كتب النقابي فيصل زيود
منذ الطائف حتى اليوم حوار وحوار والنتيجة معروفة سلفاً وهي الحفاظ على الستاتيكو القائم بين زعماء الطوائف.
فالنقاش اليوم يدورحول أهمية الحوار بشأن النظام الانتخابي للمجلس النيابي العتيد والكل يقول بأنّه يسابق المهل في سبيل انتاج نظام انتخابي يضمن صحة التمثيل، وجميعنا يعرف أنه حصلت في لبنان العديد من المحاولات الحوارية النظرية التي لم تقترن بالتنفيذ العملي.
لذلك
من المفيد البحث في أسباب تمييع الحوار حتى الآن .
لماذا لا ينجح الحوار في لبنان؟ وهل البدائل عن الحوار هي الحرب والعنف والإقتتال؟ .
الحوار اليوم بين من ومن؟ فهو يدور بين المستفيدين من الوضع الراهن،(تقاسم الجبنة) فمن الطبيعي أن نرى القاسم المشترك منذ الاستقلال مروراً بالطائف حتى يومنا هذا، هو تبادل الغنائم فيما بينهم.
إن مسألة الخلاف على الثوابت اللبنانية هو نتيجة التبعية والإستقواء بالخارج على الشريك اللبناني، ممّا أتاح للاعبين الإقليميين التحكم بالوضع الداخلي من خلال أدواتها المعروفة، وهذا الأمر ساعد بتحويل الأحزاب في لبنان الى أحزاب الطوائف لا بل أحزاب المذاهب .
ومنذ فترة أصبحنا نسمع ببدعة الديمقراطية التوافقية التي تنادي بها بعض الأطراف لتحويل مفهوم المشاركة الى تقاسم الجبنة فيما بينهم، وأصبحت حصص الطوائف والمذاهب هي حصة زعيم الطائفة او المذهب، وإذا ما أحسّ بأن حصته تنحسر، يستثير الغرائز الطائفية للدفاع عن هذه الحصة التي يستأثر بها منذ الاستقلال حتى اليوم، بحجة أنّ كيانات هذه الطوائف والمذاهب تتعرّض الى خطر كبير،
فالبلد اليوم غارق في الملفات الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية والبيئية ولا يهتمون بكل ذلك والشعب في حالة سبات عميق، ولا يتحرك إلاّ لحماية حصة هذا الزعيم أو تلك، وهم يعرفون أن البلد غارق بالديون وما زال يغرق أكثر وأكثر ولا يعطون حقوقه بحجة الخوف على الوضع المالي للبلد، أيوجد غباء أكثر من هذا الغباء ونحن ما زلنا نطبّل لهم وننتخبهم وهم يتحكمون بمصيرنا وأصبحوا من أصحاب الملايين.
الطائف دعا الى ان إنشاء مجلس الشيوخ، بالتزامن مع انتخاب محلس نيابي وطني خارج القيد الطائفي، ومنذ ذلك الوقت ما زالوا يتذرعون بعدم تنفيذ ذلك لعدم وجود أحزاب وطنية في لبنان.!!!
من يمنع ذلك؟
والاحزاب الموجودة ماذا تفعل؟
نود ان نذكر الجميع ان السلطة ومن تمثل بكافة مكوناتها ستبقى تتعاون فيما بينها للحفاظ على الوضع الراهن لأنها المستفيدة منه، وستظل هذه الطبقة نخوفنا من بعضنا البعض بحجة وبدون حجة، والأغرب بحجة حمايتنا.
وهذا إن دلّ على شيء يدل على الاقرار بأن لبنان ليس وطن بل هو مكان تلاقي بين الزعماء اي فدرالية طوائف والأصح دولة مزرعة، ويتعاونون لإبقاء الوضع الحالي كما هو لأنهم يتقاسمون الجبنة فيما بينهم.
فالسبيل الوحيد للانتقال من دولة العيش المشترك الى الدولة المواطنية هو نظام انتخابي يضمن صحة التمثيل، ولن يكون ذلك إلا بالنظام الانتخابي النسبي خارج القيد الطائفي وجعل لبنان دائرة واحدة ومساواة اللبنانيين فيما بينهم، وهذا وحده يمنع تحكم هذه الطبقة بالبلد التي لم نر منها إلا الويلات والحروب والسمسرات والسرقات والهدر وحجب حقوق الناس .
اين الجميع من كل ما يطرح؟
تعالوا نعمل سوياً لنصل الى الوقت الذي ننتقل فيه من مفهوم العيش المشترك الى مفهوم المواطنية الحقة، من خلال إقرار المساواة بين الجميع وجعل الولاء للوطن فقط هو المعيار الوحيد وتصبح علاقة المواطن مباشرة بدولته وليس من خلال طائفته، وجعل الكفاءة هي المعيار الوحيد لتبؤ المراكز العليا وليس التبعية،
تعالوا نبدأ حالياً من خلال النظام الانتخابي الذي يكوّن السلطة ويضمن صحة التمثيل، فليكن شعارنا جميعاً هو جعل لبنان دائرة واحدة مع نظام انتخاب نسبي خارج القيد الطائفي.
بيروت في 28/1/2017
فيصل زيود