بوابة التربية- كتب عماد الزغبي: أدت تداعيات فشل رابطة التعليم الثانوي، بكل مكوناتها نقابياً، ومن عدم تأمين أدنى مقومات حقوق الأساتذة، وإنصياعها بالكامل لأوامر المكاتب التربوية، من دون العودة إلى القاعدة والجمعيات العامة، إلى تداعي هيكل الرابطة للمرة الأولى منذ تأسيسها منذ 47 عاماً.
الإستئثار بقرارات الرابطة من دون الرجوع إلى الأساتذة في القضايا المصيرية، شكل الضربة القاضية على العمل النقابي، فبات كل أستاذ يغرد على طريقته، ويتناول بالشخصي أشخاصاً محددين، مع ضياع للبوصولة في توجيه السهام الجارحة.. وبدلاً أن تكون المواقف موحدة في وجه السلطة التي افقرت الشعب، كانت هذه السهام تصب على الرابطة، التي لم تقصر في أن تكون المرمى السهل جراء خضوعها للمكاتب التربوية، التي تعمل وفقا للتوجهات الحزبية، ولمصالح السياسيين، بعيداً عن مصلحة الأساتذة والمدرسة والتلميذ.
الكثير من الأساتذة وضع اللوم على قيادة الرابطة الضعيفة.. والبعض أتهمها بالإنحياز والدفاع عن السلطة بطريقة غير مباشرة.. غير أن المستوى المتدني للخطاب أو للانتقاد فاق كل الوصف، وخير دليل ما تعج به مواقع التواصل الإجتماعي، من سباب وإنتقاد سلبي، وفي كثير من الاحيان من نقد غير موضوعي مفصل على قياس هذا الأستاذ أو ذاك، في حين أن آراء قلة من الأساتذة الموضوعية لم تكن تأخذ حيزاً من إهتمام المتابعين.
قدم وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، ما لديه من حلول، بعدما وضعت السلطة الإهتمام التربوي، في آخر إهتماماتها.. وبدل أن ترفض الرابطة “يومية” الخمس دولارات، ذهبت إلى إجتماع الروابط.. فكانت النتيجة العودة إلى التعليم، والأستاذ يصرخ ويئن، في ظل غياب الطبابة، وغلاء كلفة المعيشة، ومهما كان من زيادة أو مساعدة فهي لا تكفي سوى لتأمين لقمة العيش، بعيداً عن إحتياجات الأسرة الضرورية.
هذا الوضع، دفع بعدد من الأساتذة، إلى إعلان ثورتهم على الرابطة، ورفض إلزامهم الذهاب للتعليم، إذ أن البيانات “الضبابية” لم تعد تشبع أحد، أو تؤمن وسيلة نقل، ولا حتى دواء (المفقود أصلاً) ولا تغطية كلفة فاتورة المولدات الكهربائية..
وقبيل “تحطم” سفينة الرابطة، وبعد تقدم عدد من النقابيين استقالتهم من الرابطة، عالجت رئيسة الرابطة الموقف بتقديم استقالتها…
استقالة محرز
وجاء في استقالة رئيسة رابطة التعليم الثانوي الرسمي في لبنان ملوك محمد ديب محرز، التي وجهتها للأساتذة، التالي:
أتوجه اليكم بكل محبة وتقدير واخاطبكم بكل صدق وشفافية، فأنا منذ لحظة استلامي رئاسة رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي، عاهدت نفسي أن أحمل همّ الاساتذة، وأن أدافع عن حقوقهم بكل ما أوتيت من عزم.
لم أعتد أن أسطّر للناس بطولات من ورق ولم أرسم لهم أحلاما وأوهاما كاذبة، انطلاقا من ايماني بأنه من الاحترام للنفس أن تحترم الناس وأن تصدقهم قولا وفعلا.
لم أتأخر يوما عن مواكبة الأساتذة الزملاء ولم أدخر جهدا أو أتقاعس عن المطالبة بحقوقهم وتيسير أمورهم.
ازاء كل الجهود المبذولة والمساعي الحثيثة للقيام بواجبي، وجدت نفسي عرضة للتشهير والتخوين، ولم أسلم من الكلام النابي المسيء والاتهامات الشخصية لي (باستلام وظيفة خارج لبنان او بتقاضي راتب اضافي من الوزارة).
تجدر الإشارة هنا إلى أن مهامي في الرابطة ومتابعة الشؤون المتعلقة بهذه المهام كانت تغطى من راتبي الخاص وكنت أتابع بلا كلل ولا ملل دون التوقف عند هذه النقطة، فالعين التي تربت على القناعة لا تغريها المناصب.
نعم وبكل فخر أنتمي إلى مدرسة الشهيد رفيق الحريري المعلم العصامي الذي كان الداعم الاول والرئيسي لقطاع التربية والتعليم.
انا ابنة تيار المستقبل الذي كان دائما يقف الى جانب الاساتذة ويعنى بالشأن التربوي.
نعم أملك الجرأة لأقول أنني أخطأت بالتعامل مع البعض، فأنا لا أملك ثقافة قلة الاحترام وتربيت في بيت بسيط علمني أن أكون واقعية وصادقة.
العمل النقابي في نظري هو ان تسعى لحفظ كامل مكونات القطاع التربوي من اساتذة ومعلمين وتلامذة وسيرورة مناهج… ان تسعى لتطوير وتحديث كل عنصر من هذه العناصر ، أما في لبنان و في ظل الانهيار المالي و الاقتصادي لكل مرافق وقطاعات الدولة سببه سلوك سياسي أقل ما يقال فيه انه عهر معطوف على شبكة محاصصات ومؤامرات مصحوبة بنكايات ونكد أودى بالبلاد الى شفير جهنم وأكثر… والانكى من ذلك، إن اللغة “اللا نقابية” المستجدة المنحدرة اساءت لنا كأساتذة ولم نشهد بتاريخ العمل النقابي انحدار اخلاقي كالذي نعيشه اليوم حيث حول البعض معركته مع الدولة لمعركة معي شخصيا وما أمثل واتأسف ان اقول (معركة طائفية بامتياز)
لست من الاشخاص الانهزاميين ولن يغير قناعاتي ما يحصل من انهيار في بلد مأزوم، دفع ثمن الأزمة فيه القطاع العام. والمسؤولون السياسيون فيه منشغلون بحصصهم ومكاسبهم لا يرف لهم جفن ازاء انهيار كل البلد ومعه قطاع التربية والمعلمين، ولكن انا مقتنعة ومؤمنة بقول الإمام علي كرم الله وجهه :لا رأي لمن لا يطاع..
ازاء كل ما تقدم اعلن استقالتي من منصبي مرتاحة الضمير مع أسفي لما وصلت اليه الأمور داعية الله أن يتلطف بهذا البلد وبشعبه وخاصة أساتذته ومعلميه وأضيف:
رحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري باني الانسان… لو كان بيننا الآن لما وصلنا ابدا لما وصلنا اليه من هوان..
استقالة فرع البقاع
وتقدم فرع البقاع في رابطة التعليم الثانوي بإستقالة جماعية، وجاء في كتاب الإستقالة:
أما وقد بلغت الأمور حد المس بأقدس ما نملكه، كرامتنا، التى بذلنا دونها الكثير على مدى كل سني أعمارنا قبل الوظيفة وخلالها،وأرخصنا لها كل شيء، ماء الوجه وعرق الجبين وثقل الدين ومرارة الحاجة، وصبرنا وحملنا الأمانة التي أؤتمنا عليها رغم كل ما عايشناه وإياكم خلال الفترة التي تلت تولينا لتمثيلكم ضمن فرعنا،
رفضا لما وصلت إليه الأمور والتطاول المتكرر على كرامة الاستاذ، وتحميلنا بلا وجه حق وبشكل منفرد تبعات الهدر والفساد والعجز، ولما كنا الوحيدين الذين بذلنا من أنفسنا ما لم يقدم عليه أحد من المتكلمين أصحاب المنابر والمراكز، وانسجاما مع قناعاتنا بأننا لا نسكت عن ضيم وظلم وتجن بحق من قدم من ماء وجهه ليبقى التعليم الرسمي منارة وملاذا،
نتقدم منكم وبالنيابة عنكم بالاستقالة من فرع البقاع.
واستقالة زريقة
وتقدم مقر فرع الشمال الدكتور حسام زريقة باستقالته وقال:
زملائي وأخواتي واخواني في التعليم الثانوي في لبنان، تحيّة طيبة وبعد
لقد آثرنا منذ بداية الأزمة التي عصفت بلبنان من الصحية الى الاقتصادية والتي كنّا الجنود المناضلين بل الاسشتهاديين الذين ارتضوا التضحيّة في سبيل رسالة العلم وفي سبيل الحفاظ على أجيالنا وأبنائنا دون أن يرفّ للمسؤولين أي جفن. ثم صبرنا وتحمّلنا وتنازلنا في كثير من المواقف عن كرامتنا للحفاظ على تلك الرسالة وعلى المدرسة الرسميّة اليوم.
زملائي، خضنا في الأيام القليلة الماضية سلسلة لقاءات لحث الرابطة على العودة الى الجمعيات العمومية والوقوف عند رأيها وخاصة بعد التفويض الأخير لها، إلّا أننا فوجئنا باستمرار سياسات الإلغاء والتي لن ينتج عنها إلا مزيدًا من التشرذم والضياع وبعثرة لأي جهود تصب في صالح الاساتذة.
لذا وبناء عليه وشعورًا مني بالمسؤولية وصونًا لما بقي في دواخلنا من كرامة وانسجامًا مع نفسي واحترامًا لزملائي ورفاقي في التعليم الرسمي،
أعلن استقالتي من مقرري فرع الشمال لنضعكم أمام مسؤولياتكم وندعو لكم بالتوفيق لما فيه صالح الاساتذة والصالح العام.
.. وعبد الله يعلق عضويته
وتقدم عضو الهيئة الإدارية لرابطة اساتذة التعليم الثانوي انطوان فرج بو عبد الله، باستقالته وقال:
إنتخبت من قبل الأساتذة لأطالب بحقوقهم وبعد عجزي عن تأمين ما يستحقون وفي ظل التحديات المعيشية التي يعانون منها وبعدما لاحظت ان ما تم الإتفاق عليه في اجتماع الرابطة بتاريخ ٧/١/٢٠٢٣ مغاير للبيان الصادر عن روابط التعليم وبعد مطالبتي شخصياً بصدور بيان يعبر عن ما تم الإتفاق عليه من دون تجاوب أعلن تعليق عضويتي في رابطة التعليم الثانوي حتى اشعار آخر راجيًا من الله التوفيق للجميع في تأمين حقوق الأساتذة والطلاب.
أساتذة في ملاك التعليم الثانوي
وصدر بيان بأسم أساتذة في ملاك التعليم الثانوي الرسمي
تحيةً طيبة وبعد،
مَن يَهُنْ يسهُلِ الهوانُ عليهِ ما لجُرحٍ بميّتٍ إيلامُ
نحن ثلّة من أساتذة التعليم الثانويّ، اخترنا تلك المهنة بحبّ وشغف، ميداننا الصفوف، وغايتنا بناء وطن، والعيش بكرامة …
لكن ابتلانا الله بوزير لم يرفع لنا قدرا، وبرابطة لم ترفع لنا راية، وبوضع ضاغط لا يرحم…
فهذا الوزير يبشّرنا بفتات، ساخرًا من جراحنا، ثم يشترط العطاء، ويمنّ علينا بالقليل، وكأنه يقول هذا قدْرُكم وأنا قدَرُكم، وبحضور الروابط والهيئات.
نقولها له ولمن ادّعى التفويض والتمثيل… انتهت لعبة التمثيل، وآن للأحرار أن يقولوا كلمتهم، رافضين منطق الذلّ فنحن أهل عزة وكرامة، ولا يزايدنّ أحد علينا في الحرص على العام الدراسيّ… فنحن الذين أكملنا الأعوام الدراسية السابقة باللحم الحيّ.
لذلك ندعو جميع الزملاء الأحرار، إلى مواقف عزّ في كل لبنان، ابتداء من يوم الإثنين، رفضًا لبيان الذلّ الصادر عن وزير التربية، واستنكارًا لصمت الروابط المريب …
أيّها الزملاء الأحرار فلنكن على أهبة الاستعداد للمواقف التي سوف تعلن في حينه…
كرامتكم فوق أيّ اعتبار