بوابة التربية: اتخذ البروفيسور والمستعرب الإسباني، بيدرو مارتينيث مونتابيث، في كتابه “على حدود المُقدِّمات: رؤية ما هو عربيّ بعيونٍ أخرى”، مهمة شاقة. فكما يشي عنوان الكتاب، يسعى مؤلِّفه إلى إقناع أوساط المثقّفين الإسبان بأنّ العالَم العربيّ ليس مجرَّد صحراء وجمال وواحات، بل إنّ فيه من الحضارة والثقافة والفكر والأدب والفنّ والعلوم ما يستدعي مزيداً من الاهتمام. باختصار، يحاول مارتينيث مونتابيث أن يرسم أمام مواطنيه الإسبان طرقاً أخرى في التفكير تجعلهم يرون العرب بعيونٍ أخرى.
ليس كِتاب “على حدود المُقدِّمات” من الكُتُب العاديّة أو النمطيّة المُتعارَف عليها، التي يتناول مؤلِّفها موضوعاً واحداً متجانساً. فالكِتاب الذي بين يدَيْ القارئ العربيّ هو بالأحرى “كتاب كتب” يحوي 51 مقدِّمة ألّفها مارتينيث مونتابيث عن كُتبٍ لمؤلّفين آخرين معظمهم من العرب والإسبان حول موضوعات شتّى، يشملها إطارٌ واحدٌ يُمكن أن نُجازف بتسميته، بشكلٍ غير دقيق: العالَم العربيّ ثقافيّاً والعلاقات الثقافيّة الإسبانيّة العربيّة.
من السّهل، ونحنُ نتصفّح هذا الكِتاب، أن نُلاحِظ مدى اهتمام هذا المُستعرِب الكبير بتقديم صورة مُضيئة عن العالَم العربيّ. وهو قد وزّع مقدّماته ضمن ثلاثة أجزاء، يدور كلّ منها حول محور موضوعيّ متجانس، كالموضوعات الإسلاميّة في الجزء الأوّل وعنوانه “إطلال”، والأدب في الجزء الثاني وعنوانه “في رياض الأدب”، حيث يتحدّث المؤلّف عن أدبائه وشعرائه المفضّلين ومن بينهم عبد الوهّاب البيّاتي ومحمود درويش. أمّا الجزء الثالث فعنوانه “انطلاقاً من قلاع التاريخ”، ويتطرّق إلى موضوعاتٍ متفرّقة منها التراث الأندلسي والقضيّة الفلسطينيّة التي يوليها المؤلّف اهتمامًا خاصّاً فيفرد لها أربع مقدِّمات.
قام الصحافيّ والشاعر والكاتِب والمُترجم سعيد العَلمي، المُقيم في إسبانيا منذ العام 1967، بنقل الكِتاب إلى اللّغة العربيّة.