بوابة التربية- كتب حسن عسيلي:
في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها لبنان، لا سيما الاقتصادية والاجتماعية من تدني الحد الأدنى للأجور والبطالة وحال الركود وهو ما انعكس على الدورة الاقتصادية التي لن تتعافى من دون تقديم حلول جذرية من الدولة.
ولكن وكعادته لبنان طائر الفينيق لا يحلق الا بالمبادرات الفردية وهذا ما ظهر جليًّا في قطاعات الكهرباء والماء والإستشفاء والمصارف حيث يتحول الجميع للحلول البديلة.
واليوم، قمة المصائب تجلت برفع الأقساط المدرسية بشكل يفوق إنتاجية المواطن ما سيفرض هجرة واسعة من مدن المدارس الخاصة إلى أرياف المدارس الرسمية وبشكل كثيف. لذا أصبح من الضروري أن يتكاتف المجتمع الأهلي بأسره، لدعم التعليم الرسمي بكل مسمياته: الثانوي، التكميلي، الابتدائي والمهني الذي يعتبر نبض مجتمعنا ومصدر الأمل لأطفالنا وشبابنا.
إن هذه الهجرة دون أدنى شك ستفاقم الأعباء على هذه المؤسسات التي تعاني أصلاً من نقص في الموارد.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى التضامن والعمل الجماعي لنضمن لأجيالنا بيئة تعليمية سليمة ومستقرة. يجب أن ندرك أن الاستثمار في تعليم أبنائنا هو استثمار في مستقبلنا جميعًا. لذلك، نوجه هذا النداء لكل فرد من أفراد هذا المجتمع، من أجل الوقوف صفًا واحدًا لدعم المدرسة الرسمية.
أهمية التعليم الرسمي
المدارس الرسمية هي العمود الفقري لنظام التعليم في بلادنا، وهي الخيار المتاح للكثير من العائلات التي تعاني من ضيق الحال. في هذه المؤسسات، يتلقى أبناؤنا تعليمًا يوازي في جودته التعليم الخاص، إذا ما توافرت لها الإمكانات اللازمة. لذا، يجب أن نتحد جميعًا لدعم هذه المدارس بكل ما أوتينا من قوة وموارد.
إنشاء صندوق دعم خاص
كي تكون جهودنا فعالة، نقترح إنشاء صندوق دعم خاص للمدرسة الرسمية في كل بلدة، بعيدًا عن القيود الإدارية التي قد تعيق تلبية الاحتياجات العاجلة. هذا الصندوق سيمكننا من تأمين الاحتياجات الأساسية للمدرسة، تبدأ بهيئات تعليمية ذات كفاءة تحتاجها المدرسة بسبب هجرة الأساتذة الأكفاء أو الهرم الذي أصاب بعضها وفقدانهم الحافز للعطاء او للتدريب الذي بات حاجة دائمة لمواكبة التطور الذي يشهده العالم، وهي من القيود التي تكبل معصم مديريها بصلاحيات مجمدة بإستبدال السيئ بالأحسن أو القدرة على إقامة الورش التدريبية لرفع قدرات المعلمين والمشرفين والاداريين، وكذلك لتوظيف مشرفين ومتخصصين لمعالجة الصعوبات التعليمية ودعم الفروقات الفردية ولا تنتهي الاحتياجات بالكتب والقصص والمختبرات والمستلزمات الدراسية، أضف إلى ذلك التكاليف التشغيلية من الكهرباء والماء وحتى تحسين البنية التحتية للمدرسة لضمان بيئة تعليمية مناسبة.
كيفية المساهمة
تتشكل لجنة مصغرة ويكون من نواتها من داخل الصرح التعليمي المدير ورئيس لجنة الأهل ومن خارجه على سبيل المثال لا الحصر رئيس لجنة التربية في البلدية، رجل دين، أحد الفعاليات التربوية، ممثلين عن مغتربي البلدة أو المحلة.
وتقوم هذه اللجنة بدراسة كل الإحتياجات ووضع إستراتيجية للنهوض بالمدرسة بعد تحديد الأولويات، وتبدأ بعملية التمويل والمساهمة إن كانت مادية أو عينية أو حتى معنوية من خلال:
1- تنظيم حملات لجمع التبرعات من الميسورين والفعاليات والمغتربين والجمعيات والمؤسسات الأهلية والرسمية.
2- تقديم الدعم التطوعي أو المدعوم من مؤسسات تربوية تدريبية للهيئات التعليمية والإدارية لرفع كفاءتها لتحسين الجودة.
3- الرسم الذي أقرته وزارة التربية والمحدد ب 50$ يضاف إليه مساهمة من الأهل لهذا الصندوق بقيمة 100$ عن كل طالب سيدخل بأقل تقدير لمدرسة تضم 500 طالب ما لا يقل عن خمسين ألف دولار بعيدًا عن قيود القوانين الإدارية التي تحكم صندوق المدرسة ولجنة الأهل ما يشكل ثباتًا في التمويل للعام الدراسي الحالي من خلال صرف التبرعات وفق الأولويات المحددة.
وبالتالي، فإن الهجرة التي ستشهدها المدارس الخاصة والتي باتت أقساطها مضاعفة حسب الإحصاءات بين 50% إلى ما يفوق ال 500٪ خلال هذه العام فقط. وعليه، يقع على كاهل اولياء الامور في المدارس الخاصة ما قيمته تبدأ من 700$ بين رسم تسجيل و وقرطاسية وزي مدرسي وبدل نقل هذا دون التطرق إلى القسط بالليرة اللبنانية والدعم بالدولار.
إذن أمام هذه المبالغ تبقى مساهمة ال 100$ لصندوق اللجنة رقمًا لا يذكر سنويًا لتحقيق ما يتمناه لأولاده، وهذا التنويه هو رد مسبق قبل حملات البكاء للتهرب من تحمل المسؤولية من الشركاء الأساسيين وهم الأهل وقد يقتطع هذا المبلغ من خلال التوفير من موازنة الفحم والمعسل وما شابه.
وبعد ذلك، يصدر عن هذه اللجنة كشف حساب شهري بالايرادات المادية والعينية وأبواب صرفها، لتأكيد مبدأ الشفافية تعزيزاً لإستقطاب التبرعات لاحقاً، على أن يعلق هذا الكشف في لوحة إعلانات المدرسة والبلدية ومنصات وسائل التواصل الإجتماعي.
إن كل ما تقدم هو مدماك يؤسس عليه، وهو ميثاق غير مقتبس عن كتاب سماوي مقدس، قد نأخذ جله أو بعضه نجتمع لنتعاون سوياً لنكسب شرف المحاولة بدلاً من أن نبقى نلعن الظلام،لأن بناء مستقبل مشرق لأطفالنا يبدأ من دعم مدارسنا الرسمية. ونحن قادرون على تغيير واقع مدرستنا للأفضل من خلال التضامن والعمل الجماعي. دعونا نكون نموذجًا يحتذى به في التضامن المجتمعي والتنافس على مستوى الوطن ، ولنقف صفًا واحدًا لدعم المدرسة الرسمية، لنرسم معًا مستقبلًا أفضل لأجيالنا القادمة.
بإرادتنا وإيماننا بقضيتنا، نستطيع أن نحقق المستحيل. فلنبدأ اليوم، ولننطلق في رحلة الدعم والتضامن لنعزز مكانة مدرستنا الرسمية ونضمن لأبنائنا حقهم في التعليم الجيد والمستقبل المشرق.