الخميس , أكتوبر 10 2024

التكوين مدى الحياة أو التكوين المستمر

 

 

  • البرفسور علي منيمنة

 

تشهد المهن والكفاءات والمهارات تطوراً وحداثة في مختلف الميادين في حياتنا: التعليم الأكاديمي،

البحث العلمي، الصناعة، الزراعة، التجارة، الوظائف الإدارية مع نمو المكننة وغيرها من المهن.

إستشعرت  بعض الدول أهمية هذه المشكلة، منذ السبيعينات من القرن الماضي، لذا عقدت المؤتمرات

ألتي كان من أهدفها إيجاد حلول لهذه المعضلة فطرحت الأفكار التالية:

– الإستغناء المبكر عن بعض العاملين وإستبدالهم بعاملين لديهم الكفاءات والمهارات المطلوبة.

–  تطويروملاءمة التعليم بكافة مراحله وخاصة التعليم الجامعي والمهني مع إحتياجات سوق العمل.

– إقامة دورات تدربية وتعليمية لعدة أسابيع أوعدة أشهر هدفها تعزيز الكافاءات والمهارات للعاملين

في القطاعين العام والخاص على مدى الحياة العملية  وهذا ماعرف بالتكوين مدى الحياة،

LA FORMATION TOUT AU LONG DE LA VIE,

LIFELONG LEARNING.

 تعريف 

 

يمكننا تعريف التكوين مدى الحياة بأنه تعزيز وتطوير المهارات والكفاءات والقدرات للعاملين في دولة ما. وقد يساهم أيضاً بردم جزئي من الهوة بين التعليم الأكاديمي وأحتياجات سوق العمل بحيث يرفع من معايير الجودة للمنافسة محلياً وعالمياً ويجعل من إقتصادهأ منافساً قوياً في سوق التجارة العالمية.   ويتيح أيضاً الفرصة للعامل ألإستفادة من التكوين مدى الحياة للترقي في المؤسسة أو تغيير مسار إختصاصه حتى لا يصبح عاطلاً عن العمل (هو حق من حقوقه الإنسانية كمواطن)

 

قبل البدء بالكتابة عن كيفية تنظيم التكوين مدى الحياة.سوف نورد بعض الأمثلة عن الدول التي تطبق:.

 

  • الولايات المتحدة الأمريكية: أهتمت الحكومة الفيدارلية، ومؤسسات الولايات، والجامعات، والقطاع الخاص والحكومي بموضوع التكوين مدى الحياة وذلك لتطوير الكفاءات والقدرات مع تقدم التكنلوجيا بغية أستمراية قوة الإقتصاد في الولايات الأمريكية المتحدة. وقد تبنته العديد من الجامعات. كما صدر العديد من الأبحاث والوثائق عنه. وعلى سبيل المثال أنشأت جامعة ويسترن متشغن مركزاً لتطبيق التكوين مدى الحياة.

 

  • اليابان: نعلم جمعياً بأن اليابان بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت من الدول المتقدمة علمياً، وأن إقتصادها يعتبر من الإقتصاديات المتقدمة والقوية في سوق التجارة العا لمية. للحفاظ على هذا المستوى من التقدم أصدرت الدولة القوانين التشريعية اللازمة لإنشاء هيئات ومراكز تهتم وتطبق التكوين مدى الحياة.

 

  • الإتحاد الأوروبي: أدرك رؤساء ورؤساء الحكومات لدول الإتحاد الأوروبي بأنه بعد تطبيق التعليم الجامعي الموحد ضمن دول الإتحاد (ليسانس ماستر دكتوراه ل م د) ومع تقدم السريع للتكنلوجيا وبيئة العمل بأن أي تأخير في تطبيق التكوين مدى الحياة سينعكس سلباً على سوق العمل. مما الزم هذه الدول بإصدار القوانين التشريعية اللازمة لإنشاء هيئات ومراكز تهتم بتطبيق التكوين مدى الحياة. بهدف تطوير الكفاءات والقدرات بغية أستمراية قوة الإقتصاد في دول الإتحاد ليظل مناقساً قوياً في سوق التجارة العالمية والحد من تصاعد البطالة في مجتمعاتها .

 

  • دولة روسيا الإتحادية: تبنب فكرة التكوين مدى الحياة لأنها من الدول المتقدمة صناعياً وقامت بإصدار القوانين التشريعية اللازمة لإنشاء هيئات ومراكز تهتم بتطبيق التكوين مدى الحياة. بهدف تطوير الكفاءات والقدرات بغية أستمراية قوة الإقتصاد في دولة روسيا الإتحادية.
  • منظمة اليونسكو: جعلت من التكوين مدى الحياة من مواضيعها الأساسية لمساعدة الدول النامية.

 

  • لبنان: ان وزارة التربية والتعليم العالي تنظم دورات تدربية لمدرسي الإبتدائي والمتوسط. الجامعة اللبنانية تنظم من حين إلى أخر دورات للعاملين عن كيفية إستخدام المعلوماتية الإدارية بهدف تطوير كفائتهم وتحسين إنتاجية عملهم ، المؤسسات التربوية . المصرف المركزي ، والمصارف ، القطاع الصناعي بكافة تنوعه ، القطاع الزراعي، المؤسسات الإنتاجية والإدارية.

 

  • الحضارات القديمة: ربما الحضارات القديمة (الإغريق، المصرين القدماء، الفنيقين..ألخ) قد إهتموا بشكل أوخر بالتكوين مدى الحياة.

نكتفي بهذا القدر من تعداد الدول لأنه لايمكننا الحديث عن تجارب كل الدول في العالم. وسوف ننتقل للحديث عن كيفية التنظيم الإداري والأكاديمي والعملي للتكوين مدى الحياة.

 

 

 التنظيم الإداري والأكاديمي والعملي للتكوين مدى الحياة

التنظيم الإداري والأكاديمي والعملي يمكن أن تقوم به المؤسسة نفسها مستعينة بخبرات من خارجها ولكنه يكون مكلفا على المؤسسة لإحتياجه إلى خبرات عالية الكفاءة وبعض الأحيان أجهزة باهظة الثمن وكلفة الصيانة ولذلك نشأت مراكز متخصصة بإدارة التكوين مدى الحياة. هذه المراكز إما تكون مستقلة أو ضمن جامعة للأستفادة من الإمكانيات التي تكون متوفرة في الجامعة. قدرات أكاديمية، مختبرات مجهزة والصيانة بألأضافة إلى الإستعانة بخبرات من سوق العمل.

 

سأشرح كيفية عمل مركز للتكوين مدى الحياة في جامعة غرنوبل (فرنسا) وذلك خلال زيارة قمت بها

الى جامعة غرنوبل العريقة عندما كنت عميداً لكلية العلوم في الجامعة اللبنانية وذلك لتعزيز العلاقات

الأكاديمية ويوجد طلاب من كلية العلوم في الجامعة اللبنانية يحضرون الدكتوراة. ولحسن الحظ أن مدير المركز هوصديق وقد جاء الى لبنان للمساهمة معنا بتطبيق نظام المستار في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية ثم أصبح مديراً للمركز ويساعده فقط عدة أشخاص من ذوي الخبرات العالية في تنظيم الدورات التدربية وذلك حسب نوع وإختصاص المؤسسة.

 

 

 

تنظيم الدورة

 

– يحدد تاريخ ومدة الدورة ومحتواها وعدة الأشخاص (يقسمون إلى عدة مجموعات إذا كان العدد كبيرا)

الذين  سوف يتابعون الدورة وكلفتها المالية بالتنسيق مع المؤسسة .

– يستعين المركز ببعض القدرات الأكاديمية  والمختبرات والصيانة وقاعات التدريس في جامعة غرنوبل.

طبعا مقابل بدل مالي يدفعه المركز لجامعة غرنوبل.

– يستعين المركز أيضاً بخبرات ذات مستوى من القطاع المهني وطبعاً مقابل بدل مالي.

 

موازنة المركز

نتسائل من أين ياتي المركز بالمال؟ وهو مستقل تماماً عن الجامعة إدارياً ومالياً ولكنه ضيفاً عليها

ولكن وجوده ضمن الجامعة يعزز من تصنيفها في الجودة الشاملة لأن من أهداف الجامعة إنماء

قدرات المجتمع .

لقد فرضت الدولة الفرنسية على كل مؤسسة حكومية أو خاصة إقتطاع مبلغ من المال من موازنتها

(نسبة معينة) سنوياً  للتأهيل العاملين حتى الجامعات عليها إحتساب نسبة معينة من موازنتها لتأهيل

الإدارين سنوياً.

وبناءً على ماتقدم ينشط مدير المركز لإقامة الدورات وتغطية كلفتها وكلفة العاملين في المركز. حتى

جامعة غرنوبل تدفع له بدل مالي لتأهيل الإدارين لتحسين أدائهم وقدراتهم.

 

أهمية التكوين مدى الحياة

يعتبر التكوين مدى الحياة من أساسيات تطوير وإنماء المجتمعات والقضاء على البطالة مما يعزز المواطنة والحفاظ على العيش الكريم للعامل ويفتح الأفاق الحداثة والإختراع امام العامل  وخاصة أننا نعيش في زمن التطور والحداثة  ومن لا يتقدم فيه يتأخر لأن كل شيء من حولنا يتغير.

نود أن نشير بأن التكوين مدى الحياة يختلف عن:

– التكوين أوالتعلم عن بعد بواسطة الأنترنت.

– التكوين أو التعلم للذين يعملون في النهار ويتعلمون مساءً ضمن معاهد متخصصة لتعزيز كفاءتهم في العمل ولكن يكون هدفهم الحصول على دبلوم أكاديمي يصل أحياناً إلى الحصول على دبلوم في الهندسة أو الدكتوراة بهدف الحصول على ترقية في المؤسسة التي يعملون فيها.

كنت كعميد(سابق) لكلية العلوم في الجامعة اللبنانية أرغب  بإنشاء مركز للتكوين مدى الحياة  في كلية العلوم بالتعاون مع المركز الموجود ضمن جامعة غرنوبل ولكن قطار الزمن أسرع بكثير من قطار الأحلام.

 

*   العميد السابق لكلية العلوم في الجامعة اللبنانية

عن mcg

شاهد أيضاً

مشاركة تحالف تكنولوجيا التربية في الندوة الاقليمية حول ريادة الأعمال وتمكين المرأة في تونس

بوابة التربية: شارك مؤسس تحالف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتكنولوجيا التربية ربيع بعلبكي ونائب الرئيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *