بوابة التربية: رد المركز التربوي للبحوث والإنماء في بيان، على ما تداولته مواقع إلكترونية، عارضا “الحيثيات والأسباب الموجبة والتحديات والحلول التي تتماشى مع الوضع الراهن، مستندا إلى الأحكام القانونية والتنظيمية التي تجيز استصدار القرار رقم 609/2020، وجاء فيه:
“أولا: في الحيثيات:
1- لما كان المركز التربوي للبحوث الإنماء مؤسسة عامة منشأة في وزارة التربية والتعليم العالي، يعنى بالشؤون التربوية العامة، وعلى الأخص إبداء الرأي بالمنشورات والوسائل التربوية واقتراح المناسب بشأنها في كل ما يتعلق بالمناهج التربوية الرسمية والرديفة والأنشطة اللاصفية وتدريب أفراد الهيئة التعليمية والأبحاث والإحصاءات التربوية ووضع الخطط التربوية وتحديد مواصفات الأبنية والتجهيزات المدرسية، وتحديد مواصفات المرشحين للعمل في كل مراحل التعليم وحقوله باستثناء التعليم الجامعي وغيرها من المهام التي أولاه إياها القانون، وذلك وفقا للدستور والقوانين التي ترعى هذا الموضوع لتحريك الركود التربوي وتحسين نوعية التعليم في لبنان،
2- ترتكز مواقف المركز التربوي على الثوابت والأهداف التربوية التي تحقق المصلحة الوطنية العليا وتتمحور مواقفه، انطلاقا من حرصه على المواضيع التربوية بشكل عام وعلى تطبيق المناهج التعليمية بكل مكوناتها وأبعادها في المدارس الرسمية والخاصة، ومع المعنيين من معلمين، ومتعلمين وأهل وإداريين.
3- تستند قرارات المركز التربوي على الوقائع والمنطلقات العلمية المتوافرة. كما تأخد في الاعتبار آراء وهواجس جميع المعنيين بالشأن التربوي. وتصدر كل مواقفه بعد دراسة الواقع بكل أبعاده، وتحليله واستشراف مجريات الأمور وتطورها، ووضع السيناريوهات الممكنة، وتقديم الاقتراح الأنسب والأسلم.
4- يعتبر المركز التربوي أن المقومات الأساسية لانطلاق عام دراسي جديد غير متوافرة في مجريات الوقت الحالي. وعليه، يستحيل انطلاقه اذا ما عملت الوزارات والمؤسسات والأجهزة المعنية معا، كل بحسب مهامه، على توفير البيئة الحاضنة لذلك.
5- ينطلق المركز التربوي من مسلمات ومبادئ ذات وجه نفسي – اجتماعي – تربوي وتتعلق ب:
– صحة المتعلمين والمعلمين النفسية والجسدية.
– مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
– مبدأ الإتاحة ووصول المعلومة في الوقت اللازم للجميع.
– الحرص على مستوى الشهادة الرسمية ومستوى التعليم في لبنان.
– اعتبار أن بداية العام الدراسي تتطلب العودة الآمنة إلى المدارس. كما تتطلب دعما نفسيا اجتماعيا للمعلم والمتعلم.
6- يعتبر كل ما يتم إنجازه وتحقيقه في إطار خطة الاستجابة لمبادرة التعلم عن بعد، جزءا لا يتجزأ من مشروع تطوير مناهج التعليم العام الذي يعمل عليه.
ثانيا: الأسباب الموجبة:
1- بعد زيارة رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ندى عويجان فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بتاريخ 14 أيار 2020 لإطلاعه على وضع المركز التربوي وأهم تحديات الوضع الراهن والإجراءات التربوية التي يجب اتباعها، في ظل هذه الظروف للتحضر لبداية العام الدراسي المقبل في حال استمر الوضع على ما هو عليه، واقتراح إنشاء المدرسة الافتراضية الأولى في لبنان،
2- وبعد إرسال كتاب الى معالي وزير التربية والتعليم العالي بتاريخ 18 أيار 2020، لإعلامه برأي المركز التربوي بالوضع التربوي العام وتقييم عام لمبادرة التعلم عن بعد، والإشارة الى أهم التحديات التي يعاني منها القطاع وإلى الإجراءات التربوية الممكن اتباعها في ظل هذه الظروف من خلال عناوين لخطة يمكن مناقشتها مع معاليه، وتتعلق بالإجراءات الممكن اتباعها في الأشهر المقبلة في حال استمر وضع الحجر، واقتراح إنشاء المدرسة الافتراضية الأولى في لبنان، تكون مدرسة نموذجية بإشراف المركز التربوي للبحوث والإنماء، يتم مأسستها وإنشاء مراكز نفاذ لها وتعميمها في وقت لاحق. وبعد إعلام معالي الوزير أن المركز التربوي يعمل على مجموعة من الخطط في هذا الإطار،
3- وبعد أن كان المركز التربوي، وبحكم موقعه الرسمي، قد أرسل الى معالي وزير التربية في الفترة المنصرمة اقتراحات عدة حول الامتحانات الرسمية ومصير العام الدراسي 2019-2020،
4- وبعدما قام المسؤولون والمعنيون في مختلف قطاعات الدولة مشكورين بجهود جبارة، رغم التحديات على أنواعها لتمر هذه الأزمة العالمية في أقل ضرر ممكن، من كل النواحي،
5- وبعد أن خسر الجميع، لا سيما المتعلمون، عاما دراسيا بسبب عدم جهوزية القطاع لهذه الأزمة،
6- وللحؤول دون خسارة عام دراسي آخر، يطال على المدى القريب أكثر من نصف المجتمع اللبناني (حوالى 1,1 مليون متعلم 1,1 مليون أم وأب، 100 ألف معلم، 2860 مدرسة)، وعلى المدى المتوسط والبعيد كل قطاعات الدولة،
7- واستكمالا لمشروع التعلم عن بعد الذي أطلق بتاريخ 25 آذار 2020،
كان لا بد للمركز التربوي للبحوث والإنماء، أن يقوم بدوره التربوي كالمعتاد للتحضر مع المعنيين للعام الدراسي المقبل ووضع كامل إمكاناته وقدراته لخدمة القضية التربوية، فشكرا للمركز التربوي ولجميع العاملين فيه هذه المبادرة في تحمل المسؤولية الوطنية.
ثالثا : تحديات وحلول:
1- تقييم عام لمبادرة التعلم عن بعد.
نجحت تجربة التعلم عن بعد الى حد ما، فقد تفاوتت فعاليتها وأهميتها بحسب المدارس ومقوماتها وبحسب المعلمين وقدراتهم والمتعلمين ومشاركتهم الفاعلة، خصوصا أنها ارتكزت في المرحلة الماضية على نمط أوحد، هو الصفوف المتزامنة. وواجهت مبادرة التعلم عن بعد تحديات عدة تمحورت معظمها حول الجهوزية وتوافر المحتوى الرقمي والبنى التحتية اللازمة والتجهيزات (كمبيوتر، IPads، وغيرها …)، وكلفة الانترنت، وانقطاع الكهرباء وغيرها، إضافة الى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الضاغطة والتي أثرت على مستوى التركيز والأداء عند المتعلم والمعلم، وعدم وجود إطار قانوني للاعتراف بالنتائج المدرسية المبنية على هذه المقاربة. انطلاقا مما تقدم، لا بد من فهم واقع وتحديات التعلم عن بعد في لبنان عموما، وفي ظل أزمة كورونا خصوصا، ووضع رؤية مستقبلية قريبة ومتوسطة الأمد في ما يتعلق بالبدء بعام دراسي جديد.
2- العام الدراسي المقبل ودعم التعلم عن بعد
أ- في بداية الأمر، نعتقد أنه من الضروري، وحرصا على العام الدراسي المقبل، ايجاد الحلول الممكنة لدعم الأقساط المدرسية للعام الدراسي المنصرم 2019-2020 لتتمكن المدارس المتعثرة (التي أصبحت كثيرة)، من دفع جزء أكبر من رواتب المعلمين لديها. لأن غياب هذا الدعم سيؤثر سلبا على استمرارية العديد من المدارس التي يمكن أن تصل الى الإقفال، وخسارة مجموعة كبيرة من المعلمين وظائفهم، وبالتالي زيادة مستوى الفقر في لبنان.
ب- إضافة الى ذلك، نعتقد أنه من الضروري التنبه والتحضر لأزمة تربوية يمكن أن تشهدها المدارس الرسمية في بداية العام المقبل، بسبب انتقال الكثير من المتعلمين من القطاع الخاص إلى القطاع الرسمي، نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي عموما، الأمر الذي يقتضي معه وضع استراتيجية لزيادة عدد المقاعد المدرسية.
ج- أما في ما يتعلق بموضوع التعلم عن بعد، من المفترض بمرحلة أولى الاستفادة مما تم انشاؤه من منصات الكترونية، وإنتاجه من موارد تربوية حتى الآن، بهدف تطويره وتوحيد الجهود للعمل على توزيع عادل ومتكافئ على جميع المعلمين والمتعلمين. وتعزيز التعليم المدمج Blended Learning، المقاربة الأنسب، لما له من انعكاسات إيجابية في انجاح عملية التعليم والتعلم وتحقيق الأهداف التربوية للوصول الى جميع المتعلمين على اختلاف ذكاءاتهم المتعددة، وأنماط تعلمهم وسرعته، من خلال استراتيجيات تعليم وتعلم متعددة، إلكترونية وغير إلكترونية، تؤمن السياقية، والمرونة، وإمكانية الوصول إلى المعلومة وتنوع التفاعلات وتحقق المصلحة الوطنية العليا.
د- بحسب رأي المركز التربوي، ترتبط طبيعة العودة الى المدرسة (بشكل كامل أو جزئي أو تدريجي) في العام الدراسي المقبل بانتهاء أزمة كورونا. لذلك، من المفترض أن نتحضر لكل الاحتمالات.
ه- يعمل المركز التربوي حاليا على أنشطة مرتبطة بالعودة الى المدرسة، وهي كالآتي:
– العمل على تعزيز منصة مبادرة التعلم الرقمي dl.crdp.org (منصة رسمية مجانية للمدارس الرسمية والخاصة موجهة للمتعلمين والمعلمين والأهل وجميع من يريد)، تؤمن بيئة إلكترونية آمنة للتعلم عن بعد وتعتبر الحل الكامل والمتكامل من خلال خمس وسائل تعليمية: المكتبة الرقمية، الدروس الإلكترونية المسجلة، الصفوف الافتراضية، إدارة التعلم ومتابعة الواجبات، ومنصة التعلم التشاركي والتعاوني.
– تحديد المواضيع والكفايات الانتقالية المستمرة من السنة السابقة، التي تشكل المتطلبات المسبقة (prerequisites) في المواد التعليمية وبين الصفوف على التوالي وتحضير موارد تربوية خاصة بها.
– وضع برنامج دعم نفسي – اجتماعي للمتعلم والمعلم والأهل لكل الحلقات التعليمية.
– تدريب المدربين على التدريب عن بعد، ليتمكنوا من تدريب المتعلمين والمعلمين والأهل عن خصائص ومقاربات التعلم عن بعد.
– وضع الأسس العامة للتعلم عن بعد بكل أنواعه.
– وضع الأسس العامة للصف التفاعلي.
– إجراء الأبحاث الميدانية عن بعد بحسب الحاجة.
– وضع اقتراح لإنشاء المدرسة الافتراضية الأولى في لبنان في هيكلية المركز التربوي (المدرسة الافتراضية هي مؤسسة تربوية كغيرها من المدارس تعتمد على بيئة رقمية متكاملة عن بعد، من حيث الآليات الإدارية والتعلم الرقمي والاعتماد الأكاديمي)، وغيرها من الأمور التربوية ذات الصلة.
لضمان نجاح كل ما تقدم وكما سبق وذكرنا في مقالات سابقة، من المفترض العمل على تعزيز مقاربة التعليم والتعلم عن بعد لهذا العام وللاعوام الآتية، من خلال توحيد الجهود بين كل الوزارات والمؤسسات العامة والأجهزة المعنية والمؤسسات والمنظمات الداعمة والممولة، في المرحلة المقبلة، من خلال:
– تأمين الإنترنت المجاني للمواقع التعليمية (Whitelisting) من خلال وزارة الاتصالات على مدار السنة.
– تأمين عدالة التوزيع من خلال توفير أجهزة إلكترونية (كمبيوتر وIPads) لأطفال العائلات المتعثرة عبر التمويل الدولي المتوافر.
– تأمين موارد تربوية مستمرة على منصة مبادرة التعلم الرقمي (منصة تربوية رسمية مفتوحة).
– دعم بعض مدارس القطاع الخاص المتعثرة (الأقساط المدرسية، إشتراكات الإنترنت، تجهيزات الكترونية للمعلمين والمتعلمين وغيرها من المستلزمات).
– تدريب المتعلمين وذويهم والمعلمين والعاملين في القطاع التربوي.
– قوننة التعلم عن بعد ضمن الأزمة لتتمكن المدارس من اتباعها. وبعد الأزمة، ضمن معايير تربوية محددة يضعها المركز التربوي انسجاما مع المناهج التربوية.
– تعديل القوانين واستصدار المراسيم التطبيقية اللازمة باستحداث وتشغيل المدرسة الافتراضية اللبنانية المركزية Central Lebanese Virtual School في هيكلية المركز التربوي للبحوث والإنماء.
كما يمكن إشراك المنظمات الدولية والجهات المانحة لدعم التعلم عن بعد واستخدام جزء من التمويل المتوافر في إطار بعض المشاريع التربوية بهدف دعم منصة المركز التربوي للتعلم عن بعد وتقديم برامج متخصصة وموارد تربوية وتجهيزات معقولة الكلفة للمتعلمين والمعلمين والمدارس في القطاعين الرسمي والخاص، تسمح للجميع باعتماد هذا النوع من التعلم والتعليم وتأمين المستلزمات التكنولوجية اللازمة (التي سبق ذكرها).
رابعا: الأحكام القانونية والتنظيمية:
لتحقيق المهام المشار إليها أعلاه، تم إصدار القرار رقم 609/2020 تاريخ 1/6/2020 بعد التشاور مع المعنيين بهذا الشأن في وزارة الداخلية، وسندا للنصوص القانونية والتنظيمية الآتية:
1- المرسوم رقم 6198 تاريخ 15/3/2020 (إعلان التعبئة العامة) نص في الفقرة الأولى من البند -5- من المادة الأولى منه على أن تقفل المؤسسات العامة، ويستثنى منها ما تقتضيه ضرورات العمل في المؤسسة العامة، وفقا لآلية تصدر بموجب قرار عن السلطة صاحبة الصلاحية.
2- القرار الصادر عن مجلس الأخصائيين في المركز بموجب الجلسة رقم 16/99 تاريخ 13/7/1999 المتعلق بتحديد دوام العمل في المركز وتفويض رئيس المركز تحديد دوام خاص للعاملين في المركز، وفقا لمقتضيات العمل وطبيعته واستصدار القرار التنفيذي اللازم، مع الإشارة إلى أن المركز التربوي اتخذ كل الإجراءات الوقائية اللازمة والموصى بها من قبل مجلس الوزراء في هذا الشأن.
وبناء على ما تقدم ولنتمكن من دخول عام دراسي آمن تربويا ونفسيا وصحيا، لا بد من تحمل المسؤولية والتعاون وتوحيد الجهود، كل بحسب موقعه، للمصلحة الوطنية العليا: بالتربية نبني معا”.