أخبار عاجلة

د. قسطنطين حول الواقع التربوي: إعادة السنة الدراسية مع استثناءات وشروط ومعايير تقييم

بوابة التربية- كتب د. نبيل نقولا قسطنطين: يتناول الواقع التربوي، مقدماً توصيفاً للواقع التربوي منذ ما قبل ومع ثورة 17 تشرين الأول، وجائحة (الكورونا COVID19)، الحلول المقترحة، وقرار الترفيع التلقائي، (التعليم المدْمج، الصف الافتراضي، التعليم عن بعد، التعليم بواسطة التلفيزيون التربوي أو محطات التلفيزيون الخاصَّة)، عرضاً الحل الأفضل أو الأقل سوءً من غيره، إعادة السنة الدراسية، مع استثناءات ضمن شروط ومعايير تقييم علميَّة وتربويَّة محدَّدة، (التعليم النظامي المباشر مع اتخاذ أقسى درجات الاحتياط في مجالي الصحِّة الجسديَّة والصحَّة النفسيَّة). يستهل د. قسطنطين مقالته بالقول:

  1.  المقدمة: حتى لا ندَّعي الكمال، وانطلاقَا ممَّا جاء في النظرية العلميّة حول النسبيَّة، وتطورها بين نيوتن وأينشتاين، والتي تؤكد أن “لا وجود لنظرية متكاملة ونهائيَّة، أو لا عيب فيها، إن في مجال العلوم الإنسانية، أو حتى في العلوم البحتَّة، بل هناك نظرية تكون نسبيَّا أفضل من غيرها، أو أقل سؤًا من غيرها”. وهذا ما ينطبق مثلاً، على ما جاء في التعريف بالنظام الديمقراطي: “إنَّ النظام الديمقراطي، هو النظام الأقل سؤًا من غيره، من بين أنظمة الحكم في العالم”، فكم بالحري إذا كان البحث يتناول مجال التربية والعلوم التربوية، والكم الهائل من النظريات التي تتغيَّر بين بلدٍ وآخر، أو حتى في قلب البلد الواحد.
  • توصيف الواقع التربوي ما قبل ومع ثورة 17 تشرين الأول، وجائحة (الكورونا COVID19

اجتهد التربويون وغير التربويين في توصيف هذا الواقع الذي عايشناه ما قبلومع ثورة 17 تشرين الأول  وفي خلال مرحلة تفشِّي وباء الكورونا، وبخاصةٍ في الحقبة الممتدَّة ما بين:

  • العام 1967 الحرب العربية الإسرائيلية،
  • ‌ب- والعام 1975، ومع الأحداث والحروب التي جرت على الأرض اللبنانية،
  • ‌ج-   والعام 1994 وما جرى بعد التسعينات مع خطَّة النهوض التربوي،
  • ‌د-     والعام 1997 ومع المناهج الجديدة، التي وضعها المركز التربوي للبحوث والإنماء، بالتعاون مع المديرية العامَّة للتربية ومختلف الوحدات المعنية في القطاعين الرسمي والخاص،

فمنهم من أصاب بنسبة عالية في توصيفه، ووضع إصبعه على الجرح، ومنهم من تحدث بالسياسة التقليدية حيث المصلحة الفردية أو الحزبية أو الطائفية، هاجسه ومبتغاه.

ومن الأهمية بمكان، إنصاف الجهود الجبَّارة التي قامت بها الوحدات المعنيَّة في وزارة التربية والتعليم العالي، وبخاصةٍ المركز التربوي للبحوث والإنماء، من أجل تطوير الواقع التربوي في لبنان، وتحت وطأة الأزمات المتعدّدة ما قبل ومع ثورة 17 تشرين الأول، ومع تفشِّي وباء الكورونا، ولكن ويا للأسف، ذهبت معظمها سدى مع التدخلات السياسية التي حرمت التربويين من متابعة خطَّة النهوض التربوي الآيلة إلى “بناء ملمح الطالب المواطن اللبناني الواحد من دون تمييز ولا امتيازات، الطالب المتخصِّص المبادر والمحَصَّن بالأخلاق والقيم”، بحسب فلسفة منظومة “البكالوريا العربيَّة الدوليَّة”، إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وراحت مدارسنا تحت شعار حريَّة التعليم، تبني أكثر من عشرين نوع من المواطنين المتعددي الأهداف والغايات، المتقاربة حينًا، والمتناقضة والمتضاربة في أكثر الأحيان، وخير دليل على ذلك، ما شهدناه مرارًا من صراعات ينتهي القليل منها عند حدود الكلام والمناكفات الإعلامية، ومعظمها يعتمد على لغة السلاح والقتل المتعمَّد، ليفضح مع كل حادثة هشاشة الواقع المرير الذي نعيشه، وحالة الانهيار الكامل على المستويات كافةً.

  • ‌ه-  أزمة إعداد المعلمين إعدادًا نظاميًّا كما كان يحصل ما قبل العام 1975، وما كان يجرى في كليّة التربية ودور المعلمين والمعلمات، وإن استمر بخجل، إلى أن توقّفت عمليّة الإعداد منذ العام 2000-2001، مع آخر دفعة من خريجي دور المعلمين والمعلمات.
  • الأزمة السياسية الدستوريّة وانعكاساتها، الطائفية لا بل المذهبيّة، والمحاصصة والزبائنيّة،
  • استبدال أساتذة الملاك المحالين إلى التقاعد، بمعلمين وأساتذة متعاقدين، مع احترامي وتقديري للمتعاقدين الذين نجحوا في مهامهم التعلمية والتربويّة في آنٍ معًا، ولكن هذا يبقى استثناء، ولا يمكن أن يغطي الحاجة إلى معلمين وأساتذة من أصحاب الكفايات، معدّين أساسًا في كلية التربية أو في دور المعلمين والمعلمات، ليقوموا بهذه المهمة التعليميَّة/ التعلُّمية الصعبة والشاقة والرسوليّة،
  • تعيين المديرين، السياسي والطائفي والمذهبي والحزبي إلخ. كذلك الأمر، مع احترامي وتقديري لمديرين نجحوا وبرعوا وكانوا مبادرين وأصحاب كفاية رفعوا من شأن مدارسهم أو ثانويّاتهم، وليس من شأن التربية بشكل عام أو شأن المدرسة الرسميّة خاصةً.
  • واقع البناء والتجهيزات المدرسيّة والبنى التحتيّة والأبنية السكنيّة وغير الصالحة أساسًا لاعتمادها كبناء مدرسي، وهي أبنية مستأجرة وتفوق نسبتها 50% من مجموع المدارس الرسمية،
  • المناقلات في خلال السنة الدراسيّة وتأثيرها على سير العمل والتلامذة والطلاَّب،
  • العلاقة غير المنتظمة، مع الأهل ولجان الأهل،
  • العلاقة مع الإدارة المناطقيّة والمركزيّة، والصلاحيات المبتورة لرؤساء المناطق،
  • العلاقة مع المنظمات الدوليّة والمؤسسات الخاصة والمحليّة، وتضارب الصلاحيات في التعامل معها،
  • العلاقة مع المؤسسات الدينيّة وتعليم الدين، خلافًا لما جاء في المناهج التعليمية الصادرة في العام 1997 التي خلت من مادَّة التعليم الديني.
  • توصيف الواقع التربوي في خلال ثورة 17 تشرين الأول في بداية العام الدراسي 2019-2020، ومع جائحة (الكورونا COVID19) المستمرة في خلال العام الدراسي 2020-2021،
  • الإرباك الحاصل على مستوى الإدارة التربوية وفي جميع الوحدات المعنية، الرسمية والخاصَّة، ما بين التعطيل الطوعي أو القصري،
  • التعطيل الرسمي المنظَّم أحيانًا، والاختياري أحيانًا أخرى،
  • الاستعداد السريع لمواجهة واقع وتحدي ومستجدات غير منتظرة، ووضع جهود من أجل المعالجة،
  • ‌د-     التدهور السريع للوضع الاقتصادي والمالي، وانهيار لسعر صرف الليرة اللبنانية،
  • الوضع الصحي وانعكاساته على الحالة النفسيَّة للأولاد والأهل معًا، إلخ…
  • الحلول المقترحة الترفيع التلقائي، (التعليم المدْمج، الصف الافتراضي، التعليم عن بعد، التعليم بواسطة التلفيزيون التربوي أو محطات التلفيزيون الخاصَّة)،

أثبتت الاستقصاءات التي أجريت على أنَّ الغالبية العظمى من التلامذة والطلاَّب لم تستفد من هذه الأساليب والطرائق التي اعتمدت، للأسباب الآتية:

  • عدم التزام التلامذة والطلاَّب والأهل بالتعليمات والإرشادات المطلوبة،
  • عدم توفر جميع المستلزمات الضرورية للمتابعة الجديَّة (الوضع النفسي، مستوى الأهل العلمي  والاقتصادي، الكهرباء، الإنترنت، التجهيزات الإلكترونية)،
  • عدم التنسيق الكامل بين المؤسسات التربوية على المستويين الرسمي ــــــ الرسمي، والخاص والرسمي،
  • عدم المتابعة والتقييم، والمساءلة،
  • الحل الأفضل أو الأقل سوءًا من غيره، إعادة السنة الدراسية، (التعليم النظامي المباشر مع اتخاذ أقسى درجات الاحتياط في المجال الصحِّي).

على ضوء هذه النتائج غير المشجعة أبدًا، للاستقصاءات التي بيَّنت على أنَّ:

  • نسبة عدد الطلاَّب الذين استفادوا أو تمكنوا من المتابعة أو كانوا جدِّيين في المتابعة، بحسب المحافظات والأقضية، كانت ما بين 3% إلى 30% كحد أقصى، للأسباب التي ذكرت أعلاه،
  • ب‌-  تمكنت المدارس في فترة ما قبل ثورة 17 تشين الأول، وفي خلال جائحة الكورونا، ومع اعتماد كل الوسائل والطرائق والأساليب (الصف الافتراضي، التعليم عن بعد، التعليم بواسطة التلفيزيون التربوي أو محطات التلفيزيون الخاصَّة أو التعليم المباشر)، من تنفيذ مالا يزيد على 20% أو 30% أو 40% من البرنامج السنوي في أحسن الأحوال.

أمام هذا الواقع المؤسف، وهذه الكوارث التي انهمرت على لبنان، وآخرها التفجير النووي المدمِّر في مرفأ بيروت وتأثيرها، على كل مكونات الدولة اللبنانيَّة الرسمية منها والخاصَّة، ومقوماتها السياسيَّة والإدارية والاقتصاديَّة والماليَّة والإنسانيَّة، وارتفاع نسبة البطالة، وتزايد عدد العائلات الفقيرة، والتي هي تحت خط الفقر، وأمام الضياع الحاصل للشباب اللبناني، وشعوره بالغربة والهوَّة ما بينه وبين حكّامه وزعمائه، وانفجار الوضع مع ثورة 17 تشين الأول، بشكل لم نشهد له مثيل في تاريخ الوطن اللبناني،

وممَّا زاد في الطين بلَّة، الانتشار المخيف لجائحة “الكورونا”،

أمام تراكم كل هذه المصائب والويلات، وبناءً على ما جاء في نتائج الاستقصاءات والوقائع، السياسيَّة والاقتصاديَّة وتحديدًا التربوية، وانطلاقًا من قاعدة أساسيَّة (وبالتربية نبني معًا)، وضعناها في المركز التربوي للبحوث والإنماء مع خطَّة النهوض التربوي في العام 1994، يوم كان وزيرًا للتربية معالي المرحوم الأستاذ جان عبيد، وكان البرفسور منير أبو عسلي رئيسًا للمركز التربوي للبحوث والإنماء،

هذه القاعدة هدمتها السياسة الطائفيَّة لا بل المذهبيَّة، ونظام المحاصصة والزبائنيَّة، وعبادة المال والزعماء، ودُمِّرَتْ على أيدي أهل البيت الواحد، الذين عملوا عن جهلٍ أو عن قصد، على تهميش التربية، حين اتخذوا قرارهم القاضي بتحويل كلية التربية في الجامعة اللبنانية إلى كليَّة عاديَّة تعمل على إعداد أساتذة طلاَّب استفاد من غالبيتهم القطاع الخاص، وتوقُّف الإعداد النظامي للمعلمين، في دور المعلمين والمعلمات في المركز التربوي للبحوث والإنماء، كما كانت عملية الإعداد ما قبل الأحداث والحروب على أرض لبنان.

فكانت، نتيجته تدمير النظام التربوي، وتدمير الإنسان المواطن اللبناني الذي كنَّا نحلم معه ببناء لبنان.

  • كل هذه المسائل كانت سابقة لأزمة “الكورونا”. فكيف هي الحال مع هذه المصيبة العالميّة يضاف إليها في لبنان الأزمات الأتية:
  • أزمة الكهرباء والإنترنيت
  • الأزمة الاقتصادية والمالية
  • الأزمات السياسية المتتالية
  • السؤال الأهم الذي يطرح نفسه:

كيف نستطيع في ظل هذه الأزمات والمسائل أن نعالج موضوع العام الدراسي، وكأنّنا في بلد متطوّر جدَّا ومتقدّم وعنده الجهوزيّة الكاملة للاستفادة من التقنيّات الحديثة وتحوّلات العالم الرقمي والتعلّم عن بُعد، والتعلّم المدمج إلخ…

وهل ما يصح في دول مثل: اليابان وفنلندا وسويسرا وألمانيا وهولندا وسنغفورة وكوريا إلخ… يمكن أن يطبّق في لبنان في ظلّ هذه الأوضاع الصعبة والمؤلمة؟

  • الحل المؤقّت:
  • فتح المدارس مع بداية شهر كانون الثاني من العام 2021، واعتماد التعليم النظامي، والاستفادة من التقنيات الحديثة في داخل المدرسة، وخارجها عند الضرورة، مع الأخذ بالشروط الأساسيّة الآتية:
  • العمل على إعادة العام الدراسي لجميع التلامذة والطلاَّب في جميع الصفوف،  باعتبار أنَّ عملية التعليم والتعلُّم هي عملية بنائيَّة، بحيث لا يمكن ومن غير المعقول بناء مدماك ثانٍ على فراغ،
  • ب‌)   تأمين الكتب والقرطاسيّة مجّانًا لطلاب وتلامذة المدارس والثانويّات الرسميّة، والخاصة المجّانيّة.
  • ت‌)   تأمين جميع الوسائل والأدوات الصحيّة للبناء والتجهيزات للأساتذة والتلامذة والطلاب ومن بينها تدريب بعض العاملين في المدرسة من معلّمين وإداريين على مراقبة التلامذة والطلاب عند الحضور وفي خلال اليوم المدرسي.
  • ث‌)   تأمين المستلزات الضرورية، من الكهرباء والانترنت وأشرطة الفيديو وحلقات تلفيزيونية إلخ…
  • المباشرة فورًا ومع فريق من المتخصصين من المديرية العامة للتربية والمركز التربوي وكليّة التربية، والمؤسسات الخاصة المحليّة والدوليّة، ولجنة التربية النيابيّة لإجراء ما يأتي:
  • وضع فلسفة متطوّرة للتربية في لبنان على قاعدة “التربية لبناء ملمح طالب مواطن لبناني واحد، من دون تمييز ولا إمتيازات طائفيّة أو مذهبيّة أو عقائديّة أو غيرها وفقًا لما جاء في المادتين 7 و12 من الدستور اللبناني، ونقترح في هذا المجال، اعتماد فلسفة منظومة البكالوريا العربية الدولية الـIAB، التي تعتمد النظرية الرباعية القواعد لبناء ملمح الطالب وهي: 1- الطالب المتمكِّن من العلوم والمعارف الـParadigmatic Student، 2- طالب منتج الـProductive Student قادر على التطبيق السليم لما كسبه من العلوم والمعارف،  3- طالب مبادر الـProactive Student، القادر على اتخاذ المبادرات والابداع والتطوير، 4- الطالب المبدئي الـPrincipled Student، القادر على اعتماد العلوم والمعارف والانتاج واتخاذ المبادرات في سبيل الخير العام، انطلاقًا من المبادئ التربوية والأخلاقية التي تستوجبها نهائيَّة نظم التربية والتعليم في العالم.
  • ب‌)   إقتراح قانون لتعديل الدستور اللبناني بهدف إلغاء المادة 95 وجميع مفاعيلها على المستويات كافّة.
  • ت‌)   وضع مناهج جديدة متطوّرة تتناغم مع أفضل المناهج الحديثة المعتمدة في الدول المتقدّمة، على أن تحقّق أهدافها وفلسفتها من خلال نظام تقييم علمي وتربوي شفّاف ومنطقي.
  • ث‌)   تعزيز كليّة التربية وبخاصّة في مجال إعداد المديرين والإداريين والأساتذة لجميع مراحل التعليم.
  • إعتماد مبدأ توزيع المديرين والإداريين والمعلمين والأساتذة يقوم على الخدمة العامة كما هو حاصل مع مؤسسة الجيش، الخدمة على مساحة الوطن وليس تلك المحصورة في قرية أو بلدة أو حَي المعلم أو الأستاذ أو المدير إلخ. وهذا النوع من الخدمة كان متّبعًا في مرحلة ما قبل أحداث 1975.
  • الإهتمام بالبناء المدرسي والتجهيزات بحسب الشروط الفنيّة التي يضعها المركز التربوي للبحوث والإنماء للأبنية المدرسيّة، بالتعاون مع الهيئات المانحة والإدارات المعنيّة في التربية أو غيرها.
  • إعادة النظر بالصلاحيّات والمهام المنوطة بكل من الوحدات الآتية والوحدات المرتبطة بها:

المديريّة العامة للتربية، والمديريّة العامة للتعليم العالي، والمديريّة العامة للتعليم المهني والتقني، ومجلس التعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء.

وذلك، على مستوى العلاقة في ما بينها وفي ما بين المنظّمات الدوليّة أو المحليّة  المانحة أو المتخصّصة.

*أختصاصي في الإدارة التربوية وخبير ومستشار تربوي

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

متقاعدو القطاع العام يرفضون تكليف أي شركة أجنبيّة بوضع سلسلة جديدة للرواتب

بوابة التربية: أعلن المجلس التنسيقيّ لمتقاعدي القطاع العام رفضه تكليف أيّ جهة أو شركة أجنبيّة …