بوابة التربية: إحتفلت جامعة الحكمة ULS بتخريج طلابها لعامي 2022-2023 برعاية وحضور رئيس أساقفة بيروت للموارنة ووليّ الجامعة سيادة المطران بولس عبد الساتر، وذلك في حرم كلية السياحة وإدارة الفنادق في جامعة الحكمة في الأشرفية، في حدث يكرّس انتقال هذا الحرم من التدمير شبه التام الذي أصابه إثر انفجار مرفأ بيروت إلى مرحلة جديدة انتهت فيها أعمال إعادة إعماره بالتزامن مع تجديد اعتماده من قبل الكلية الفندقية في لوزان – سويسرا (EHL-Lausanne).
حضر الحفل المطران بولس مطر، ورئيسة الجامعة للسنوات الثلاثة الماضية البروفسور لارا كرم البستاني والرئيس الجديد لجامعة الحكمة البروفسور جورج نعمة، وضيف الشرف رئيس مؤسسة جبر الإجتماعية رجل الأعمال الأستاذ فيليب جبر ورئيس جامعة سيدة اللويزة الأب بشارة الخوري والنائب العام لأبرشيّة بيروت المارونيّة المونسنيور اغناطيوس الأسمر وممثلون عن قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير عام أمن الدولة وشخصيات نقابية وعمداء الكليات الثمانية ومدراء الأقسام وعائلة الجامعة من هيئة تعليمية وإداريين وأهالي المتخرجات والمتخرجين.
عبد الساتر
وقد استهل المطران عبد الساتر كلمته بتوجيه الشكر إلى البروفسور البستاني مشيرًا إلى أنها ترأست الجامعة في السنوات الثلاث الماضية التي “كانت ملأى بالتحديات والصعوبات والعمل المتواصل والمضني”. وقال: “لمّا طلبت منك تحمّل المسؤوليّة ما ترددت، واعتبرت مهمتك رسالة تؤدينها في الكنيسة المارونية والأبرشية لمجد الله الأعظم. دخلت الجامعة وأنت تحملين معك حماسك وغيرتك وقيمك وأنوثتك. فتكرّست لها عابرة بها معاناة الحراك، ودخان انفجار مرفأ بيروت، وعاصفة الأزمة الإقتصادية من دون خوف ولا تردّد. اخترت أن تتشاركي المهمة مع أعضاء الهيئتين التعليمية والإدارية. فأحسنت الاختيار. في أيامك نمت الجامعة وكبرت وها أنت تودعينها في صدر من سيتحمل المسؤولية من بعدك، أعني به حضرة البروفيسور جورج نعمه الذي نتمنى له كل الخير في تتميم رسالته”. وتوجه عبد الساتر إلى البروفسور البستاني مضيفًا: “أيتها البروفيسور لارا، كنت أوّل امرأة تترأس جامعة كاثوليكية في لبنان. كنت رهانًا ورُبح الرهان بفضل عزمك ومواهبك وقلبك الكبير، فشكرًا لك”.
كما شكر وليّ جامعة الحكمة السيد فيليب جبر على قبوله دعوة رئيسة الجامعة بأن يكون ضيف حفلة التخرج على الرغم من مسؤولياته الجسام. ورحّب أيضًا بسيادة المطران بولس مطر الذي كانت له اليد الطولى في قيام الجامعة ونموها.
وتابع المطران عبد الساتر كلمته متوجهًا للخريجين والخريجات فقال: “أنتم تنالون في هذا المساء جزاء تعبكم وكدّكم وسهركم، وثمرة تحصيلكم العلمي الجدي والمتين فهنيئًا لكم. وماذا بعد؟ ماذا ستعملون وإلى ماذا ستسعَون؟ وكم أتمنى أن تعملوا على بناء مجتمع جديد في بلدكم بدل أن تضيعوا في مجتمع خارج بلدكم. وكم أرجو أن تسعَوا إلى إحلال المعرفة مكان الجهل، والحق مكان الظلم، والاستقامة مكان الفساد. لا تطمحوا للحصول على تأشيرة دخول إلى أحد البلدان بل اطمحوا إلى البقاء في وطنكم والعمل لأجله وإلا صارت تضحيات الآباء من أجل بقائه واستمراره مجرّد قصص تسجّل في كتب مبعثرة يأكلها الغبار. لا تفاخروا بمحبة الوطن بل أحبوه فعلاً وأعملوا من أجله. أثبتوا فيه حتى وإن لم يعطكم دومًا ما تستحقون. لا تبتعدوا عنه لأن الأوطان تتحوّل مع المسافات، إلى آثار يهدمها النسيان. لا تخافوا من المستقبل إلا إذا أخطأتم في قراراتكم وضللتم في خياراتكم”.
وختم راعي أبرشية بيروت المارونيّة كلمته داعيًا إلى الفرح مع الشباب والشابات بالنجاح وتهنئتهم على ما حققوه، ومرافقتهم بالصلاة والمحبة مع الوقوف إلى جانبهم لمساعدتهم في مبتغاهم حتى لا تتكسر أحلامهم على صخور الأنانية والفساد والطمع.
البستاني
بدورها أبدت البروفسور البستاني فخرها واعتزازها بالخريجين الذين دخلت إلى الجامعة معهم وها هو يغادرونها وفي جعبتهم شهادة جامعية وهي تغادرها وفي جعبتها أمثولة حياة. وقالت في كلمتها: “نحتفل بكم اليوم ونعتز لأنم آمنتم بالوطن حين غادره الكثيرون فأصبحتم رمزًا للمثابرة والنجاح. نفتخر بكم لأنكم صنعتم التاريخ. حصّلتم العلم بالرغم من إنفجار وجائحة وأزمات معيشية واقتصادية ووجودية وبالرغم من تلاشي المسؤوليات وتفكك المؤسسات”. أضافت: “يا صنّاع التاريخ لا تبخلوا على وطنكم بعلمكم ولا تضعوا سراج نور الحكمة تحت المكيال بل ازرعوه على أعلى قمم لبنان فيضئ لجميع الذين هم في البيت”
واستذكرت البستاني أنها دخلت الجامعة قبل ثلاث سنوات في الخامس من آب 2020 عندما كان الدمار والإحباط في كل مكان وكانت الجامعة جريحة وثكلى تبكي أحلام من حضنت ولا تعلم أي جرح تضمد ولا من أين تبدأ. وأبدت ارتياحها بأن الجامعة استعادت بريق جمالها وتزينت بأحلى حللها من أجل طلابها الذين مروا في أروقتها وتركوا في قلبها أكثر من ذكرى وأكثر من قصة وأكثر من نجاح.
وختمت البستاني أن الشهادة اليوم مستحقة بجدارة مضيفة:
“أيها الخريجون، أكملوا ما بدأتموه هنا: إصنعوا التاريخ، إجعلوا من العالم ملاذًا آمنًا ومكانًا حاضنًا كجامعة الحكمة، وعند صنع التاريخ لا تكونوا قدامى الحكمة بل كونوا أنتم الحكمة! أمام الأزمات إمشوا عكس التيار، أمام الإستسلام قاوموا وابتكروا، أمام المجهول استبقوا وأبدعوا، أمام الدمار إبنوا ودعموا، أمام الإستهتار كونوا المسؤولية!”
فيليب جبر
وفي كلمته أوضح جبر أنه ترك لبنان عام 1976 ولم يتمكن من العودة إلا بعد ست وثلاثين سنة. أضاف: لا أرى فترة عرفها لبنان أكثر صعوبة من السنوات الأربع الماضية حيث خسر الأهل أموالهم ووظائفهم وغادر عدد كبير منهم أرض الوطن.
ودعا جبر الخريجين إلى أن يكونوا صبورين على أنفسهم، وأن يعتنقوا الفرص الكثيرة المتاحة أمامهم في العلوم والتكنولوجيا والطب حيث تبرز الإبتكارات والحداثة.
وقال: “لا نجاح من دون فشل والنجاح الحقيقي يكمن في التأثير الإيجابي في حياة الآخرين. والتحدي الأكبر يكمن في أن الحياة لا تعطي الإنسان ما يحتاج إليه بل تعطيه ما يستحقه! لذا إعملوا دائمًا حتى تكونوا مفيدين. فهذا هو النجاح الحقيقي”.
وقدمت البستاني درع الحكمة التكريمي لرجل الأعمال فيليب جبر تقديرًا لجهوده الإجتماعية ولشكره على تقديم مؤسسته منحًا جامعية لأكثر من تسعين طالبًا في جامعة الحكمة.
وكانت كلمتان باسم الطلاب للمتخرجتين ميشلين خويس أبي سمرا وإليزابيت حنا من كليتي الحقوق والإقتصاد – إدارة الأعمال.