بوابة التربية- كتب د. إياد عبيد*:
مع التفلت الواضح في العمل الاعلامي ضمن مسمى كل مواطن صحافي.وبالطبع بسبب سيطرة وسائل الاعلام الاجتماعي.ومع تدني وهبوط مستوى الاداء الاعلامي في المؤسسات الاعلامية التي نمت وفرخت بشكل طحالبي.ومع قبول مؤسسات اعلامية كانت عريقة ان يتدنى مستواها ليجاري الموضة المتدنية في العمل الاعلامي.وهذا مانراه في بعض انواع الصحافة على اختلافها من مكتوبة ومسموعة ومرئية وبالطبع الالكترونية وحيث الاخيرة تتسابق في المنافسة على العمل الصحفي الرديء لأنه الاقل تكلفة.فإننا من موقع الغيور على مهنة الاعلام والتي أمضيت العمر في تدريس مقرراته والتاليف بها والاشراف على أبحاث طلابها في كل المراحل من ليسانس وماستر ودكتوراه..وكذلك المؤتمرات التي حضرناها وشاركنا بها ونظمنا بعضها.وكذلك اللجان العلمية الخاصة بتعديل وتطوير،المناهج..فإننا نطالب بشدة والحاح ان لا تنحرف المناهج العلمية الجامعية في الاعلام الى اعتماد المقررات الميسرة في تدريس اشكال العمل الصحافي.إنها مدعوة الى تاكيد تدريس اشكال العمل الصحافي بالطريقة الكلاسيكية التي عرفها العالم بفضل جهود إعلاميين أفذاذ أسسوا لصياغة أهم المقابلات والريبورتاجات والتحقيقات والمقالات على اختلاف انواعها.ومن خلال مسارات حياتهم المهنية كانت عمليات التطوير.كان الصحافي الذي يجري المقابلة يستعد ويتهيب لها..يبحث عن المعلومات الخاصة بموضوع المقابلة وعن شخصية من يقابل ولا يعود الا بصيد ثمين من المعلومات..مضافا الى ذلك دقة الوصف لمجرى المقابلة ومكانها واجوائهاوردات فعل من يقابل ..كان الصحافي بقلمه كأنه كاميرا فيديوا يحركها مخرج قدير مع مقدمة رائعة وخاتمة تجعل القاريء يعيش فترات معها.
نعم إن من لايتمكن من كتابة الاعمال الصحفية بهذه الجودة لايمكن له ادعاء النجاح في الصحافة.
إن الشخصيات السياسية الكبيرة التي تصنع الاحداث ومعها رجال الفكر والادب والفنون والفلسفة والعلوم الذين يغيرون المجتمعات ويطورونها يستحقون من الصحافيين هذا النوع الرفيع من الاداء الصحفي.وكذلك الامر التحقيقات والريبورتاجات عن الامكنة التاريخية والعواصم الحضارية تستحق احتراما يليق بها وكتابة جميلة وجذابة كجمالها وجاذبيتها.
واذا سأل سائل مطالبا ان نتفهم السرعة التي تتسم به المجتمعات الانسانية الحديثة والتي تعمل وسائل الاعلام على اللحاق بها ومجاراتها..نقول اولا ان عصر الاستهلاك السريع هو الذي تسوق له هذه الوسائل وثانيا وهذا الاهم ان من يتأسس على الكتابة بشكلها العلمي الرصين يمكنه ان يتماشى بهدوء مع هذه السرعة في الاداء والاستهلاك ولكن من لا يتاسس على الرصانة في العمل الصحفي ونقصد اتباع الاسس السليمة في التحرير لن يتمكن من الكتابة المرموقة التي تتطلبها بعض الموضوعات والشخصيات الرفيعة والتي لها افضالها على المجتمعات.
ايتها المؤسسات العلمية الأكاديمية المتخصصة بعلوم الاعلام والاتصال رحماك بالمحافظة على الثمين من مقرراتك العلمية ولاتنحدري الى الغث..وان مجالات التدريب المهني يتوجب ان يكون تحت رقابتك الحقيقية حتى يتخرج طالب الصحافة ولديه القدرة على التطور المهني اثناء مسيرته العملية وعلى ان يكون واعدا في خدمة مجتمعه.
نعم ونعم أخرى إن كليات ومعاهد تدريس الاعلام يجب ان تكون دائما في طليعة الحريصين على الاداء الأفضل للصحافة.
*استاذ مشرف في معهد الدكتوراه في الجامعة اللبنانية .علوم الاعلام والاتصال.