بوابة التربية: كتب د.مصطفى عبد القادر:
يعاني لبنان ومجتمعنا العربي، من مشكلة الغلو في الدين، تبرز حينا وتخفت أحياناً أخرى.
ويعود سبب ذلك إلى عدة مشكلات تتمثل في الأوضاع السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعيشها وطننا لبنان وغالبية البلدان العربية.
إن أنظمة الحكم ودور الحاكم في الاستبداد يولد ظلما اجتماعياً يؤدي إلى خروج المرء عن طوعه ،وربما يتجاوز القواعد الفقهية والشرعية أو يتلقف أي دعوة يتخيل فيها نجاته من سلطة جائرة.
لذا إن عدالة الحاكم ومراعاته للقواعد الشرعية والدينية والعدالة الاجتماعية، تؤدي بالفرد إلى إعتماد منهج وسطي في حياته.
إن الفهم الخاطىء للدين يدفع العبد إلى سلوك يبعده عن سلوك أفراد جميع الناس ،لأن البشر بطبعهم وسطيين، ولأن الله سبحانه وتعالى قال: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا”.
إن حالة الفقر والجهل تفقد الفرد توازنه ، فينجر لدعوات دينية لا يعلم مغازيها. ويسرع مهرولا دون أي اعتبارات أخرى ،ويخطىء في واجبه الديني، ويركض وراء الجزرة التي تسد بعضاً من فراغ معدته، وبالتالي يترك حالة الوسط التي أوصى بها رسولنا الكريم أبناء دينه ومجتمعه ‘خيرالأمور أوسطها ‘.
يعتقد بعض أبناء مجتمعنا أن تجارب الآخرين وأفكارهم تساهم في حل مشكلاتنا، لذا يتلقفون الفكر الوافد ظنا منهم أنه يسهم إسهاما كبيراً في تحريرنا من المشاكل، ويسعى إلى إصلاح شؤوننا ،وليس بالضرورة أن تكون الأفكار الوافدة دينية، تبعد المرء عن حالة الوسط الدينية ،بل هناك دعوات تغريبية تذهب بالإنسان إلى سلوك إنعزالي أو إلحادي أو إنتهازي وغير ذلك مما نراه عند بعض أفراد قومنا.
إن التربية على الوسطية والاعتدال في طرح أمور حياة الناس في مختلف الشؤون يجب أن تدخل في مناهج التعليم وإعداد مدرسين قادرين على توصيل الأفكار والقواعد السلوكية إلى المتعلمين ، فمن غير المعقول أن توكل هذه المهمة إلى متطرف أو إنعزالي أو إنتهازي ينظر إلى الأمور من باب مصلحته الشخصية بالدرجة الأولى.