إنتقد تجمع الأساتذة المستقلين في التعليم المهني والتقني، الضغوطات السياسية والإدارية التي تتحكم بالعمل النقابي. وفي بيان مفصل شرح لمسار تحرك رابطة اساتذة التعليم المهني والتقني في خلال إعلانها الإضراب، ودعوتها للرابطة أن تكون على أهبة الإستعداد لكل أشكال التصعيد، من إضرابات واعتصامات وتظاهرات في حال الإخلال بالتعهدات مرة أخرى، أي: إقرار السلسلة العادلة، الحفاظ على الموقع الوظيفي، إلغاء البنود التخريبية، وإنصاف المتقاعدين.
وجاء في بيان التجمع:
إن ما جرى في المرحلة الماضية من تحركات مطلبية قامت بها رابطة التعليم المهني والتقني لا بد من التوقف عنده وتقييمه لأخذ العبر وتصويب المسار. في هذا الإطار ينبغي الإشارة الى الملاحظات التالية :
1- لقد قامت الهيئة الإدارية لرابطة التعليم المهني والتقني في بداية التحرك بأخذ زمام المبادرة، وتصرفت باستقلالية عندما بادرت الى اعلان الإضراب لثلاثة أيام، مما حدا بجميع الأساتذة الى الالتفاف حول رابطتهم، والنظر اليها بعين الرضى، والتطلّع اليها كحام للمطالبهم والساهرعلى تحقيق طموحاتهم وآمالهم.
2- وبغض النظر عن الظروف التي رافقت هذه التحركات، إلا أنه لا بد من عملية نقد الذاتي تبدأ بتقييم أداء بعض المنتسبين الى الرابطة الذين لم يرتق أداءهم الى مستوى العمل النقابي. لقد كان لعدم الالتزام بالاضراب من قبل بعض مدراء المدارس والمعاهد منذ بداية التحرك أثرا بالغ السلبية. وقد أدى التردد وانعدام الفاعلية في معالجة الأمر الى تزايد حالات عدم الالتزام، فأخذت تكرّ سبحة المدارس الغير مضربة الواحدة تلو الأخرى، حتى باتت تهدّد فعالية التحرك ووحدة الصف، وتهز الثقة. ولقد شكلت هذه النكسات عنصر ضغط رئيسي على الهيئة الإدارية اضطرها الى طلب المخرج واستعجال تعليق الإضراب.
3- تبين للجميع أن الضغوطات السياسية والإدارية ما زالت هي العنصر الحاسم الذي يحكم العمل النقابي ويوجهه لما يخدم مصالح أصحاب النفوذ وليس العكس. فكم سمعنا في هذه المرحلة عن مدرسة من هنا أو معهد من هناك تغيّرت آراء أساتذتها من مؤيد للإضراب الى مناهض له، ليس بفعل إعادة تقييم ذاتية أو إعادة فحص للضمائر، بل بفعل الضغط على الضمائر سواء من المدير أو الحزب. إن ما جرى يعيد الى الواجهة موضوع العلاقة الملتبسة بين المناصب الإدارية والانتماء النقابي، وكذلك الإزدواجية بين الانتماء الحزبي والعمل النقابي. فالبعض ما زال يغلّب المصلحة الضيقة أو الولاء الحزبي على الإلتزام النقابي. في هذا السياق لا بد من توجيه تحية إكبار الى الأساتذة الذين لم يرضخوا للضغوط، والذين اختاروا حرية ضميرهم، وعبروا عن آرائهم انطلاقا من حسّ المسؤولية النقابية والتزاما وايمانا منهم بمطالبهم المحقة، والذين شكلت نسبتهم ال 40%.
4- كذلك سادت أثناء التحرك حالة من التشرذم والتخبط نتيجة ضعف التعاون والتنسيق بين الروابط، وبخاصة بين رابطتي المهني والثانوي التي تجمعهما المصلحة المشتركة. وقد أثبتت التجربة الحالية الحاجة الملحة لوجود هيئة التنسيق النقابية، لتقوم بدور لا غنى عنه الا وهو التنسيق بين مختلف الروابط وتوحيد كلمتها، وتدوير الزوايا بين تبايناتها المطلبية، فيذهب الجميع الى مفاوضة السلطة صفا واحدا بدل حالة التضعضع التي وضعت الروابط في مواجهة بعضها. لقد بذلت السلطة كل ما وسعها لإضعاف هيئة التنسيق النقابية وإجهاض دورها وشرذمة مكوّناتها ليتسنى لها القضاء على الحركة النقابية التي باتت مزعجة ومقلقة لأصحاب النفوذ. من هنا لا بدّ لكل حريص على العمل النقابي من السعي لاعادة إحياء هذه الهيئة لتقوم بدورها.
إن النتيجة التي توصلت اليها الرابطة بعد ثلاثة أسابيع من الإضراب، تتلخص ببعض الوعود التي أطلقها المعنيون من رجال السلطة بتحقيق ما يمكن اعتباره الحد الأدنى من المطالب وتأجيل البت بكامل الحقوق الى المستقبل المجهول، كما هي العادة. فهذه السلطة هي المسؤولة عن تأخير إقرار السلسلة منذ خمس سنوات، وهي التي حرمت الأستاذ والموظف والعسكري من حقه في راتب عادل يحفظ كرامته ويصون عائلته، بسبب انقيادها للطغمة المالية وأصحاب المصالح الكبرى المتحكمين بمقدرات البلد. وإنها اذ لا تتوانى ولا تتأخر ليوم واحد عن سداد الاستحقاقات المالية لأصحاب النفوذ المالي، لا تجد غضاضة في المماطلة والتسويف والتحايل لتأجيل استحقاقات ذوي الدخل المحدود، وقضم حقوقهم حتى يتآكلها التضخم. إلا أن الحركة النقابية التي اعتادت على النكث بالعهود من قبل المسؤولين، لا يمكنها الإطمئنان الى ما آلت اليه الأمور، والركون الى مجرد الوعود، فلا بد من إقران القول بالفعل من ضمن مهلة شهر نيسان المقبل. لذا ندعو الرابطة أن تكون على أهبة الإستعداد لكل أشكال التصعيد، من إضرابات واعتصامات وتظاهرات في حال الإخلال بالتعهدات مرة أخرى، أي : إقرار السلسلة العادلة، الحفاظ على الموقع الوظيفي، إلغاء البنود التخريبية، وإنصاف المتقاعدين.
ونحن كأساتذة مستقلين نعاهد زملاءنا الأساتذة أن نبقى العين المراقبة والناقدة، الحريصة على الرابطة كأداة نقابية مستقلة بعيدة عن الضغوطات الحزبية والإدارية، كما عهدناها في حراك هيئة التنسيق النقابية، وإضراب ال33 يوم الشهير، وإننا لن نستكين قبل تحصيل كامل حقوق أساتذة التعليم المهني والتقني.