
بوابة التربية- كتب د. *يوسف كلوت:
لا تسمح أنظمة أي رابطة أو نقابة لقوى السلطة الإستيلاء عليها وتحويلها إلى أداة ضد مصالح أعضائها إلا بغفلة من الزمن وبحجب مواد أنظمتها عن وعي أعضائها. وهذا بالضبط ما يجري في التعليم الثانوي الرسمي. إذ يصوَّر أن مهمة مجلس المندوبين الوحيدة هي إنتخاب هيئة إدارية تستقل عنه كلياً بعد الإنتخاب وتنفصل بقراراتها عن الهيئة العامة، فيما الأصل في النظام الداخلي للرابطة هو أن مجلس المندوبين هيئة رقابية دائمة.
يجعل النظام الداخلي للرابطة من مجلس المندوبين هيئة رقابية شديدة الفعالية. إذ من صلاحياتها كما يرد في المادة ٦:
– الفقرة ج: “مراقبة الهيئة الإدارية وحجب الثقة عنها حسب الأصول المحددة في هذا النظام”.
– الفقرة د: “طلب تفويضه ببعض صلاحيات الهيئة العامة على أن تكون محددة ولمدة زمنية معينة”.
ويمكنه الآن فيما خص الإستمرار بالاضراب ممارسة هذه الصلاحية بالرجوع إلى الهيئة العامة أو نيابة عنها وبصورة سريعة وذلك بناء على مضمون المادة 27 التي تنص:”يعقد مجلس المندوبين اجتماعاته العادية خلال شهري شباط وأيار من كل سنة وقبل نهاية مدته بشهر لمناقشة تقريري الهيئة الإدارية ويكون اجتماع كانون الأول كل سنتين لانتخاب الهيئة الإدارية، كما يعقد اجتماعات استثنائية بناء على قرار من الهيئة الإدارية أو بناء على طلب من ربع أعضائه ويتم الإبلاغ عن موعد الاجتماع وعن جدول الأعمال قبل 48 ساعة على الأقل من تاريخ الاجتماع”.
وهذا الأمر (أي ربع أعضاء مجلس المندوبين) قد تم تعبيراً عن وحدة المندوبين المعارضين بمواجهة انتهاك الهيئة الإدارية لنظام الرابطة، وكسرها لإرادة الهيئة العامة، حيث وقّع على الاستبيان الخاص بالمندوبين الذين يدعون الهيئة الإدارية للإلتزام بالعودة إلى الجمعيات العمومية أكثر من الربع بكثير، وعليه فقد توفَّرت بالاستبيان الدعوة إلى الاجتماع المذكور في نهاية المادة ٢٧.
وكذلك بناء على المادة 29 التي تنص: “تكون إجتماعات مجلس المندوبين قانونية بحضور الأكثرية المطلقة في الاجتماع الأول وبمن حضر في الاجتماع الثاني شرط عقده بعد أربع وعشرين ساعة من موعد الاجتماع الأول على الأقل ودون تغيير في جدول الأعمال”.
واشتراط حضور الأكثرية المطلقة يعطي المعارضة أرجحية واضحة، إذ في حال حضور ممثلي القوى الحكومية الممسكة بالهيئة الادارية، فإن الأكثرية المطلقة هي لصالح المعارضة، وفي حال غياب ممثلي القوى الحكومية النيابية فإن توفر النصاب بمن حضر في اجتماع ثان بعد ٢٤ ساعة يعطي المعارضة بظل الوضعية الراهنة أرجحية واضحة وفعالة وحاسمة.
وعليه فإن لم تُستخدم العريضة الموقعة من المندوبين المعارضين في هذا السياق الفعال قانوناً وواقعاً فلا قيمة لها، لا بل ستزيد الاحباط إحباطاً لأن الهيئة الإدارية الحكومية النيابية ستنام عليها وتحويلها هباءً منثورا، ولا ينفع حينئذ كل البيانات التي ستصدر وتُحمِّل المسؤوليات، لأن واقعة العودة إلى التدريس من دون العودة للجمعيات العمومية تكون قد سلكت وأوغلت.
* يوسف كلوت:
– أستاذ في ملاك التعليم الثانوي الرسمي، ومندوب سابق في الرابطة.
– عضو مؤسس في “لقاء النقابيين الثانويين”.
– حامل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع.