كتبت هالة رياض تركي الشاعر*:
في ظل الانفجار المعرفي والتكنولوجي والتطور العلمي، وتحديد معايير لتحسين الأداء وجودة المنتجات، فقد ظهر علم الجودة الشاملة وبدأ تطبيقه في نواحي الحياة المختلفة؛ ولأن كل عمل ناجح يرجع نجاحه إلى حسن الإدارة والقيادة؛ اتجه علماء الإدارة إلى وضع نظريات وأسس للإدارة الناجحة والقيادة الفذّة. فكان على رأس هذا كله العملية التعليمية بعد الصناعة والإنتاج، وكان الطالب هو المُخرَج الرئيس للعملية التعليمية ومن هنا ظهرت مصطلحات كثيرة في هذا الموضوع منها مصطلح الهندرة.
تعريف الهندرة:
الهندرة مصطلح ليس بالحديث، ولكنه حمل سمة جديدة فهي (هندسة الإدارة)، وهي مصطلح يجمع بين الهندسة والإدارة. إذًا يمكن تعريفها على أنها عملية إعادة هيكلية وتصميم شاملة للعمليات الإدارية في المؤسسة بهدف تحسين الأداء وكفاءة العمل، فهي عملية تغيير جذري لا تهدف إلى تحسينات هامشية بل إلى تغييرات جوهرية في طريقة عمل المؤسسة.
فهي عملية استعادة وتحليل العمليات الحالية وإعادة تصميمها بشكل شامل ومبتكر. وعرفها (ريموند ومارك و1995) بأنها إعادة التصميم السريع والجذري للعمليات الإدارية الاستراتيجية وذات القيمة المضافة بصورة خارقة لتعظيم تدفقات العمل وزيادة الإنتاجية في المنظمة، وكذلك النظم والسياسات والبنى التنظيمية المساندة.
الهندرة في التعليم:
أما الهندرة في التعليم: هي عملية إعادة هندسة وتصميم العمليات الإدارية والتنظيمية في المؤسسات التعليمية بهدف تحسين الأداء والفعالية فهي تهدف إلى جودة التعليم وتقديم تجربة تعليمية أفضل للطلاب، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليل البيروقراطية.
وتبدأ عملية الهندرة في التعليم بفهم آليات التعليم والتعلم بدلًا من العمليات الإدارية.
دور الهندرة في التعليم:
يكمُن دورها في اعتبار العملية التعليمية أهم الأدوات الحيوية التي تساعد على تطبيق المفاهيم الجديدة وإجراء التغييرات التنظيمية الهيكلية في المؤسسة عند تطبيق الهندرة. وذلك لأن التعليم يجب أن يكون إحدى الخطوات الأولى عند تطبيق أي نظم للهندرة في المؤسسة، وتشكل العناصر الثلاثة الآتية نظم التعليم في المؤسسات:-
1- التعليم يؤدي إلى تحسين المهارات التي يحتاج إليها الفرد حاليًا.
2- التطوير يتمثل في تطوير المهارات وتحسينها على المدى الطويل.
3- التثقيف الاجتماعي يعني تعليم الأفراد ثقافات وفلسفة المؤسسة من أجل التعرف إلى ما تقوم به المؤسسة.
فقد أشارت الكثير من الدراسات فيما يخص التعليم من أجل الهندرة إلى ما يأتي:
1- أهمية التعليم في المؤسسات العالمية واعتبار الإنفاق عليها إنفاقًا استثماريًا.
2- ضرورة تنوع المهارات والمعارف المطلوبة خلال عملية التعليم.
3- زيادة الاهتمام بالتعليم داخل الوظيفة، بدلًا من الاعتماد على التعليم داخل الفصول وحده، مع الاعتماد على الحاسبات الآلية وتكنولوجيا المعلومات كذلك.
4- ضرورة توضيح الأهداف التعليمية للهندرة من أجل خدمة ثلاثة مجالات محددة، وهي: الجودة والإنتاجية والعملاء.
عناصر الهندرة:
واقترح (هامر، شامبي، 2011) لتحديد كيف يمكن للمنظمة تطبيق الهندرة أربعة عناصر أساسية:
1- تغيير أساسي: وهو يتضمن طرح الأسئلة الأساسية حول كيفية إدارة وتشغيل المنظمة مثل: لماذا نتبع أسلوبًا معينًا في أدائه؟ فطرح مثل هذه الأسئلة الأساسية يدفع المسئولين إلى إعادة النظر في الأسس والفرضيات المحورية التي تحدد أساليب العمل المتبعة المنبثقة عن مفاهيم خاطئة أو غير مواكبة للزمن، وفي الواقع هذا التعبير يعكس أن الهندرة تبدأ من العدم دون أي افتراضات راسخة أو ثوابت مسبقة، فعملية الهندرة تحدد في البداية ما الذي يجب البدء به، ثم كيفية القيام به، وبالتالي فهي لا تعتمد على مفاهيم أو قواعد جازمة، بل تتجاهل كل ما هو كائن وتركز على كل ما ينبغي أن يكون.
2- تغيير جذري: يعني إعادة التصميم الجذري وليس مجرد تغييرات سطحية للوضع القائم من خلال التخلص من القديم تمامًا. ويعني ذلك التخلي عن جميع الهياكل والإجراءات السابقة، وابتكار أساليب جديدة ومستحدثة لأداء العمل، مما يعكس أن الهندرة تعني التجديد والابتكار وليس مجرد تحسين أساليب العمل القائمة.
3- تغيير فائق: وهو يعني أن الهندرة لا تتعلق بالتحسينات النسبية المضطردة بل تهدف إلى تحقيق طفرات هائلة وفائقة في معدلات كلية وجذرية في الأساليب ومستويات الأداء.
4- تغيير العمليات: وهي الأهم في تعريف مصطلح الهندرة وأكثرها صعوبة للفهم بالنسبة للمسؤولين، حيث يركز فريق العمل عادة على الوظائف والهياكل التنظيمية بدلًا من العمليات، ويعرف كلٌّ من -هامر وشامبي- العملية بأنها مجموعة الأنشطة التي تستوعب واحدًا أو أكثر من المدخلات لتقديم منتج ذي قيمة للعملاء.
معوقات الهندرة:
1- التسلسل الوظيفي وجحود الهياكل التنظيمية وتعدد المستخدمين القائمين بتنفيذ العمليات.
2- مستوى الثقافة لدى المستخدمين في المؤسسة وتعدد الأنشطة داخلها.
3- التغيير في اتجاه السياسات قد يكون فجائياً.
4- التعارض والتضارب في أداء الأعمال والمبادرات كما يعد المستخدم جزءًا أساسيًا في المؤسسات العامة.
5- عدم توفر الاعتمادات الكافية لتحفيز قدرة المستخدمين.
خطوات الهندرة:
ويقول (هارفرد بزنس ريفيو): إن خطوات الهندرة تتمثل في:
1- جمع البيانات وتحليلها: دراسة العمليات الحالية ورسم خريطة توضح آلية سير العمل.
2- تحليل العمليات: رصد الأخطاء وتحديد الجوانب التي تحتاج إلى تحسين.
3- إعادة تصميم العمليات: إدخال التحسينات وصياغة آليات جديدة لتنفيذها.
4- تنفيذ التغييرات: إطْلاع أصحاب المصلحة على التحسينات لضمان تنفيذها بالشكل الأمثل.
الخلاصة:
وبناء على ما سبق، فالهندرة إذًا عملية مستمرة وليست مجرد تعديل بسيط بل تغيير جذري في كيفية إنجاز الأعمال.
إن الهندرة الإدارية تهدف إلى إعادة تنظيم العمليات الإدارية في المؤسسات لتحقيق قفزة نوعية خارقة في مستويات الأداء وفي ذلك تحسين الإنتاج وتقليل الفاقد والاستجابة الفورية لمتغيرات الأسواق العالمية إضافة إلى التطور المتسارع والتقدم الحاصل بجودة عالية في جميع المجالات. فكان من باب الأولى الاهتمام بالعملية التعليمية واعتبار الطالب هو المنتج المهم الذي يجب أن يكون بجودة عالية تخدم نفسها والمجتمع لترتقي به الأمة.
* إدارة تربوية
المراجع:
1-Reengineering the corporation.
إعادة هندسة الشركات (مايكل مارتن هامر,1993، وجيمس آي شامبي2011)
2- الذكاء الاصطناعي.
3- موقع مرسال.
4- موقع موسوعة ابن عادل.
5- إعادة هندسة نظم العمل في المنظمات للمؤلف نسيم الصمادي العدد17( 1995).