كتبت سلوى أبو خاطر*:
يشكل التعليم في غزة أحد أركان الصمود الوطني، لكنه يتعرض لضغوطات غير مسبوقة في ظل الحصار المستمر والحروب المتكررة، ومن هنا تبرز الحاجة إلى ضمان جودة التعليم، حتى في أقصى الظروف، ليس باعتباره ترفاً تربوياً، بل حق أساسي ومسؤولية أخلاقية.
أولاً: مفهوم ضمان الجودة التعليمية:
ويقصد بضمان الجودة التعليمية مجموعة من الأنشطة كالتخطيط، وضع المعايير والمؤشرات، والقياس والمراقبة، والتحسين المستمر، التي تعطي الثقة بأن المستفيد يلبي متطلبات الجودة.
ضمان الجودة في التعليم هو مجموعة من الانشطة الموجهة نحو تفحص المؤسسة الأكاديمية لقياس الالتزام بالمعايير المسطرة، والتأكد من قدرة المؤسسة على التحسين المستمر بناء على نتائج تقييمها الذاتي لأدائها بهدف توفير الثقة لدى المستفيدين بجودة ما تقدمه لهم من خدمات. (أبو رحمة، 2020،ص.14)
فضمان الجودة بمثابة إطار يضمن تقديم تعليم بمعايير معينة من الكفاءة والفاعلية في الظروف العادية، ويشمل بنية تحتية سليمة، كفاءات تدريسية، مناهج مناسبة، وبيئة تعليمية داعمة.
أما في الأزمات فيتمحور ضمان الجودة حول الحفاظ على الحد الأدنى من الاستمرارية التعليمية والعدالة.
ثانياً: التحديات التي تعيق عملية التعليم في غزة خلال الحروب:
- قصف المدارس وتحويل بعضها إلى ملاجئ.
- تعطيل التعليم الوجاهي بسبب القصف المستمر
- انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت، مما يعيق التعليم الإلكتروني.
- الضغوط النفسية على المعلمين والطلبة.
- عدم الاستقرار البيئي بسبب النزوح المستمر من مكان إلى آخر.
- فقدان عدد من الكوادر التعليمية المؤهلة، بسبب الاستهداف المباشر.
- نقص في المستلزمات الدراسية من قرطاسية ومواد تعليمية بسبب تدمير المخازن، والضائقة الاقتصادية للأسر.
- ضعف الإمكانيات اللوجستية للجهات التعليمية.
ثالثاً: استراتيجيات ممكنة لضمان الحد الأدنى من الجودة:
- التعليم المجتمعي واللامركزي: تنفيذ مبادرات صغيرة في مراكز الإيواء.
- استخدام الموارد التعليمية المفتوحة: توفير محتوى تعليمي رقمي أو ورقي مسبق الإعداد.
- التدريب السريع للمعلمين على التعليم في الطوارئ، والتكيف مع البيئات المختلفة.
- دمج الدعم النفسي الاجتماعي في البرامج التعليمية، للحد من آثار الصدمة على المعلمين والطلبة.
- التعلم عبر وسائل الاتصال البسيطة: مثل مجموعات WhatsApp, Teams
وهناك استراتيجيات متعلقة بدور القيادة التربوية في ضمان جودة التعليم في زمن الحرب للحفاظ على استقرار العملية التعليمية، حيث يقع على عاتق القيادة التربوية تكييف الخطط الدراسية، وتوجيه المعلمين، وتنسيق الجهود المجتمعية لتوفير بيئة تعليمية بديلة آمنة نسبياً، كما وتسهم القيادة الفعالة في رفع معنويات الكادر التعليمي وتوزيع المهام بعدالة، وتحفيز الابتكار التربوي رغم محدودية الموارد.
نماذج وتجارب ناجحة:
- مبادرات تعليمية محلية كنقاط تعليمية سواء في الخيام أو فيما تبقى من مباني المدارس.
- اعداد رزم تعليمية مبسطة، تتضمن وحدات ودروساً أساسية من المناهج الدراسية.
- إطلاق منصات تعليمية منها E-school التي وفرت محتوى تعليماً إلكترونياً، إلى جانب تفعيل استخدام Microsoft Teams لعقد الحصص الافتراضية والتواصل بين المعلمين والطلبة.
- تعاون بين المجتمع المحلي والمنظمات غير الحكومية لتوفير مساحات آمنة للتعليم، وتوفير بعض المستلزمات الدراسية.
الخاتمة:
إن ضمان جودة التعليم زمن الحرب ليس تحدياً فقط، بل واجباً تربوياً ووطنياً، يلزمه تخطيط ذكي للطوارئ، في غزة لا يمكن فصل التعليم عن النضال من أجل الكرامة والوجود، ورغم القصف المستمر والنزوح والدمار، يبقى ضمان الجودة ممكناً إذا توفرت الإرادة والإبداع المجتمعي.
*باحثة ماجستير
المراجع:
أبو رحمة، م. ح. (2020). قراءات في الجودة والاعتماد المدرسي. مجلة رابطة التربويين الفلسطينيين، غزة.
الكاتب: سلوى محمد أبو خاطر- معلمة رياضيات وباحثة في الإدارة التربوية- غزة