بوابة التربية- كتبت سعاد عبد القادر القصير:
هل يعود غريندايزر (شخصية كرتونية) ليحمل من جديد القضية الفلسطينية؟
لم يكن لهذه الشّخصية مرورًا عابرًا في طفولتنا، وإنّما كانت القدوة التي امتثلنا بها أمام الحروب التي نشأنا على وقعها. وكانت القضيّة الفلسطينيّة إحدى أهم الأسس التي جعلت من هذه الشّخصية مصدر إلهام للشّباب العربيّ.
وبعد أن خابت الآمال سنين طوال أمام الانهزامات المتكرّرة التي عانى منها العالم العربيّ، نجد اليوم جيل غريندايزر قد تحرّر من عالم الطّفولة، ليتّحد مع أفكاره البطوليّة في سبيل تحرير الأرض الخضراء.
“طوفان الأقصى” عنوان عمليّة عسكريّة لم تخلُ من المفاجآت التي صدمت العالم أجمع، الدّفاع عن الأرض، عن الإنسان، عن الخير الذي اغتصبه العدوّ؛ رجال شجعان أشبه بدايزر يقود كلّ واحد منهم مركبته السّبيزر، وكأنّ غريندايزر تحوّل من الخيال إلى الحقيقة، حقيقة فلسطينيّة مثّلت الحلم الذي تربّع على عرش آمال العرب وطموحاتهم؛ واقع تمنّته الشّعوب العربيّة لتعيش الانتصار المستحقّ.
ربّما تكون هذه المعارك واحدة من المعارك الكثيرة التي خاضها الشّباب الفلسطيني، ولكنّها معركة فاصلة في التّقنيّات والأسلوب. لربّما يكون التّطوّر التّكنولوجيّ والذّكاء الاصطناعيّ الذي وضعه الغرب بين أيدينا بهدف السّيطرة على عقولنا العربيّة، هو نفسه السّلاح الذي سيستخدمه أبطال القضيّة في سبيل التّحرير واستعادة الفريسة من فم الذّئب.
فلم تكن المقاومة الفلسطينيّة غائبة عمّا يدور في العالم، والمواجهات اليوميّة مع العدوّ لم تجعل من الشّباب الفلسطينيّ شبابًا جاهلًا عن الثّقافة التّكنولوجيّة التي غزت العالم كما غزت الدّماء أرضهم. وما هذه المعركة إلّا دليل أنّ طوفان الدّماء سيكون هذه المرّة صنيعة أيديهم، وبقرارهم، وبخطًى ثابتة نحو المصير المحتّم.
فهل ذكاؤهم الاصطناعيّ يقتلهم على أيدي أعدائهم العرب؟
لم تعد القبّة الحديديّة حديديّة اليوم، فلا بدّ لها أن ترتدي لباس الخزي والعار أمام شعبها المنهزم إبّان اختراقها من أبطال المقاومة الذين يعلمون تمامًا أن ذكاء الإنسان لابدّ له أن يتفوّق على ذكاء الآلة.
قتلى وجرحى وأسرى، والانتصارات الكبرى تحت عمليّة الرّد، جعلت من الشّعب الفلسطينيّ أكثر اصرارًا بعدما شعر، للمرّة الأولى ربّما، بتوازن القوى، فتحولّت انتفاضة الحجارة أمام الآليّات المتطورّة، إلى انتفاضة عسكريّة تكنولوجيّة هزمت آليّاتهم التي لطالما شكّلت مصدر قلق وخوف وإحساس بالعجز أمامها. من محاربين عزّل إلى مهكّرين، متمرّدين، غريندايزريين، إنّهم الشّباب الذين شكّلهم الشّوق للأرض والتّحدّي لاسترجاعها.
سقت الدّماء الأرض لتُزهر اليوم أبطالًا تعيد لها كرامتها.