بوابة التربية: إعداد د. *نبيل قسطنطين
لدى مراجعتي لمقالة تحت عنوان “المواطنة الرقمية”، عادت بي الذكرى خمسين عامًا ونيِّف إلى بدايات حياتي الوظيفية في ستينيات القرن المنصرم، ودخولي إلى عالم الكومبيوتر والتكنولوجيا (عصر المعلوماتيَّة في أيَّامنا هذه، أو العالم الرقمِّي)، وقد ترجمَت عبارة الـ Computerبالحاسوب، وكانت هذه العبارة أقرب إلى الواقع لأنَّ الأعمال (Applications) التي تؤدّي إلى معالجة المعلومات، كانت بمعظمها عمليات حسابيَّة وفي بداياتها، مقارنة بالتطور الهائل والمتسارع في هذا العصر، إذ أصبحنا في عالم أشبه بالقرية الصغيرة، بسبب انتشار ما يسمَّى بـ «العالم الرقمي Digital World» وعالم <الروبوتيكس Robotics>، الذين يوفران عشرات آلاف وظائف المعلوماتية المواكبة لهما، وهي بمعظمها غير محدَّدة حتَّى اليوم.
لذلك، وانطلاقا من التعديل الحاصل على تسمية جهاز الكومبيوتر بجهاز المعلوماتية (Informatics Informatiques) – والذي اعتمدته منظمة اليونسكو والأمم المتحدة في الثمانينات من القرن الماضي، والتي اعتمدها المركز التربوي للبحوث والإنماء في تسمية المنهج الذي وضع في العام 1997 والكتب التي أعدَّت لتعليم مادة المعلوماتية، استنادًا إلى أهداف تمَّت صياغتها بدقّة، مع مجموعة من الإختصاصيين من الجامعات: اللبنانية، الأميركية، اليسوعية، اللبنانية الأمريكية وسيدة اللويزة، وكان لي شرف التعاون معهم كمنسق عام لهذه اللجنة،
وقد تمكنَّا معًا من إعداد وتأليف كتب مدرسية لمرحلتَي التعليم المتوسط والثانوي، وتحديد مواصفات أجهزة المعلوماتية ومتمماتها، كالبرامج التطبيقية، ومقررات التدريب، والطابعات الإلكترونية، بالإضافة إلى المطبوعات الورقيَّة المناسبة إلخ…
بناءً على ما تقدَّم، وبالعودة إلى العبارة المعتمدة “المواطنة الرقمية”، يتبين لنا أنّ تسمية “المعلوماتية والمواطنة” أو “المواطنة المعلوماتية”، تبقى الأكثر تعبيرًا وعمقًا نظرًا إلى ما تحمله من أبعاد علميّة، معرفيّة، إنسانيّة وتربويّة، من تسمية “المواطنة الرقمية” مهما تنوّعت دلالاتها.
لأنًّه وبرأيي ورأي الكثيرين، يجب ألاّ نحوّل الإنسان المواطن إلى رقم، لتصبح العلاقة بين الناس وكأنها علاقة بين أرقام، مجردة من الحالة الإنسانيَّة والعاطفيَّة والإيمانيَّة التي تميِّز الإنسان عن باقي المخلوقات.
تطوُّر المعلوماتية التربوية:
أ- في الإدارة المركزية
- ما قبل إنشاء المركز التربوي للبحوث والانماء،
المديرية العامَّة للتربية (المصلحة الإدارية المشتركة – دائرة الإحصاء، من بداية الستينات وحتى العام 1971)،
- مع المركز التربوي للبحوث والانماء (من بداية مع دائرة الإحصاء، ومن ثمَّ مع وحدة المعلوماتية من العام 1972 وحتى تاريخه)،
ب- في الإدارة المناطقبة:
- الفترة الممتدة من منتصف التسعينات وحتى العام 2000 (مشروع مكتب اليونسكو الاقليمي UNESCO – RB))،
- من العام 2000 وحتى تاريخ 16/04/2018 (مشروع الانماء التربوي مع البنك الدولي “EDP”)،
ج- في الإدارة المدرسية:
- 1. ما قبل العام 1998 والمبادرات الفردية،
- 2. مع المشروع المشترك بين المركز التربوي والهيئة الوطنية لدعم المدرسة الرسمية نظام الإدارة المدرسية “SIS” ،
- مع مشروع الانماء التربوي “EDP” ونظام إدارة المعلومات التربوية “EMIS” ،
في الخلاصة والاستنتاجات والتوصيات
إن التعامل مع تقنيات المعلومات والاتصالات في موضوع التربية والتعليم يحتاج الى رؤية متكاملة، قادرة على إيجاد السبل العلمية والتربوية المناسبة، الآيلة الى الاستفادة القصوى من هذه التقنيات في البيت، المدرسة والمجتمع، على ان يكون التلميذ هو محور هذه الرؤية.
بناءً عليه،
نلاحظ في أيامنا هذه، ونتيجة للاستعمال الخاطئ وغير الممنهج لهذه التقنيات، الانعكاسات السلبية على التلميذ المواطن المنتظر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- الاتكالية وتأثيرها على: الكتابة، المطالعة، التأليف، الحساب الذهني، الذاكرة، الصحّة النفسيَّة (العصبيَّة، الانعزال، العدائيَّة، إلخ)
- الإهمال للواجبات المدرسية ـ والتواصل العائلي والاجتماعي
- عدم احترام الوقت – المواعيد – الانتظام العام للحياة اليومية
- الانحراف والتورط والإدمان في استعمال الشبكة العالمية للاتصالات (Internet) أو ما يعرف بالشبكة العنكبوتيّة، تحديدًا على مواقع التواصل الاجتماعي غير المجدية والمسيئة للقيم والمبادئ الأخلاقية والدينية والوطنية
لأجل ذلك،
نتقدّم ببعض الاقتراحات التي نراها هامة جدًا في ما يتعلّق بالتعامل الايجابي مع هذه التقنيات، والأجهزة المرتبطة بها، وبشكلٍ خاص جهازالـWI-FI والإشعاعات الكهرومغناطيسيَّةElectromagnetic Radiation.
لماذا بشكل خاص جهاز الـ WI-FI؟
جهاز الـWi-Fi هو ملخَّص لعبارة Wireless باللغة الإنكليزية وقد أضيفت اليه عبارة Fi للتناغم ليس إلاَّ. إنّه الجهاز الذي يستخدم لمعظم الشبكات اللاسلكية العالميَّة (INTERNET) من موجات الراديو والتلفزيون والكومبيوتر ولوحات المفاتيح والهاتف المحمول وكاميرات المراقبة والطابعات الإلكترونية إلخ… كل ذلك، من أجل تبادل المعلومات والتواصل عبر مختلف شبكات ووسائط التواصل الاجتماعي (Facebook, WhatsApp, Messenger, Google, Instagram, …) بالسرعة القصوى بدلاً من الأسلاك والكوابل.
لماذا يطلق على جهاز الـ Wi-Fi تسمية: “جهاز الموت البطيء”؟
- التأثير السلبي على النمو الطبيعي للأطفال،
- المساهمة في الأرق وعدم النوم السليم،
- التأثير على ضغط القلب،
- تزايد خطر مرض السرطان،
- عدم التركيز وكسل الأنشطة الدماغيَّة جرَّاء النقص في إفرازات مادة الدوبامين الـDopamine، لذلك، فالتوازن الصحيح للدوبامين أمر حيوي لكل من الصحة البدنية والعقلية، لأنَّ وظائف الدماغ الحيوية تؤثر على المزاج، والنوم، والذاكرة، والتعُّلم، والتركيز، والتحكُّم في التحركات، وقد يرتبط نقص الدوبامين ببعض الحالات الطبية، بما في ذلك الاكتئاب ومرض باركنسون،
كيفية الوقاية من مساوىء جهاز الـ WI-FI؟
- عدم تركيب جهاز الـWi-Fi في المطبخ أو غرف النوم،
- عدم ترك جهاز الهاتف المحمول في الجيب،
- للمرأة الحامل، عدم ترك الهاتف المحمول على البطن،
- المبادرة إلى استعمال الهاتف الثابت خلال وجودك في البيت،
- عدم استعمال الجهاز المحمول أو أي جهاز إلكتروني آخر وهو في حالة الشحن،
- عدم ترك الجهاز المحمول أو أي جهاز إلكتروني في غرفة النوم وبحالة الشحن،
- مراقبة الأهل لأولادهم والعمل على وضع برنامج لتنظيم الوقت، واستخدام الكمبيوتر وأجهزة التواصل الاجتماعي والأفلام والأشرطة والمواضيع المرتبطة بها، (Cell, Ipad, Laptop, YouTube, Twitter, etc…) بما يتناسب والمستوى العمري والعقلي لكل منهم، (وتزويدهم بعناوين أنشطة وأشرطة تربويَّة إجتماعيَّة رياضيَّة فنيَّة مسليَّة، مريحة ومفيدة في آنٍ معًا)،
- توعية التلامذة على كيفية التعاطي مع هذه التقنيات، والتركيز على الاستخدام المجدي. (الأنشطة البحثيَّة والعلميَّة والرياضية والاجتماعية)،
- إجراء دورات تدريبية أو لقاءات تربوية مع الأهل (أنشطة في تقوية الإرادة)،
*لقد أعدَّت هذه المحاضرة في 15/06/2009، وأجريت عليها بعض التعديلات في العام 2019.
*إختصاصي في الإدارة التربوية
*مستشار تربوي لمؤسسات صائغ ومركز البحوث التربويَّة