بوابة التربية- كتبت د. *ندى عويجان:
في حين أدرك العالم أن الاستثمار في الرأسمال البشري هو من أهم الإستثمارات المستدامة في المجتمع، وله انعكاساته الإيجابيّة على جميع الأصعدة وفي مختلف الميادين والقطاعات الإنتاجيّة، على المدى القصير والمتوسّط والبعيد،
وفي حين أدرك العالم أنّ التّعليم هو بوصلة مستقبل المجتمعات، ومنه تنطلق الرؤية، وعليه تبنى الاستراتيجيّة، ومن خلاله تنفّذ الخطّة، ومن مخرجاته تبنى الأوطان…
وفي حين أدرك العالم أنّ التّعليم هو من أهم وسائل الحراك الإجتماعي والتّغيير الإيجابي في المجتمع،
اهملت الحكومة اللبنانيّة القطاع التّربوي (العام والخاص)، وراحت تتخبّط بين سعر صرف الدّولار، وأزمة الكهرباء، وأزمة الدّواء، وغيرها الكثير….
ولم تظهر حتى الآن، أي خطّة تربوّية جدّيّة متكاملة لوقف الإنحدار التّربوي، والسّعي لإدارة الأزمة، ودعم المدارس الرّسميّة والخاصّة.
١– المدرسة الرّسميّة:
* أصبحت المدارس الرّسمية تتأرجح بين العودة والأضراب والإقفال…
* وأصبح أساتذتها يتأرجحون بين الاستمرار والصمود فيها، وبين الاستمرار في الأضراب، وبين التّعاقد في المدارس الخاصّة، وبين ترك المهنة، وبين الهجرة…
* وأصبح تلامذتها وذويهم يتأرجحون بين خسارة أعوام دراسيّة أخرى، وبين الانتقال الى مدارس خاصة، وبين الرّضوخ للأمر الواقع…
*وأصبح إفراغ المدارس الرّسميّة من معلّميها وتلامذتها في شبه المحتّم…
٢– المدرسة الخاصّة:
* أصبحت المدارس الخاصّة تتأرجح بين ترشيد الإنفاق ووقفه، وبين العجز المالي ورفع المعاشات ورفع الأقساط المدرسيّة وتحجيم الخدمات والمستلزمات والأنشطة التّربويّة، وبين زيادة عدد التّلامذة دون معايير أكاديميّة أو سلوكيّة وبين الإبقاء على ما هو عليه…
* وأصبح أساتذتها يتأرجحون بين القبول بالرّواتب المتّفق عليها، وبين المطالبة بالزّيادة، وبين السّعي إلى عمل بظروف أفضل، وبين ترك المهنة…
* ومع كلفة التّعليم المرتفعة في القطاع الخاص، بات التّعليم للفئة الإجتماعيّة المقتدرة وللفئة المتوسّطة ماديّاً، وذلك بنسب متفاوتة من الجودة والعدالة والتّكافؤ في التّعليم والتّعلّم،
* وبات العديد من تلامذة المدارس الخاصّة وذويهم غير قادرين على تسديد الأقساط المدرسيّة ومستلزماتها، وأصبحوا يتأرجحون بين البقاء في نفس المدرسة، وبين الانتقال الى مدرسة خاصّة أخرى، وبين التّفكير في الإنتقال الى المدرسة الرّسميّة…
*وأصبح إفلاس وإقفال بعض المدارس الخاصّة في شبه المحتّم…
المدارس (الرّسميّة والخاصّة) تتخبّط لوحدها، بغياب رؤية تربويّة واستراتيجيّة واضحة وخطّة عمل إجرائيّة ودعم معنوي ومادي… والمعلمون يتخبّطون بأوضاعهم الاقتصاديّة… والتلامذة يتخبّطون بمستقبلهم… والإدارة مشغولة في تشكيل اللجان وإبرام العقود…
فهنيئاً للحكومة اللبنانية على إنجازاتها، سيّما التّربويّة منها… وجعل العديد من مدارسنا، لمن شاء، مختبر تربوي على صعيد الوطن، ولمن تكرّم عليها ببعض الدولارات…
*رئيسة المركز التربوي للبحوث سابقاً