بوابة التربية: إفتتح وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عبّاس الحلبي ورشة العمل التي نظّمها المركز التربوي للبحوث والإنماء في مبنى المطبعة في سن الفيل ،حول «المشروع الأولّي للخطة الإستراتيجية الخمسية» للمركز التربوي، وخصوصا مكوّن «الهيكلة الإدارية والحوكمة الرشيدة» في حضور رئيسة المركز البروفسورة هيام إسحق، ومنسق عام تطويرالمناهج التربوية الدكتور جهاد صليبا،المديرة الإدارية إيما ابو ديوان، ورؤساء المكاتب جورج نهرا غيتا حنا، ومنسقة الهيئة الأكاديمية رنا عبدالله، ومنسق الوحدات الفنية باسم عيسى، ورؤساء أقسام المواد ومديرو دور المعلمين والمعلمات ومراكز الموارد، وجمع من كبار الموظفين والتربويين.
إسحق
بعد النشيد الوطني وتعريف من رئيس قسم الإدارة التربوية الأستاذ أكرم سابق ،تحدثت رئيسة المركز البروفسورة هيام إسحق فقالت:
في مسيرة المؤسسات الراسخة في المسؤولية، محطات لا بد منها لتمكين المؤسسة من الإضطلاع بدورها، والتكيّف مع المهام المناطة بها، لتكون منتجة وقادرة وخلاقة ومفيدة.
ويسعدني في بداية مهامي في رئاسة المركز، أن أكون إلى جانب راعي المسيرة التربوية في لبنان، وعراب التطوير التربوي وورشة تحديث المناهج، عنيت معالي لالوزير الحلبي، لكي نواكب الخطة الإستراتيجية الخمسية للمركز التربوي للبحوث والإنماء، ونشارك في وضع ومناقشة المكوّن الأول من هذه الخطة، وهو إعادة هيكلة المركز وترشيد الحوكمة فيه، تلبية لمتطلبات العصر التكنولوجي الرقمي، الذي يضعنا في مواجهة انفسنا اولا ومع الجيل الشاب ثانيا ، ومع المجتمع الدولي ثالثا، فنقدم صورة مشرقة عن مؤسسة كانت سباقة في تأسيسها في العام 1971، وينتظرها كمّ هائل من المهام الدقيقة لتقوم بها، وأول الغيث إنجاز الإطار الوطني للمناهج اللبنانية في مرحلة التعليم العام ماقبل الجامعي ، ومن ثم وضع المناهج الجديدة وتأليف الكتب المدرسية وتطبيق المنهج الجديد في عينات مختارة من المدارس، ومن ثم تقييم العينة والإنطلاق نحو التطبيق الشامل مدعما بالتدريب المستمر لأفراد الهيئة التعليمية والإدارية .
بشغف كبير يمضي النهار معكم وبعض من الليل، لمتابعة كل التفاصيل والهواجس والمشاكل التي نعانيها لأسباب متعددة ، لكننا في كل مرة ننجح في حلها، وندوّن ملاحظاتنا لجهة تحديث قانون إنشاء المركز وتوسيع جهازه الأداري والتربوي والفني. نعم في كل يوم نتطلع معا إلى نقاط القوة لنبني عليها ، ونرصد نقاط الضعف لنزيل أسبابه ونحول الضعف إلى قوة .
واليوم، وبمساعدة وبجهد من مستشار معالي الوزير للسياسات التربوية البروفسور الصديق منير أبو عسلي، نجد الفرصة سانحة لإعادة هيكلة المركز التربوي، معلقين الآمال الكبار على وجود معالي الوزير الحلبي إلى جانب المؤسسة وإلى جانب المتعلمين في لبنان، الذين من أجلهم توضع الخطط ويتم تطوير المناهج وتدريب المعلمين، كما يتم إجراء البحوث والدراسات، لنرتفع معهم نحو آفاق أفضل وأرقى، تخدم مسار التقدم حتى في أصعب الظروف التي يمر بها وطننا الحبيب لبنان.
هناك صعوبات كثيرة لخوضها، وتحديات متنوعة تتطلب صبرا واندفاعا ، يحدونا هدف واحد واضح ، هو بذل الجهد من أجل لبنان وأجيال لبنان، الذين أمامهم تصغر التحديات وتتقلص الصعوبات .
اود في هذه المناسبة التركيز على الإيجابية في التفكير والعمل، والإنفتاح وتوسيع الآفاق في ورشة المناهج، والشراكة التامة في كل تفصيل مع جميع مكونات الوطن من دون استثناء، للوصول إلى مسودة نتوافق حولها ، وتشكل مشروعا تربويا وطنيا جامعا ، يتبلور بالعمل والتعاون اليومي مع المديرية العامة للتربية والتفتيش التربوي والمؤسسات التربوية الرسمية والخاصة ، وكلية التربية وجامعات لبنان، والمنظمات الدولية التي تقدم إلينا الدعم الفني.
كما أود أن أوجّه الشكر والتقدير للبروفسور ابو عسلي والدكتور أكرم سابق والسيدة يولا حنينة والسيدة ماري جو ديب ،على المجهود الجبار الذي يقومون به لإنجاز هذا التطوير في هيكلية المركز، من أجل التربية ومن أجل لبنان. وبالتربية نبني .
الحلبي
ثم تحدث الوزير الحلبي فقال: قبل نحو شهر تقريباً حضرت إلى المركز التربوي للبحوث والإنماء لرعاية حفل التسليم والتسلم بين الرئيس السابق للمركز الدكتور جورج نهرا ورئيسة المركز الحالية الدكتورة هيام اسحق. كان همّنا أن نعيد لهذه المؤسسة التربوية العريقة تألقها ونعزز استقرارها لتتولى مسؤولياتها التربوية على أكمل وجه وبما ينيط بها القانون من مهمات كبرى في التربية.
اليوم تناقش هذه الورشة أول مشروع تحت مسؤولية الدكتورة اسحاق، المسودة الأولى للخطة الاستراتيجية الخمسية للمركز بالعنوان الأول أي “إعادة هيكلة المركز وترشيد الحوكمة، ويعني ذلك أن المركز التربوي بدأ يتلمس خطواته الجديدة من دون أن يقطع مع ما أنجز خلال الأشهر الماضية، لكن الاهم أنه بدأ يخرج من الظروف العصيبة والاوضاع غير المستقرة التي عان منها وانعكست على انتاجيته وعلى ممارسة دوره في التخطيط ووضع المناهج وتأليف الكتب وإعداد البحوث والدراسات ومراقبة تطبيق المناهج وأيضاً تدريب المعلمين.
نحن هنا اليوم نناقش خطة المركز واعادة هيكلته وترشيد الحوكمة للتأكيد على تجاوز الخلل السابق الذي كان يكمن في العلاقة المتوترة مع وزارة التربية. فالمركز مستقل بنظامه لكنه أيضاً يلتزم بتوجيهات التربية، إذ لم يكن ممكناً انجاز الإطار الوطني لمناهج التعليم ما قبل الجامعي والكثير من المشاريع التي انطلقت من حوار وطني وتربوي وأكاديمي مع كل العائلة التربوية ومكوّناتها، وايضاً السير بإعادة الهيكلة لو كان الخلل لا يزال قائماً.
نتأكد اليوم أن المركز يسير على الطريق الصحيح، ويمارس دوره المفصلي ومهماته التي لا تقتصرعلى التّحديث والتطوير التربويّين ووضع الخطط والسياسات وتوجيه المناهج التربوية ومستلزماتها لبناء المتعلّم المواطن، بل يتقدم لأن يكون “عقل التربية”. لذا يسير بخطوات مهمة نحو تطبيق الحوكمة والتطوير والتقييم والمتابعة واستخدام نظام إدارة المعلومات التربوية في القرارات العملية، وفي جمع المعطيات والداتا وتحليلها واستخدام معطياتها وتطوير المناهج التربوية، وتدريب المعلمين وتقييم تحصيل التلامذة وإنجاز الإحصاءات.
إن هيكلة المركز التربوي وترشيد الحوكمة تهدف إلى استعادة هذه المؤسسة لدورها المحوري في بناء عناصر المجتمع اللبناني، ودمج المعارف والمهارات وتعزيز قدرته على اصدار الإحصاءات التربوية الوطنية والخريطة المدرسية وتصميم الاستراتيجيات والسياسات والخطط التربوية وتنفيذها والسير في شكل فاعل في التطوير المستمر للقطاع التعليمي وتحديثه واتباع معايير الجودة العالمية في التربية والتعليم.
لا شك في أن التخطيط هو من مهمات المركز التربوي تحت راية وزارة الوصاية، لذا كانت ورشة تجديد المناهج التربوية وعصرنتها وخطط العمل، ووضع الكتب المدرسية، والموارد التربوية، والتدريب. وانطلاقاً من ذلك تأتي الخطة الاستراتيجية الخمسية الشاملة كخريطة طريق من ضمن استراتيجية تربوية شاملة لوزارة التربية، والشروع في الاصلاح لقطاعات التعليم وإنهاء وضع الترهُّل في الهيئة التعليمية.
إن للمركز التربوي مسؤولية كبرى في بلورة مشاريع طارئة خصوصاً في أوقاتِ الأزماتِ. وهو مدعو لبناءِ الثقة من خلال إصلاحاتٍ في العمل الإداري، وترشيد الانفاق وتشكيل الأطر المرجعية لكفايات القيادات التربوية من مدير وناظر ومنسق وأطر مرجعية للاعتماد الأكاديمي وللشراكات المجتمعية.
إننا نراهن على تعزيز دور المركز، فمن خلال اعادة الهيكلة يمكن أن نشق طريقاً لتشكل العقل التربوي بالتزامن مع تزخيم اطلاق ورشة تجديد المناهج التربوية استناداً إلى روزنامة نلتزمها، وتشكيل فرق الاختصاصيين لإنجازها ولتعيد لبنان إلى مركز الريادة. الاستراتيجية الخمسية للمركز تعزز المساهمة في الاصلاح التربوي وتعطيه دفعاً في ورشته الكبرى للمناهج والتوجيه والقيام بعملية التقييم المدرسي والامتحانات الرسمية وتقييم الشهادات. وها نحن في المرحلة الاخيرة من عملية إطلاق الإطار الوطني للمناهج بعد نقاش وطني جامع نتقدم في ورشة إعداد المعلمين وفق مقتضيات المناهج الجديدة وترسيخ التعليم التفاعلي الرقمي واستخدام التكنولوجيا لنكون على جاهزية تامة في كل الاوقات. والأهم أننا نضع القاعدة الصحيحة للسنة الدراسية المقبلة لتنطلق وفق أسس واضحة، فيما مهمة المركز أن يُعد مشاريع ضمن الامكانات المتاحة، وخططا تجيب عن المشكلات التربوية كي لا نراكم خسائر في التربية لا يمكن تحمل تداعياتها السلبية على القطاع.
يكمن التحدي الأساسي في قدرة المركز على الإجابة عن اسئلة التحديث والاصلاح والمساهمة في النهوض التربوي تتعلق بورشة تطوير المناهج التربوية ، وتحديث أساليب إعداد وتدريب المعلمين، والبحوث التربوية، والتحول الرقمي، وإدارة المؤسسات التربوية، بحسب ما يقتضيه عصر التكنولوجيا، ونركز على الحوار ليكون الأساس لانتاج فكر خلّاق، ونحن الذين سعينا دائماً إلى انتاج التسويات من خلال الحوار والوصول إلى قواسم مشتركة حول النقاط الخلافية، فسلكنا هذا الطريق القائم على الوفاق الوطني في إعداد اطار المناهج والتزمنا نصوص الدستور وتطبيق القوانين.
إن خطوة المركز التربوي الاصلاحية هي جزء من رؤيتنا العامة لمسار التربية للمرحلة المقبلة، ومن خلالها عملنا على إنقاذ العام الدراسي بالتعويض على التلامذة في المدارس الرسمية بعدما قدمنا منحاً لأفراد الهيئة التعليمية ومساعدات من الجهات المانحة، ونسير قدماً أيضاً في خطة التعافي التربوي، وها نحن نستعد بعد نحو عشرة أيام لإجراء الامتحانات الرسمية للحفاظ على مستوى الشهادة اللبنانية، وهذا التحدي رغم كل الصعوبات ساهم المركز التربوي للبحوث والإنماء في وضع مساره على السكة الصحيحة وكان له دور أساسي في تحديد المواد الأساسية وتقليص المناهج كي يتمكن التلامذة من التقدم إلى امتحانات سليمة.
في هذا المسار نركز على تعزيز نهج الجودة ومسارها في المركز، عبر تطوير استراتيجيات الموارد في دور المعلمين والمعلمات ومراكز التدريب، لجهة الإدارة، والبحوث وأعمال الإحصاء، والتدريب والموارد، إذ أن المركز التربوي هو الجهة التي تتولى التخطيط والتدريب ووضع المناهج ومراقبة تنفيذها في النظام التربوي اللبناني. وفي هذه العملية نسعى إلى الاستفادة من التجارب الدولية، ومنها على سبيل المثال خبرات شبكة كانوبيه الفرنسية، لجهة المعارف المطلوب إتقانها والمهارات المطلوب تطويرها وأساليب نقلها إلى التّلامذة، لإكسابهم الكفايات. وهذا يلتقي مع العمل على رفع مستوى المؤسسات والبحث والتدريب والإحصاء وغيرها.
إنني أرى في المسودة الاولى للخطة الاستراتيجية وإعادة الهيكلة ضرورة فتح المجال على الميدان المعرفي والتطور العالمي، وإطلاق عملية التحديث في الاستراتيجيات التربوية، والاستفادة من نماذج حديثة من التعليم في العالم. لذا، يبدو إدخال مسار الجودة في التربية عملية مثمرة تسمح بتحقيق تقدم في العقل التربوي ونجيب على أسئلة كيف نتعلم وأن نعيش هذا الأمر ونكتشف ونرفع من شـأن التقييم والتنمية من خلال الميدان المعرفي والكفايات الرقمية والتي تدخل إلى التعليم في المدارس، فنحقق التطور التربوي والعدالة للأجيال وتحسين نوعية التعليم.
وانطلاقاً من ذلك هناك مهمات للمركز التربوي والبحوث والإنماء للمرحلة المقبلة، وما الاستراتيجية وإعادة الهيكلة إلا جزء من عملية شاملة ومتكاملة في الاصلاح الذي نخوضه حتى ونحن في خضم الازمة. لكن المركز التربوي معني في الاستجابة للحاجات كـ”عقل مفكر” وعليه مسؤولية في إعداد خطط للإنماء التربوي في سياق إعداد المناهج وتطوير مشاريع تعليمية وتقييمها دورياً ومتابعة تطبيقها في نظام التعليم وأيضاً وضع استراتيجيات بحثية للدراسات، وتطوير تجربة إنتاج الكتاب المدرسي الرقمي أو الإلكتروني وتطوير كفايات جميع المتعلمين في لبنان.
ختاماً اقول أننا أمام بلورة خطط تواكب كل جديد في التجارب العالمية، وتوفير خدمات تربوية عالية الجودة، وتحسين عمليات التدريب للأساتذة على كل الصيغ التعليمية، من الحضوري الى المدمج والتعليم من بعد، والمساهمة في عملية الإصلاح التربوي وتعزيز التعاون مع الجهات المانحة التي قدمت للبنان الكثير في سبيل إعلاء شأن التربية وإصدار مناهج جديدة، والأهم القدرة على الاستمرار في تطويرها وتعديلها إذا اقتضى الأمر. وعلى هذا الأساس نستمر في مسيرتنا في الوزارة لتكون مثالاً للاصلاح والنجاح والتطوير والحفاظ على الكيان التربوي ومواجهة كل المحاولات لإعادته إلى الوراء. ونشد على أيادي القيمين على المركز في هذا العمل الكبير الذي يفتح على آفاق الحداثة والتطوير.
أبو عسلي
بعد ذلك عرض مستشار الوزير للسياسات التربوية البروفسور منير أبو عسلي مشروع الخطة الإستراتيجية الخمسية ومن ضمنها مشروع هيكلة المركز التربوي والحوكمة الرشيدة ،منطلقا من خبرة طويلة في التربية ورئاسة المركز التربوي ووضع الإستراتيجيات الإدارية وتطوير هيكلية المؤسسات، وعاونته السيدة ماري جو ديب. وتم تشكيل فريق عمل كمقررين ضم الأستاذ اكرم سابق والسيدة يولا حنينة ةالسيدة ماري جو ديب، وتم تقسيم الحاضرين وعددهم ناهز سبعين مسؤولا وموظفا، إلى مجموعات بحسب المسؤوليات لمناقشة الأفكار والمكاتب الراهنة والوحدات الإدارية والتصورات المستقبلية.
وشرح البروفسور أبو عسلي في عرضه على الشاشات، دراسة الوضع الراهن للمركز لجهة قانون إنشاء المركز منذ العام 1971 ، والحاجة إلى مواءمة وظائفه الرئيسية مع التطورات التربوية الوطنية والدولية من جهة والتطورات التكنولوجية من جهة ثانية . واجرى عرضا مفصلا لكل مكتب والنواقص والتطلعات والدور المستقبلي،من اجل تحسين الأداء والإنتاجية . وتم رصد نقاط القوة والضعف في البنية الإدارية الحالية، وطرق تلبية الحاجات المستجدة للمرحلة المقبلة، والقدرات الواجب استقطابها وإعادة بنائها لتتسلم المسؤولية وتحسين الأداء، ضمن معايير الحوكمة والشفافية ، كما تطرق إلى الشروط الواجب توافرها في المرشحين لكل الوظائف ومراحل التعليم، والقيام بالبحوث والدراسات والشراكات التربوية، التي ينطلق من نتائجها كل تطوير، وركز على تحديد الإحتياجات انطلاقا من الأفكار الإستراتيجية ، ولفت إلى ضرورة تشكيل مجلس الإختصاصيين بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء لتكتمل استقلالية المركز ، كما ركز على مأسسة التعاون بين المديرية العامة للتربية والمركز التربوي، لما لهذه العلاقة المنظمة من تاثير إيجابي أساسي لنجاح المركز في مهامه وهي خدمة التربية على الصعد كافة .
وقد ناقشت المجموعات المشروع المطروح بحسب اختصاص كل مجموعة ، وتم عرض الآراء والأفكار والتطلعات والنواقص، واقتراحات البدائل وتم تدوينها ومناقشتها ، وذلك في محطة هي الأولى من بين ثلاث محطات ليصبح الهيكل الإداري بصورته النهائية الصالحة لرفعها إلى وزير التربية وإصدارها.