الثلاثاء , ديسمبر 10 2024

رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية والموت السريري، من هو القاتل؟

بوابة التربية- كتب الدكتور *زاهر عبد الخالق:

تتشابه المواقف البشرية عند الاستحقاقات المصيرية، إما التحدي والاستبسال في الدفاع عن مبادئ، ومكتسبات وحقوق، وفي الأمر شجاعة ونخوة، وإما التنصل من المسؤولية والهروب بعيدًا عن أي إرادة فعليّة للمواجهة، وهذا دليل وهن وعجز. وهناك مواقف فريدة ومستهجنة تعيشها أروقة الجامعة اللبنانية ومواقع التواصل، وهي تقمص من قرر مقاطعة العمل النقابي، وبالتالي عدم الدفاع عن الجامعة اللبنانية وأهلها، دور البطولة والتباهي بهذا “التنحي” أمام الاعلام في مقالات، أقل ما يقال عنها بأنها “مشبوهة”.

حبذا لو يعود الجميع الى النظام الداخلي لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية التي تأسست عام 1975 بهدف تقوية دور الجامعة الطليعي في التعليم والبحث العلمي، والدفاع عن مصلحة الأستاذ الجامعي ورفع مكانته ماديًّا ومعنويًّا. وحبذا لو يدرك كل أستاذ انه جزء لا يتجزأ من الرابطة التي “يرجمها” صبح مساء. وللتذكير، فهي تتكون من الهيئات الآتية:

–  الهيئة العامة في الجامعة اللبنانية،

– الجمعيات العامة في كل فرع او وحدة جامعيّة ليس لها فروع.

– مجلس المندوبين (159 مندوبًأ حاليًّا) ،

– الهيئة التنفيذية للرابطة (المادة 3).

ومع أهمية الصلاحيات المعطاة للهيئة التنفيذية: “تمثيل الرابطة أمام الهيئات والمؤسسات كافة، وكذلك الدفاع عن حقوقها والمقاضاة باسمها كلما اقتضت المصلحة” (المادة 28)، على سبيل الذكر لا الحصر، فهي لا تختزل دور الأساتذة، بل على العكس، تبقى الهيئة العامة هي السلطة العليا في الرابطة، وقراراتها ملزمة لمجلس المندوبين وللهيئة التنفيذية (المادة 6)، هكذا ارادها المشرع.

خلال السنتين المنصرمتين، تخلى أغلبية الأساتذة عن دورهم المحوري والريادي في توجيه وتنشيط التحركات النقابية واعطائها الزخم المطلوب. ولم تجذب جلسات المندوبين العادية والاستثنائية المتكررة، نظرًا لضرورات المرحلة، أكثر من ثلث الأعضاء وكذلك هو الحال بالنسبة للجمعيات العمومية – اون لاين. ولم تستقطب الهيئة العامة الأولى (تموز 2022) أكثر من 10% من عدد الاساتذة المتفرغين و25% منهم في الهيئة العامة الثانية (تشرين الأول 2022) على أفضل تقدير. والسؤال البديهي، لماذا يقاطع الأستاذ نقابته؟

– لعل حالة الارتطام الكارثية التي يعيشها الوطن، وخيبات الأمل المتكررة الناتجة عن نكث السلطة لوعودها، وخير دليل على ذلك، ما بات يعرف باتفاقية “البنود السبعة” (2019)، وعدم إقرار ملفات الجامعة الحيوية (التفرغ، الدخول الى الملاك، ملف المدربين، وملف تعيين العمداء) في جلسات مجلس الوزراء الحالي والذي دخل سبات تصريف الأعمال، دفع الكثير من الأساتذة إلى العزوف عن المشاركة في أي التزام او نشاط نقابي.

– تركيبة الهيئات التنفيذية المتتالية، والتي اتخذت منهجًا توافقيًّا الى حد بعيد، بين المكاتب التربوية التابعة للأحزاب والتيارات السياسية المتمثلة بالسلطة، وهذا الدور الملتبس والمزدوج أضعف مواقفها وقراراتها وحدّ من قدرتها على المواجهة، مع التنويه بصدق والتزام العديد من الأعضاء وتفانيهم، وتبني شعار جامعتي اولًا. أضف إلى ذلك، تثبيت أعراف طائفية ومذهبية في توزيع المناصب النقابية على حساب الكفاءة أحيانًا.

– تماهي قرارات الهيئة التنفيذية مع ما بات يُعرف بمجلس العمداء في الجامعة اللبنانية، وعدم رغبة البعض من أعضاء الهيئة التنفيذية على الاعتراض أو حتى مناقشة التعاميم الصادرة عنه إذا تطلبت المصلحة العامة ذلك.

– اعتماد منهج نمطي في التفكير لدى الاغلبية الساحقة من الأساتذة التي ترفع من شان “النتيجة” وتقلل من قيمة “الجهود المكرسة” من قبل ممثليها، وفي هذا الكثير من الظلم، فما كان لملفات الجامعة الراكدة ان تتحرك لولا جهود الأداة النقابية. وعند كل نكسة في تحصيل الحقوق، يصب الأساتذة جام غضبهم على نقابتهم عوضًا عن مساءلة سياسة الدولة التي تخلخل ركائز القطاع العام برمته وتهدد جامعتهم، المؤسسة الوطنية الوحيدة للتعليم العالي في لبنان.

من حق الجميع القيام بالنقد البناء – أو حتى بالنقد اللاذع – تجاه رابطته، أما التخلي عن العمل النقابي في أحلك الظروف وترك الميدان في وطيس المعركة، فذلك لا يمت الى المروءة بصلة.

بعد أسابيع قليلة ستنتهي ولايتي مجلس المندوبين والهيئة التنفيذية. انها الفرصة الذهبية لجميع الغيارى من الأساتذة الكرام، والحريصين على شؤون وشجون الجامعة اللبنانية وقضاياها ان “يشمروا عن زنودهم”، ويترشحوا الى مجلس المندوبين 2022 -2024، والذي سينتخب بدوره هيئة تنفيذية جديدة. كما يتوجب على سائر الزميلات والزملاء أن ينتقوا من المندوبين كل من دافع عن حقوقهم، وأن يحاسبوا من تقاعس عن القيام بواجباته أو خذلهم. كما يتوجب عليهم ان يناصروا حقوق الجامعة اللبنانية وأهلها في شتى الميادين الفكرية والقانونية والإعلامية. فالوقوف في المنطقة الرمادية وانتظار الآتي بسلبية مطلقه، لا يليق بالأستاذ الجامعي. فلنفعل خيرًا أو فلنصمت.

ما زالت الفرصة متاحة أمام الجميع للتحرك وإنقاذ العمل النقابي، مع وجوب التمييز بين أهمية وجود واستمرار الأداة النقابية والنهوض بها وبين أداء القيمين عليها، وذلك حتى لا نبكي يومًا ملكًا لم نحافظ عليه.

*أستاذ جامعي

أمين سر مجلس المندوبين في رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية

 

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

متعاقدو الرسمي: لضمان حقنا بالعقد الكامل وإصدار مرسوم زيادة أجر الساعة

  بوابة التربية: طالبت لجنة الاساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي الرسمي (مختلف التسميات) ولجنة الأساتذة  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *