بوابة التربية- كتبت إلهام فرج*:
أصبح الحصار التربوي واقعاً يعيشه الطالب بالإضافة الى الحصارات الأخرى المفروضة علينا اقتصادياً وسياسياً وعمرانياً.
عندما تتحوّل التربية والامتحانات الرسمية الى عقاب وقصاص يْفرض على من صمد وعاد الى أرضه بالرغم من فقدان أعزاء له من أهل ورفاق وجيران، على الرغم من العراء الذي يبيت فيه بعد تدمير منزله وذكرياته، حمل كتبه ومضى نحو صفه الذي تصفر فيه الريح وتسكنه البرودة بسبب تكسّر النوافذ وخلوعة الأبواب، وتحطم القرميد وتشقّق الجدران والسقوف،
ولكنه حماسه للتعلّم وقبوله التحدي بعيداً عن الشعور بالانهزام والانكسار والخذلان وانعدام الأمان من حوله، لا هم ان سمع دوي القصف في مكان قريب، لا هم ان جالت وصالت الطائرات الحربية ونعقت الدرون طوال الوقت فوق رأسه، فالمهم أن لا يسبقه الوقت في تحقيق طموحه، انه سبيله الوحيد لتخطي الأزمات كما اعتاد، يغالب شعوره بالأسى والحزن الى حين، يخبأ دموعه الى حين، ثم يخرج بعد وقت من الصف ليأخذ زاوية ما وحيداً مع نفسه فيترك لتلك الدموع حرية التدحرج والعبور، كي يعود بعدها إلى صفه، ويعود…
هؤلاء هم طلابنا الأبطال، والذين بعد تلك الحرب وتداعياتها المدمّرة على البشر والحجر، لا يعيشون رفاهية الوقت والظروف، وهم ما اعتادوا الدعم من دولة تنام في مهاجع الآخرين، لطالما كافح أهلهم في الوطن وفي بلاد الاغتراب من أجلهم، ان كرامتهم هي في المضي قدماً الى الأمام، يحملون أوجاعهم وتعبهم بصمت، يتصفحونه ويفرغونه بين صفحات الكتب والدفاتر التي تؤنسهم في لحظات التخلي تلك.
لا بأس، ما اعتدنا الإنصاف ولا التفهّم ولا الدلال في بلادنا.
انها مدارسنا التي نعمل وحيدين على ترميمها من هنا وهناك، وبمبادرات وجهود شخصية وغالباً خارجية، لم يزرها وزير حالي أو سابق، ولم يدعو إلى زيارتها أحد، بينما نراهم يتمخترون في مناطق أخرى وكأننا لسنا على خارطة هذا الوطن…
سلام على الديمقراطية في التربية، سلام على أنسنة التعليم، سلام على حقوق الانسان وحقوق الطفل، وأهلاِ وسهلاً بالقمع التربوي، وبازدواجية المعايير في عالم أصبح يطفح ويفيض بكل هذه الأكاذيب…
*مديرة ثانوية