جودة المنتج، التدريب المستمر، تنمية الابداع والابتكار، الايمان بأهمية إدارة التغيير، لا قيمة للكم بدون جودة.
ثالثاً: مميزات إدارة الجودة الشاملة:
- تقليل العمليات الإدارية واتقانها.
- تبسيط النماذج والإجراءات.
- زيادة الإنتاجية.
- تقليل شكاوى العملاء.
- التحسين المستمر.
- تقليل الفاقد.
رابعاً: التّعاون بين مجال الذكاء الاصطناعي ومجال الجودة الشّاملة
إنّ التّعاون بين المجالين لديه القدرة على إحداث ثورة في الطريقة التي تدير بها المنظمات الجودة من خلال الجمع بين نقاط القوة فيهما حيث يمكن للمنظمات تحقيق مستوى من الجودة لم يكن من الممكن تحقيقه في السابق، ولا شكّ أنهما يتقاربان بشكل متزايد مع مرور الوقت وتطوّر العصر الرقمي، حيث يمكن استخدام الذّكاء الاصطناعي لأتمتة العديد من المهام المتضمنة في إدارة الجودة الشاملة مثل جمع البيانات والتحليل وإعداد التقارير بالتّالي يؤدي ذلك إلى تحرير الموارد البشرية للتركيز على المزيد من الأنشطة الاستراتيجية.
ويمكن أيضاً استخدام الذّكاء الاصطناعي لتحسين فعالية مجال إدارة الجودة الشاملة من خلال توفير رؤى لا يمكن الحصول عليها بالطرق التقليدية مثل استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنماط في البيانات التي يصعب أو يستحيل اكتشافها بالعين المجردة.
بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات من مجموعة متنوعة من المصادر مثل أجهزة الاستشعار والآلات واستطلاعات العملاء، بالتّالي يتم استخدام هذه البيانات لتحديد الاتجاهات والأنماط التي يمكن أن تساعد المؤسسات على تحسين منتجاتها وخدماتها.
ولا يزال التعاون بين الذكاء الاصطناعي وإدارة الجودة الشّاملة في مراحله الأولى.
خامساً: تقنيّات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مجال إدارة الجودة الشّاملة
إليك أهم هذه التقنيّات المستخدمة ضمن مجال إدارة الجودة الشّاملة:
حيث يمكن استخدامه لتحليل كميات كبيرة من البيانات لتحديد الأنماط والاتجاهات التي يمكن أن تساعد المؤسسات على تحسين منتجاتها وخدماتها، حيث يمكن استخدامها لتحديد العيوب في المنتجات والتنبؤ بضغوط العملاء وتحسين عمليات الإنتاج.
تقوم على تحليل ملاحظات العملاء وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين، فيمكن استخدامها لتحديد مشاعر العملاء وتحديد الشكاوى الشائعة وتقديم الاقتراحات المناسبة للتّحسين.
يتمّ استخدامها لفحص المنتجات والعمليات بحثا عن العيوب، فيمكن استخدامها لفحص الأجزاء المصنعة بحثا عن العيوب أو لمراقبة خطوط التجميع بحثاً عن مشكلات الجودة.
يمكن استخدامها لأتمتة المهام التي يؤديها البشر حالياً مثل أداء مهام الصيانة وفحص المنتجات بحثًا عن العيوب أو جمع البيانات من أجهزة الاستشعار على خطوط الإنتاج.
سادساً: أهمية تقنيّات الذكاء الاصطناعي لمجال إدارة الجودة الشّاملة
تتمتع تقنيات الذكاء الاصطناعي بأهمية كبيرة في مجال إدارة الجودة الشّاملة، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية شهدنا التطور في توظيفها لتحسين أداء وجودة العمليات في مختلف القطاعات.
ويمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تسهم في تحسين عمليات اتخاذ القرارات في إدارة الجودة الشّاملة، حيث يمكن للنظم الذكية تحليل البيانات التاريخية والمعايير القياسية وتقديم اقتراحات تساعد على اتخاذ القرارات الاستراتيجية وتحديد الأولويات وتنفيذ تحسينات فعالة.
لذلك تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في تحقيق الجودة الشاملة في المؤسسات حيث تمكن من تحسين الكفاءة والاستدامة وتوجيه التحسينات المستمرة مما يعزز سمعة المؤسسة ويعطيها ميزة تنافسية في سوق الأعمال.
سابعاً: مستقبل إدارة الجودة الشّاملة باستخدام الذكاء الاصطناعي
لا يمكن إنكار المستقبل الذي ينتظر تعاون المجالين، حيث أن التوافق المبهر بينهما يعبّر عن المستقبل الواعد، وإليك بعض الأمثلة:
حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء مساعدين افتراضيين يمكنهم مساعدة الموظفين في المهام المتعلقة بالجودة، بالتّالي يمكن الإجابة على أسئلة حول إجراءات الجودة، وتقديم إرشادات حول كيفية تحسينا المساعدة في تحديد مشاكلها وحلها.
بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير أدوات وتقنيات جديدة لتحسين الجودة، على سبيل المثال يمكن استخدامه لإنشاء أدوات يمكن أن تساعد المؤسسات على التنبؤ بالمشكلات المحتملة قبل حدوثها.
الخلاصة
من المؤكّد أن المستقبل سيكون بالمزيد من التّعاون بين المجالين مما يحقق التميز المؤسسي للمؤسسات التي ستقوم بتوظيفهما لذا فمن المهم على المؤسسات التي تحرص على تقديم أفضل خدمة أو سلعة أن تواكب التطور الذي اجتاح عالمنا الحالي.
المصادر:
- بطاح، أحمد محمد، والطعاني، حسن أحمد. (2015). الإدارة التربوية (رؤية معاصرة). عمان: دار الفكر.
- أبو النصر، مدحت محمد محمود. (2015). إدارة الجودة الشاملة: استراتيجية كايزن اليابانية لتطوير المنظمات. القاهرة: المجموعة العربية للنشر والتدريب.
- محسن، عبد الكريم، والنجار، صباح مجيد. (2012). إدارة الإنتاج والعمليات. بغداد: الذاكرة.
- The importance of AI in TQM. (2024). Available at https://www.linkedin.com/pulse/importance-ai-quality-management-systems-new-yjtdf
- إدارة الجودة الشاملة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي .(2023) متاح على
- عقوني، محمد. (2024). الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة.
الكاتب: أ.م. تسنيم رأفت كراز
بكالوريوس هندسة الحاسوب من الجامعة الإسلامية بغزة ودبلوم التأهيل التربوي وطالبة دراسات عليا في درجة الماجستير تخصص الإدارة التربوية – الجامعة الإسلامية.