
بوابة التربية: كتبت د. *ندى عويجان: في حال حصلت… الإمتحانات الرسميّة للعام 2020-2021، فستكون مهزلة تربويّة، وظلم وإجحاف بحق التّلامذة، والمعلّمين، والمدارس، والشّهادة التّربويّة، والمستوى التّربوي، وهدر للمال العام، وستعكس نتائج مغلوطة… وهذا نوع من أنواع الفساد،
– لا يوجد جهوزيّة نفسيّة، ولا تروبيّة، ولا لوجستيّة عند التّلامذة وذويهم، ولا الوضع الصّحي يسمح لإجراء الإمتحانات الرسميّة،
– ولم نتحدّث بعد عن جهوزريّة المراقبين والمعلّمين والمدارس…
– لا يمكن المقارنة بين تلامذة لبنان وتلامذة أي بلد في العالم، الذين لم يتعرّضوا ولم يعايِشوا كل هذه الأزمات،
– يوجد تفاوت في عمليّة التّعليم والتعلّم، والإمتحانات ستكون شكليّة في ربع المنهج التّعليمي،
– المقوّمات اللوجستيّة غير متوفّرة للتّحضر للإمتحانات الرسميّة، إضافة إلى إشكاليّة التنقّل،
– مع دخول متحوّر “دلتا”، إلى لبنان، يستدعي الوضع تجنّب التجمّعات على أشكاله.
فيما يلي سنحاول في القسم الأوّل وصف الواقع، وفي القسم الثّاني اقتراح الحلول الممكنة للخروج من هذه الدوّامة،
1- أولاً وصف الواقع:
1-1- من النّاحية النفسيّة: التّلامذة غير جاهزين نفسياّ للإمتحانات الرسميّة.
بدأت الأزمات الأخيرة مع الحراك المدني في تشرين الأوّل 2019، ثم وصلت جائحة كورونا وبدأ تخبّط العام الدراسي في شباط 2020، وحصل انفجار المرفأ واستقالت الحكومة في آب 2020 ، وبدأ انهيار القطاعات كافة، الاقتصادي، والمالي، والصّحي، والتّربوي، والبيئي، والسّياحي… إلى جانب الفلتان الأمني وزيادة نسبة الجريمة. بعدها شهِدنا الجهوزيّة المتفاوتة لدخول العام الدراسي 2020-2021 ، إضافة إلى القرارات التربويّة الاستنسابيّة والعشوائيّة المرافقة. ومؤخّرا عايشنا ارتفاع سعر صرف الدولار، وارتفاع الأسعار الجنونيّة، والاحتكار، والتّهريب، وندرة البنزين والدواء والكهرباء والماء… وانحلال الوضع اللبناني العام…
خلال هذه الفترة، أي منذ حوالي 21 شهراً، لم يسمع أولادنا من أهاليهم ومن المجتمع ومن وسائل الإعلام… إلا ما يعبّر عن الخوف، والرّعب، والهلع، والقلق، والخيبة، والذلّ، والاستعباد، والنّقمة… وما يبشّر بالفقر، والمجاعة، والبطالة، والانهيار التّام، والإستسلام، والتوطين… الوضع الذي انعكس بالدّرجة الأولى، على صحّة التّلامذة النفسيّة، والتي بدأت تظهر علاماتها، بدرجات متفاوتة، في الغضب، والإنعزال، والتوحّد، والاكتئاب، والبكاء المفاجِئ، والأفكار السلبيّة، والمزاجيّة، والاستهتار، والتّكاسل، والخمول، والشّيخوخة المبكرة، والتّغيير في سلّم القيم، والإدمان على أنواعه، حتى وصل بعضهم إلى الانهيار العصبي والإنتحار، وغيرها من الظواهر النّاتجة عن الضغوطات والمشاكل النّفسيّة… خاصّة مع فقدان الثقّة بمستقبل أفضل، ومع غياب الحوافز، وغياب أي إجراء للتّخفيف من تداعيات أزمات ال 21 شهراً الماضية… ولا شيء في الأفق يدعو إلى التّفاؤل.
هذا الوضع كان له تداعياته بالدّرجة الثّانية، على نوعيّة التّعليم والتّعلّم، وبالتّالي على جهوزيّة التّلامذة للإمتحانات الرسميّة، وعلى قدراتهم الفعليّة، وعلى مخرجات التعلّم المرصودة لديهم.
فلا يمكن المقارنة بين تلامذة لبنان وتلامذة أي بلد في العالم … الذين لم يتعرّضوا ولم يعايِشوا كل هذه الأزمات…
1-2- من النّاحية التّربويّة: التّلامذة غير جاهزين تربوياً للإمتحانات الرسميّة، وهذه الإمتحانات شكليّة تُفقد الشّهادة قيمتها.
** بسبب التّفاوت في عمليّة التّعليم والتعلّم: بشكل عام، لم تتوفّر العادالة والمساواة وتكافؤ الفرص في الإتاحة لعمليّة التّعليم والتّعلّم في ظل عدم الجهوزيّة وعدم توفّر المقوّمات والحاجات الأساسيّة للتعلّم عن بعد،
– أولاً، لم يتابع التّلامذة جميعهم الصّفوف الدراسيّة لجميع المواد التّعليميّة، وليس كل من تابع استطاع فهم ما جرى خلال الحصص التّعليميّة…
– ثانياً، لم يستطع جميع الأساتذة، التّعليم عن بعد، وليس كل من علّم تمكّن من استعمال طرق التّعليم المناسبة أو استطاع إيصال الكفايات المطلوبة كما يجب…
– ثالثاً، لم تتوفّر المستلزمات والمقوّمات التّربويّة واللوجستيّة والتّكنولوجيّة لجميع التّلامذة والمعلّمين، لمتابعة التّعليم واستيعاب التّعلّم… سيّما الأجهزة الالكترونية، والمنصّات التعليميّة، والموارد التّربويّة، والتّدريب اللازم، والأنترنيت، والكهرباء…
** بسبب الإمتحانات الشكليّة في ربع المنهج التّعليمي: لقد تمّ تقليص مناهج 1997 لأكثر من مرّة.
– أولاً، بما يقارب 20 إلى 25 % ، بعد صدور مناهج 1997 مباشرة، عندما تبيّن أنّ تطبيقها يتعدّى عدد الأيّام المخصّصة للتّعليم، وعندما أوقف العمل بالمواد الإجرائيّة وبالمختبرات التطبيقيّة العلميّة واللغويّة والترجمة… لعدم توفّر مستلزماتها في المدارس.
– ثانياً، بما يقارب 5 إلى 10% إضافيّة مّما تبقّى من مواضيع ومحتوى المنهج، بعد عدّة ورش عمل متخصّصة لتطوير المناهج بين العام 2015 والعام 2016.
– ثالثاً، بما يقارب 30 إلى 35% إضافيّة مّما تبقّى من مواضيع ومحتوى المنهج، في أيلول 2020، بسبب جائحة كورونا وضبابيّة العودة الآمنة إلى التعلّم الحضوري.
– رابعاً، بما يقارب 5 إلى 10% إضافيّة مّما تبقّى من مواضيع ومحتوى المنهج وذلك بطرق متفاوتة بين المواد التّعليميّة، وذلك بعد مرور أشهر على التقليص الأخير، أي في منتصف شهر نيسان 2021.
– خامساً، أُنزلت “بِدعة المواد الإلزامية والمواد الإختياريّة” في الإمتحانات الرسميّة، ليُمتحن التّلميذ ب ٩/٦ من مواد شهادة العلوم العامّة، و ١٠/٧ من مواد شهادة علوم الحياة، و ١٢/٧ من مواد شهادة الإجتماع والإقتصاد و ١١/٦ من مواد شهادة الآداب والإنسانيّات. أي وقف العمل بحوالي 38% من المواد.
في الحصيلة النهائيّة، تم تقليص ما يُقارب 50 إلى 60% من المنهج الأساسي لهذا العام ولهذه الإمتحانات الرسميّة، ومن ثم أوقف العمل بحوالي 38% من المواد… يعني وكأنّنا نمتحن التّلميذ بحوالي ربع المنهج. وبعدها سنطلب من لجان الإمتحانات تسهيل المسابقات في ظل الظّروف الصحيّة والتربويّة والنّفسيّة وغيرها …
1-3 من النّاحية اللوجستيّة: المقوّمات اللوجستيّة غير متوفّرة عند التّلامذة للتّحضر للإمتحانات الرسميّة، إضافة إلى موضوع التنقّل. فمع ندرة الكهرباء والمازوت وتقنين الإشتراك، وضعف الأنترنيت… من الصّعب مراجعة الصّفوف الإفتراضيّة المسجّلة، أو المستندات والفروض المحفوظة في الملفّات الخاصّة بكل أستاذ، أو في بعض الأحيان المحفوظة على الحاسوب الخاص بالتّلميذ أو على الهاتف الخليوي…
ومع ندرة البنزين… من الصّعب التنقّل لمراكز الإمتحانات…
1-4 من النّاحية الصّحيّة: مع دخول متحوّر “دلتا”، إلى لبنان، والتخوّف من موجة جديدة لكورونا، ومع ندرة الأدوية على أنواعها، ومع النّداء إلى الإستنفار الصّحي مجددا، والدّعوة إلى الإلتزام بالإجراءات الوقائيّة والتّباعد الإجتماعي بسبب خطورة وسرعة انتشار هذا الفيروس… يستدعي الوضع تجنّب التجمّعات على أشكالها… ومنها التجمّعات ذات الطّابع التربوي.
2- ثانيا الحلول الممكنة:
2-1- في موضوع اجراء الإمتحانات:
عدم اجراء الإمتحانات الرسميّة للعام الدراسي 2020-2021، والاكتفاء بنتائج المدرسة، بحسب لوائح المدارس التي أُرسلت في كانون الثاني – شباط 2021، إلى الوزارة، والتي تبيّن اسماء التلامذة المسجلين.
2-2- في موضوع تمويل الإمتحانات:
تحويل ما توفّر، من تمويل وتأمين مستلزمات للإمتحانات الرسميّة، إلى التحضّر للعام الدراسي المقبل، أو للإمتحانات الرسميّة المقبلة.
2-3- في موضوع التحضّر للعام الدراسي المقبل:
لقد قطعنا الخط الأحمر للتحضّر للعام الدراسي المقبل خطّة التّعليم في وقت الأزمات للعام الدّراسي 2021-2022، التي سبق ونشرناها بتفاصيلها على الرابط التالي
*استاذة في الجامعة اللبنانية