فيصل زيود:
التعليم الرسمي هو الأمل بوصول الطاقات من الطبقة الاجتماعية الفقيرة الى مراكز القرار، اين نحن من ذلك؟
بعد ان نخر الفساد الادارة واصبح ذلك عرفاً، للأسف ، نتعايش مع هذا الوضع كأن الأمل بالتغيير صار حلماً، فتغيرت اساليب الحصول على الحقوق بحيث نلجأ الى هذه السلطة التي هي السبب بما وصلنا اليه، ونشكرها بأنها تعطينا جزء من حقوقنا ونعيد انتخابها، وهكذا يتقاسمون الادوار فيما بينهم لاقتسام المغانم وتوزيع الفتات علينا، وأصبحت القيم في مجتمعنا المباهاة بمدى الاستزلام والتقرب من السلطة الحاكمة، حتى وصل الأمر الى السيطرة على النقابات فيما بينهم وتوزيعها لكل منهم حصة، وهكذا تلاشى الأمل بالتغيير عن طريق هذه النقابات التي هي دورها بالأصل جماعات ضاغطة، فاصبحت بمعظمها اداة لهذه السلطة من أجل لحفاظ على دولة المزرعة ، وكل ذلك للأسف بحجة الدفاع عن حقوق المذاهب.
هنا نسأل الدفاع عن الطوائف والمذاهب ضد من؟ فمن يسلب حقوق ابناء الوطن هم انفسهم حتى أصبح الأمر هم الحاكم والحكم.
في السبعينات كان الأمل بالتغيير كبيرا من حيث وجود احزاب وطنية وتعليم رسمي اثبت وجوده وبرز الكثير من الوجوه لقيادة المرحلة القادمة، عند ذاك هذه السلطة نفسها قوضّت ما حصل من عدة طرق عدّة وأهمها كان ، بالسير بالحرب الاهلية وضرب المفهوم الوطني وصعود المفهوم المذهبي والطائفي، فضربت هذا الامل انذاك واصبح كوادر الاحزاب الوطنية هم ذاتهم تابعين لزعماء طوائفهم ويتباهون بمدى قربهم من الزعيم أو ذاك.
هنا كانت الضربة للقضاء على الامل بتغيير الواقع انذاك الذي كان على شفير حصول التغيير للانتقال الى الدولة المواطنية من دولة المزرعة، ولن ننسى في ذلك الوقت كان الزخم كبيرا لهيئات الرقابة التي تضمن وصول البعض عن طريق الكفاءة، وايضا حماية الحقوق دون اللجوء الاختباء وراء الزعيم لحماية الظهر او للترقي كما هو حاصل الآن منذ فترة طويلة.
وهذه الطبقة الحاكمة نفسها القديمة (المتجددة ) لم تكتفي بذلك خوفاً من عودة هذا المرحلة، فعملت على ضرب الأسس التي من الممكن ان يحصل التغيير من خلالها، عن طريق ضرب هيئات الرقابة وتقويض اسس التعليم الرسمي
وهذا ما نلاحظ حصوله الآن فالمدارس الرسمية اصبحت مكاناً للعاطلين عن العمل لا بل اكثر من ذلك لتوظيف الازلام في هذا القطاع وسادت نغمة التعاقد واصبح التعليم الرسمي يعج بالبطالة المقنعة واصبحت المدارس بكل منطقة حكرا على الجهة القابضة عليها كأننا في نظام كانتونات غير معلن ولكنه مطبقا بدقة، والتعيين في الادارات رهن بمن تريده هذه الجهة او تلك، والنقل بحاجة او بدون حاجة لا مشكلة ما زال يحصل بارادة الجهة النافذة، والنقابات التي بالاصل وجدت للدفاع عن حقوق هؤلاء هي بيد الجهة النافذة.
للأسف لم يتوقف الامر هنا بل امتدت يدهم على هيئات الرقابة، الخوف ان تنزلق الى ان تكون مطية بيد السياسيين وهذا ما بدأت بوادره بالظهور {وما زال املنا كبيرا بهيئات الرقابة التي. يوجد فيها الكثير من الشرفاء}، هذه الطبقة التي اصبحت تمسك بجميع مرافق الدولة فكان ضحيتها التعليم الرسمي حيث اصبح ينازع بظل الكثير من المدراء الذين هم تابعين للجهات النافذة، لا يستطيع منافسة القطاع الخاص واقتصر دوره لخدمة الجهات الحزبية والمناطقية والمذهبية، لا بل الكثير من قرارات النقل والتعيينات هناك الكثير من علامات الاستفهام عليها.
في النهاية نقول لا امل بالتغيير في ظل هذه السلطة الطائفية وسيادة منطق الاستزلام والتبعية، إلاّ بتغيير هذه السلطة والانتقال من دولة المزرعة واقتسام المغانم الى رحاب دولة الوطن والمواطنية، الى ان نصل الى ذلك، وهذا اصبح حلماً، تصبحون على خير