الثلاثاء , ديسمبر 10 2024

جامعة الوطن تستغيث … ولا من صدى يُسمع

بوابة التربية- كتبت د.*إيليان جورج الشكر عضو تجمّع أساتذة من أجل الجامعة اللبنانية:

الجامعة الّلبنانيّة اليوم تُحتَضَر، وهي لم تعُد على حافّة الهاوية، بل تجاوزتها بأشواط، سواء  على صعيد الطلّاب، الأساتذة، الموظّفين، المدرّبين، الإداريّين، صندوق التعاضد، ملف التفرّغ، الدّخول إلى الملاك، فضلًا عن سوء وضع المباني، عدم توافر الطّاقة، إنعدام الصّيانة، غياب رجال الأمن، في مختلف كليّاتها.

إنّ الوضع خطير جدًّا، وهذا ما لا يُدركه أغلب الّلبنانيين ؛ فالمسألة ليست، كما يظن الرّأي العام بمعظمه، مسألة زيادة راتب للأستاذ الجامعي، أو حصوله على دعم مادّي ؛ بل هي أبعد من ذلك بكثير، إنّها مسألة بقاء واستمراريّة، مسألة وجود، مسألة صرح عريق هو الجامعة الّلبنانيّة الّتي لم تصل إلى ما وصلت إليه من مكانة، رفعة وازدهار، إلّا بعد عقود من العمل الدّؤوب، الجهد، والمثابرة …أمّا اليوم، وأمام التحدّيات الجسيمة الّتي تواجهها، نراها تُنازع وتفقد هُويّيتها يومًا بعد يوم، بسبب الوضع الإقتصادي، المعيشي، الحياتي المُتردّي. فضلًا عمّا مرّت به من صعوبات في السّنوات السّابقة لجائحة كورونا والأزمة الحاليّة، وهي صعوبات لم تُعالج على المدى الطّويل، لاقية بثقلها على جامعة الوطن، فإذ بها تتخبّط في مواجهة الأزمات كافّة ومن مختلف النّواحي، من دون مُغيث أو مُنجِد لها ؛ فخطّة الإنعاش الوطنيّ لم تشملها، فإذا بها تُعاني الإهمال، اللامبالاة، والتّهميش، من قبل أهل السّلطة أوّلًا، ومن قبل بعض أهلها ثانيًا ؛ ما جعل الوضع لا يُحتمل، فلا تغطية صحيّة للأساتذة، فبُتنا نخاف المرض، مفضلين الموت على الذل والإهانة والشحاذة على أبواب المستشفيات. ولا تفرّغ يُشعر الزملاء بالإستقرار الوظيفي. ولا دخولٍ إلى المِلاك يضمن لنا المستقبل. ولا حلول تُعالج وضع الطُلّاب الذين أصبحوا بحاجة وذويهم، إلى مدخول إضافي، ليتابعوا تعليمهم الجامعي، سواء  كان من بعد أو حضوريًّا. ولا دراسة لوضع الموظّفين والإداريّين والمُدرّبين، ليتمكّنوا من المتابعة، وهم الذين لم يُقصّروا يومًا في تأدية مهامهم على الرّغم من رداءة الأوضاع وتدهور الأحوال.

باختصار، إنّ الجامعة الّلبنانية، جامعة الوطن وقلبه النّابض، منارته وجيشه الثّاني، جَنَاح أبنائه بمختلف أطيافهم والطّبقات؛ تمُرُّ اليوم في مِخاض عسير  جرّاء ما عايشته وتعيشه من: تلكّؤ، تقاعس، تقصير، هوان، تفريط…من قبل أهل السّلطة؛ فإذا بها تواجه  أسوأ أزمة، منذ تاريخ تأسيسها حتّى اليوم، ألا وهي أزمة وجود، وذلك في ظلّ الدّمار المُتعمد والممنهج، من قبل المنظومة السياسيّة، لمختلف محاورها والقضايا.

تلك الحرب، حرب الهدم والتّدمير، الإلغاء والتّعطيل، الحل والفسخ، الحظر والمنع …جعلت

جامعة الوطن تموت، وأهل السّلطة يغطّون في سُبات عميق، لا من سميع ولا من مُجيب، ولا حياة لمن نُنادي، لذا يقع علينا نحن  كأفراد وجماعات، من أساتذة، طلّاب، مجتمع مدني، مجتمع دولي، مؤسسات، جمعيّات …أن نسعى في سبيل إنعاشها والإحياء.

* (أستاذة متفرّغة في الجامعة الّلبنانيّة، كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، الفرع الثّاني)

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

متعاقدو الرسمي: لضمان حقنا بالعقد الكامل وإصدار مرسوم زيادة أجر الساعة

  بوابة التربية: طالبت لجنة الاساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي الرسمي (مختلف التسميات) ولجنة الأساتذة  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *