بوابة التربية: وسط الإنقسام الحاصل في صفوف اساتذة التعليم الرسمي بين العودة الى مدارسهم أو الاستمرار في الاضراب المفتوح، حيث فتحت غالبية المدارس الرسمية ابوابها بعد نحو شهرين من الإقفال، وشهدت الثانويات والمدارس الرسمية تفاوتاً واضحا، فقد حضر الطلاب من دون اساتذة وفي البعض الاخر حضر الاساتذة بلا طلاب والبعض الثالث الاثنين معا مثل مدارس العمانية النموذجية وثانوية البزري والمدرسة الكويتية اللبنانية في صيدا.
في حاصبيا، واصل الاساتذة المتعاقدون في غالبية المدارس في منطقة حاصبيا، اضرابهم، فيما انقسم العديد من المعلمين المتعاقدين في التعليم الاساسي بين مؤيد للاضراب ومن هو ضده، والدخول الى صفوفهم شريطة تامين حقوقهم كاملة كما وعدهم بها وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي عن العام الماضي والحالي مع تحديد منصة صيرفة لسعر الدولار التربوي.
اعتصام وخيمة
وفي ظل هذه الأجواء، نفذت مجموعة من الأساتذة إعتصاما أمام وزارة التربية، بدعوة من لجنة التنسيق العليا لفروع رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي ولجان الأقضية والنقابيين الثانويين،
وتخلل الإعتصام قطع الطريق أمام وزارة التربية، للمطالبة بحقوقهم وتصحيح الأجور، ومن ثم عمدوا إلى نصب خيمة وسط الطريق للمطالبة بتصحيح الرواتب والتنديد بقرار رابطة الثانوي بالعودة للتعليم من دون استشارة الاساتذة، ورفع الاساتذة لافتات كُتب عليها “لنا القرار يا روابط العار” و”نعم لدولرة معاشات الأستاذة أسوة بباقي القطاعات”، و”لا ثقة لا عودة.. لا للتهديد ولا للترهيب.. مستمرون في الإضراب”.
الجنوب
بحسب المنطقة التربوية في الجنوب ، بلغت نسبة التزام الأساتذة في التعليم الأساسي بالعودة الى المدارس الرسمية جنوباً نحو 80 في المائة ، وفي التعليم الثانوي نحو 70% .
لكن وفي جولة على بعض المدارس الرسمية ( ثانويات ومتوسطات ) في صيدا والجوار ، تبين أن هناك 3 فئات من المدارس :
– مدارس توقفت فيها الدراسة كلياً فحضرت الإدارة وقسم من الطلاب ولم يحضر المعلمون ، فردّ بعضها طلابها الى بيوتهم وأخرى أبقتهم في الملاعب .
– مدارس حضر بعض معلميها لكنهم امتنعوا عن التدريس ، ( علماً أن تساؤلات طرحت حول مغزى حضورهم هذا ، وما اذا كان له علاقة فقط بقبض بدل النقل !) .
– مدارس حضر قسم من معلميها واستأنفوا الدراسة ، لكنها سجلت بالمقابل غيابا لمعلمين آخرين ولعدد كبير من الطلاب .
وبحسب مصادر تربوية متابعة فإن النسبة الأكبر من المعلمين المقاطعين للتدريس هم من المتعاقدين ، علماً ان 70 في المائة من المدارس الرسمية في التعليم الأساسي تعتمد على التعاقد . بينما تعتمد الثانويات الرسمية أكثر على أساتذة الملاك ، لكنها سجلت غياباً لأساتذة من الملاك والمتعاقدين على السواء .
أما في التعليم المهني ، فلم تنتظم الدراسة في معهد صيدا الفني واثار عدم حضور الأساتذة او عدم استئنافهم للتدريس سخطاً عند الأهالي كونهم كانوا قد ارسلوا أولادهم الى المهنية وتكبدوا كلفة النقل دون أن يعود ذلك بأي فائدة عليهم بسبب تمنع الأساتذة عن التدريس . بينما سجلت باقي مهنيات الجنوب حضورا للأساتذة والطلاب تراوح بين 40 و50 في المائة .
لم تكن تجربة اليوم الأول مشجعة بحسب بعض المدراء لكنها وفق هذا البعض أفضل من إبقاء المدارس مغلقة والطلاب في بيوتهم ، أما الأهالي كما ابناءهم فوجدوا أنفسهم مربكين بين تكبد اعباء الانتقال الى مدرسة لا اساتذة فيها ، وبين بقاء الطلاب في البيوت دون تعليم او على الأقل دون تسجيل حضور في مدرسة ولو على سبيل الانتظام .. فيما انقسم الأساتذة بين مؤيد لتعليق الاضراب ورافض للعودة قبل أن تسلك الحلول الموعودة طريقها الى التنفيذ رغم أن معظمهم يعتبر أنها لا تقدم سوى الفتات ولا تلامس طموحات المعلم بحياة كريمة .
اما الروابط ، فتعتبر أنها استطاعت حتى الآن تحقيق جزء من مطالبها وهو أفضل الممكن ولا سيما ما يتعلق بموضوع بدل النقل وفق سلم متحرك ( 5 ليترات بنزين ) مرتبط بسعر الصفيحة في حينه، وأنها مستمرة بمتابعة تحقيق المزيد على قاعدة “خذ وطالب “، بينما يبقى التحدي في احداث اختراق بموضوعي اعتماد ” منصة صيرفة تربوية ” وتصحيح الرواتب “، وبالتالي تعتبر هذه الروابط أن المعركة مستمرة لكن بدون سلاح الإضراب وأنها أساساً لم تلجأ الى تعليق الاضراب الا بعدما استشعرت خطراً على العام الدراسي ومصير الطلاب من جهة، ومن جهة ثانية بعد محاولة ما يعرف ببعض الـ”دكاكين الخاصة ” استغلال هذه الأزمة باستقطاب تلامذة المدارس الرسمية مقابل عروض خاصة على الأقساط .
ويبقى الرهان – بحسب الروابط والمعلمين في آن – على وزير التربية في أن ينجح بالإيفاء بالتزاماته للمعلمين بتسديد اول دفعة في عيد المعلم والثانية في 20 آذار الجاري ، وتبقى العبرة في التنفيذ أو ستكون المدارس الرسمية مجددا أمام خيار وحيد لا ثاني له وهو العودة الى الإضراب !.
الى ذلك ، وتزامناً مع التحاق زملاء لهم بمدارسهم ، نفذ عدد من أساتذة التعليم الرسمي ووقفة احتجاجية امام مصرف لبنان في مدينة صيدا رفضوا خلالها ما وصفوه بـ” التآمر ” وت”هديد المعلمين ” مؤكدين على استمرارهم بالإضراب المفتوح.
النبطية
نفّذ أساتذة الملاك في التعليم الثانويّ الرّسميّ في قضاء النبطية اعتصامًا أمام المنطقة التربويّة في النبطية، بعد أن عُقِدت جمعيّات عموميّة وتم التوقيع خلالها على توصية بالاستمرار في الإضراب حتى تحقيق المطالب.
وكانت كلمةٌ، باسْمِ الأساتذة المعتصمين، لجميل معلّم الذي نعى الهيئات الإدارية للروابط “بعد أن خانت الأمانة وتخاذلت وغدرت”، وأكّد “أنه لم يعد هناك مَن يُمثل الأساتذة سوى أنفسهم، فلا عودة بوعود فارغة زائفة، ولا عودة قبل تحقيق أهم مقومات العيش بكرامة، أبرزها ملف الطبابة والاستشفاء”.
واستنكر “ما يُقدِم عليه بعض المديرين من أقوال وأفعال تهويلية تسيىء إلى كرامة المعلم التي هي عنوان معركتنا في الأصل. وقد طالب المسؤولين بإيجاد الحلول، إذ ليس من مسؤوليتنا أن نفكر عمّن نصّب نفسه مسؤولًا، عليهم أن يبتكروا حلولًا لكل الأزمات التي أوقعونا فيها جميعا”.
ثم تحدّث وسيم نصّار الذي أكّد المطالب، داعيًا إلى “التصعيد (صيرفة خاصّة بالأساتذة، حوافز عادلة، استشفاء وطبابة، تحسين تقديمات تعاونيّة الموظفين)”.
ودعت عذراء قانصو إلى “الوحدة والاستمرار”.
وفي الختام، توافق المعتصمون على الاستمرار في تحرُّكهم، وتداعو إلى التجمّع يوم غدٍ الثلاثاء تمام العاشرة صباحًا أمام المنطقة التربوية، والانطلاق بمسيرة باتجاه فرع المصرف المركزيّ في المدينة.