بوابة التربية – Tarbia gate بوابة التربية – Tarbia gate
مقالات مشابهة
بوابة التربية- كتبت رباب فايز لقان:
في عالم الأعمال المتسارع والمتغير باستمرار، تسعى المؤسسات جاهدة لتحقيق مستويات أعلى من الكفاءة والفعالية والقدرة التنافسية. من بين الأدوات والمفاهيم الإدارية التي ظهرت لتحقيق هذه الغاية، تبرز “الهندرة” (Reengineering) فما المقصود بالهندرة؟!
*مفهوم الهندرة:
– منهجية جذرية تهدف إلى إعادة تصميم العمليات التجارية الأساسية لتحقيق تحسينات جوهرية في مقاييس الأداء الحاسمة، مثل التكلفة والجودة والخدمة والسرعة.
– إعادة هندسة العمليات لتحقيق قفزات نوعية في الأداء.
الشكل التالي يوضح مفهوم الهندرة .
*النشأة:
ظهر مفهوم الهندرة بشكل بارز في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، خاصة مع كتاب “إعادة هندسة الشركات: بيان للثورة” لمايكل هامر وجيمس تشامبي. لم تكن الهندرة مجرد تحسينات تدريجية، بل كانت تدعو إلى التفكير من الصفر وإعادة بناء العمليات بشكل جذري. السؤال الأساسي الذي تطرحه الهندرة هو: “إذا كنا نبدأ هذه الشركة اليوم، كيف سنقوم بهذه العملية؟”
*الفرق بين الهندرة والتحسين المستمر:
من المهم التمييز بين الهندرة والتحسين المستمر (Continuous Improvement). فالتحسين المستمر يركز على إجراء تغييرات صغيرة وتدريجية على العمليات القائمة بهدف تحسينها بمرور الوقت. بينما تتطلب الهندرة إعادة تفكير جذرية في العمليات وتصميمها من جديد، وغالبًا ما تؤدي إلى تغييرات كبيرة ومفاجئة في كيفية سير العمل. يمكن تشبيه التحسين المستمر بصقل قطعة موجودة، بينما تشبه الهندرة إعادة صياغة القطعة بالكامل.
الشكل التالي يوضح أهمية الهندرة .
*مبادئ الهندرة الأساسية:
تعتمد الهندرة على عدة مبادئ أساسية توجه عملية إعادة التصميم، من أبرزها:
– التنظيم حول النتائج وليس المهام: بدلاً من تقسيم العمل إلى مهام متخصصة، يتم تجميع الأنشطة حول تحقيق نتيجة معينة أو مخرجات محددة.
– تمكين العاملين: منح الموظفين المزيد من السلطة والمسؤولية لاتخاذ القرارات وتنفيذ العمليات بشكل كامل.
– تسيير العمليات بشكل طبيعي: تصميم العمليات بحيث تتدفق بشكل منطقي وسلس قدر الإمكان، وتقليل الحاجة إلى تدخلات خارجية.
– مركزية المعلومات: استخدام التكنولوجيا لتمكين تبادل المعلومات بكفاءة وفعالية بين جميع الأطراف المعنية.
– التعامل مع الموارد المشتتة جغرافيا كما لو كانت مركزية: استخدام التكنولوجيا لربط الوحدات أو الأفراد المتباعدين جغرافيًا.
*خطوات تطبيق الهندرة:
– تحديد الأهداف: تحديد الأهداف المرجوة من عملية الهندرة، مثل خفض التكاليف بنسبة معينة، أو تحسين وقت الاستجابة للعملاء.
– تحديد العمليات المراد هندرتها: اختيار العمليات الأساسية التي تحتاج إلى إعادة تصميم لتحقيق الأهداف المحددة. غالبًا ما تكون هذه العمليات ذات تأثير كبير على الأداء العام للمؤسسة.
– فهم العمليات الحالية: تحليل وتقييم العمليات الحالية لتحديد نقاط الضعف والاختناقات والمجالات التي تحتاج إلى تحسين.
– تصميم العمليات الجديدة: ابتكار وتصميم عمليات جديدة ومحسنة تستند إلى مبادئ الهندرة وتستفيد من التكنولوجيا المتاحة.
– تنفيذ العمليات الجديدة: تطبيق العمليات المصممة حديثًا وتدريب الموظفين على كيفية أدائها.
– التقييم والمتابعة: قياس أداء العمليات الجديدة ومقارنته بالأهداف المحددة، وإجراء التعديلات اللازمة لضمان تحقيق النتائج المرجوة.
* تحديات تطبيق الهندرة:
على الرغم من الفوائد المحتملة للهندرة، إلا أن تطبيقها لا يخلو من التحديات، قد تواجه المؤسسات مقاومة من الموظفين الذين يشعرون بالتهديد من التغييرات الجذرية، كما أن عملية إعادة تصميم العمليات قد تكون معقدة وتتطلب استثمارات كبيرة في الوقت والموارد والتكنولوجيا بالإضافة إلى ذلك لا تضمن الهندرة النجاح دائمًا، وقد تفشل بعض محاولات التطبيق إذا لم يتم التخطيط والتنفيذ بشكل جيد.
*الخلاصة:
تظل الهندرة منهجية قوية لإعادة التفكير جذريًا في كيفية أداء الأعمال. عندما يتم تطبيقها بشكل صحيح، يمكن أن تؤدي إلى تحسينات كبيرة في الكفاءة والفعالية والقدرة التنافسية. ومع ذلك، يتطلب النجاح في تطبيق الهندرة رؤية واضحة، والتزامًا قويًا بالتغيير، وإدارة فعالة للتحديات المحتملة. في عالم يسوده التنافسية والابتكار، يمكن أن تكون الهندرة أداة حيوية للمؤسسات التي تسعى ليس فقط للبقاء، بل للازدهار والنمو.
*باحثة ماجستير
*المصادر و المراجع
_”إعادة هندسة نظم العمل في المنظمات” (Reengineering Business Processes) لـ مايكل هامر وجيمس شامبي.
_”ثورة إعادة الهندسة” (The Revolution of Reengineering) لـ مايكل هامر وستيف ستاتين.
_”المسار الحقيقي لإعادة الهندسة” (The Real Reengineering Path) لـ توماس دافنبورت.
