الإثنين , يونيو 16 2025

الهندرة: مدخل لتحسين الأداء الإداري في المؤسسات التعليمية

 

 

بوابة التربية- كتبت وفاء حمدي المدهون*:

في ظل التطورات المتسارعة والتحولات الكبرى في بيئة العمل، بات لزامًا على المؤسسات التعليمية أن تبحث عن أدوات ووسائل جديدة لإحداث نقلة نوعية في أدائها الإداري والتربوي. من بين أبرز هذه الأدوات “الهندرة” أو إعادة هندسة العمليات الإدارية (Business Process Reengineering)، والتي ظهرت كمدخل استراتيجي يسعى إلى إعادة تصميم جذري للعمليات بهدف تحقيق تحسينات كبيرة في الأداء من حيث الجودة، الكفاءة، والسرعة.

مفهوم الهندرة

تُعرف الهندرة بأنها عملية تحليل وتصميم شامل للعمليات الأساسية داخل المؤسسة، بهدف إعادة بنائها بطريقة تُحدث تغييرًا جذريًا في كيفية أداء العمل. وتركز الهندرة على الاستغناء عن الإجراءات التقليدية واستبدالها بنظم أكثر تكاملًا ومرونة، معتمدة على التكنولوجيا الحديثة والفكر الإبداعي في الإدارة.

أهمية الهندرة في المؤسسات التعليمية

تشكل الهندرة ضرورة ملحة للمؤسسات التعليمية، لا سيما في ظل التحديات المعاصرة، ويمكن تلخيص أهميتها في النقاط التالية:

تحسين الأداء الوظيفي: أظهرت دراسة سعد (2025) أن إعادة هندسة العمليات الإدارية ساهمت بشكل ملموس في رفع كفاءة الأداء الوظيفي في جامعة حائل، خاصة عبر أبعاد التخطيط والرقابة والتنظيم، وهو ما يُظهر دور الهندرة في إحداث تغيير حقيقي في جودة الخدمات التعليمية والإدارية.

تعزيز القدرة على مواجهة الأزمات: في سياقات النزاعات كما في المدارس الحكومية في ضواحي القدس، بينت دراسة الخطيب وأبو خيران (2024) أن غياب تطبيق الهندرة يعود إلى مجموعة من المعوقات، مثل نقص الدعم المالي وضعف البنية التقنية، مما يدل على الحاجة الملحة لتطبيق هذا المدخل لتجاوز الأزمات وتعزيز مرونة المؤسسات التعليمية.

رفع كفاءة القيادة الأكاديمية: تناولت دراسة كعيد وطالب (2023) ممارسة الهندرة من قبل عمداء الكليات، وأكدت أن وعي القيادات الأكاديمية بمفهوم الهندرة وقدرتها على تطبيقه ينعكسان بشكل مباشر على فاعلية الإدارة الأكاديمية، خاصة فيما يتعلق بتبسيط الإجراءات وتسريع اتخاذ القرار.

أهداف تطبيق الهندرة في المؤسسات التعليمية

تسعى المؤسسات التعليمية من خلال تبني الهندرة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الحيوية، أبرزها:

  1. تحسين جودة الخدمات التعليمية والإدارية.
  2. تقليل التكاليف التشغيلية من خلال إلغاء العمليات غير الضرورية.
  3. تسريع الإجراءات الإدارية وتقليص الوقت المستغرق لتنفيذها.
  4. تعزيز رضا العاملين والطلبة من خلال تقديم خدمات أكثر كفاءة ومرونة.
  5. رفع قدرة المؤسسة على التكيف مع التغيرات الطارئة والمستقبلية.
  6. تمكين القيادات الأكاديمية من إدارة الموارد بفعالية أعلى.

إيجابيات تطبيق الهندرة في المؤسسات التعليمية

تشير نتائج دراسة سعد (2025) التي أجريت على جامعة حائل إلى أن تطبيق استراتيجيات الهندرة أسهم بشكل واضح في تحسين الأداء الوظيفي لأعضاء هيئة التدريس والإداريين، خاصة في أبعاد الرقابة والتنظيم والتخطيط. كما أظهرت الدراسة وجود علاقة دالة بين إعادة هندسة العمليات الإدارية وتحسن الأداء عند مستوى دلالة (0.05)، مما يعزز الفرضية القائلة بفعالية الهندرة كأداة لتطوير الأداء المؤسسي.

في السياق نفسه، أكدت دراسة Alkhatib & Abu Khairan (2024) في المدارس الحكومية بضواحي القدس أن الهندرة تتيح للإداريين تجاوز الكثير من العقبات التقليدية في العمل التربوي، وتساهم في تعزيز التفكير التحويلي وتوزيع المهام بمرونة وفعالية.

تحديات وسلبيات تطبيق الهندرة

رغم الإيجابيات العديدة، فإن تطبيق الهندرة في المؤسسات التعليمية لا يخلو من تحديات. فقد أظهرت دراسة Alkhatib & Abu Khairan (2024) أن أبرز المعوقات تمثلت في:

  1. معيقات مادية: مثل ضعف البنية التحتية، وقلة الموارد المالية، وعدم توفر الأدوات التكنولوجية اللازمة.
  2. معيقات إدارية: تتمثل في ضعف قدرات بعض المديرين والإداريين على التخطيط والتغيير المؤسسي.
  3. معيقات بشرية وتقنية: من حيث مقاومة التغيير، وضعف الكفاءات في استخدام النظم الحديثة.

ومن التحديات الأخرى التي أشار إليها الباحثون، الحاجة إلى تغيير الثقافة التنظيمية داخل المؤسسات، وتوفير تدريب متخصص للعاملين في مجالات الإدارة التربوية.

تطبيقات ناجحة للهندرة في التعليم

تشير التجارب البحثية إلى عدة مجالات واعدة يمكن أن تطبق فيها الهندرة بفعالية في المؤسسات التعليمية، منها:

إعادة تنظيم الهيكل الإداري للمؤسسات بما يعزز الشفافية وتوزيع المهام بكفاءة.

تحسين نظم القبول والتسجيل والشؤون الطلابية باستخدام أنظمة إلكترونية مرنة.

تصميم أنظمة تقييم أداء المعلمين والموظفين بناءً على مخرجات الأداء الفعلي.

دمج التكنولوجيا في العمليات الإدارية والتعليمية بما يقلل من الهدر ويعزز كفاءة الوقت.

خاتمة

تُعد الهندرة أداة استراتيجية فعالة قادرة على إحداث نقلة نوعية في أداء المؤسسات التعليمية إذا ما طُبقت بالشكل الصحيح، وبناءً على دراسات ميدانية موثقة. ويُوصى بتهيئة البيئة الإدارية والفنية اللازمة لتبني هذا المدخل، مع توفير تدريب متواصل للقائمين على الإدارة، وتخصيص موارد مالية وتقنية داعمة.

* طالبة ماجستير

المراجع

  1. سعد، أ. ف. (2025). أثر إعادة هندسة العمليات الإدارية (الهندرة) على الأداء الوظيفي: حالة دراسية جامعة حائل. مجلة الآداب – جامعة ذمار، 13(1)، 271-306. https://doi.org/10.35696/joa.v13i1.245

٢ . كعيد، عباس. طالب، حيدر. (2023). ممارسة الهندسة الإدارية (الهندرة) لدى عمداء كليات جامعة واسط من وجهة نظر رؤساء الأقسام. كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة سومر.

تاريخ الاطلاع 20/5/2025. الموقع :

https://www.researchgate.net/publication/330926415

٣. Alkhatib, A. & Abu Khairan, A.  (2024). Obstacles to Applying the Re-Engineering in Public Secondary Schools in the Suburbs of Jerusalem. Journal of Educational and Psychological Sciences, 8(5), 1–28.  Retried ,20 May ,2025. From :

https://doi.org/10.26389/AJSRP.A020124

 

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

الجودة الشاملة وجودة التعليم في المدارس العربية بين الواقع والمأمول

  إعداد الباحثة: ياسمين تيسير حمادة يعد مفهوم الجودة مفهوما جديدا معاصرا يتماشى مع التطور …