بوابة التربية- كتب حسن عسيلي:
في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها وطننا لبنان، ومع تزايد العدوان الإسرائيلي الذي يتسبب في دمار شامل وتهجير المواطنين الأبرياء من بيوتهم، يطل علينا البعض بمطالب لا يمكن وصفها إلا بالغرابة والاستهجان، مطالبين ببدء العام الدراسي وكأننا نعيش في واقعٍ موازٍ، في عالمٍ أو كوكبٍ آخر. كيف يمكن أن يكون هناك حديث عن استئناف الدراسة في وقتٍ أضحت فيه المدارس الرسمية ملاجئ للعائلات المهجرة، تعاني من غياب الأمان والحماية الأساسية؟
إن الدعوة لاستئناف العام الدراسي في ظل هذه الظروف لا تمثل فقط قسوة في الفهم وانفصالاً عن الواقع المأساوي، بل هي تجاهلٌ صارخ لمبدأ عدالة التعليم والمساواة الذي يجب أن يظل حجر الأساس في كل الأوقات، سواء في السلم أو في الحرب. العدالة ليست شعاراتٍ نرفعها في أوقات الرخاء لتندثر في لحظات الأزمات. في وقتٍ كهذا، يجب أن يكون هناك تكاتف وتضامن اجتماعي حقيقي، لا سيما في قطاع التعليم، الذي يفترض أن يكون نموذجًا في القيادة والمسؤولية.
إن ترك القرارات لمدراء المدارس “الآمنة” وحدهم دون اعتبار للوضع الشامل يعكس خللاً في الفهم، لأن الأمان ليس امتيازًا لمنطقة أو فئة معينة، بل هو حق يجب أن يتمتع به كل المواطنين على حد سواء. كيف يمكن الحديث عن التعليم في مناطق آمنة بينما يعيش أهلنا في مناطق أخرى تحت الخطر المستمر؟ وهل يُعقل أن يُترك طلاب بعض المناطق للدراسة، بينما يُحرم الآخرون بسبب الظروف القسرية؟
كيف لا يخجل من انفسهم من ينادون بالتعليم حضورياً او عن بعد ونصف الوطن لا يجدون مأوى ومأكل وامن ودواء فكيف سيؤمنون مقومات التعليم عن بعد من انترنت وكهرباء واجهزة..
الحل الاوحد إستبدال الثاني من تشرين بالاول منه، لتتضح الصورة ليبنى على الشيئ مقتضاه، ولا تزال تجربة كورونا والازمة الاقتصادية ماثلة امامنا، حيث تم انهاء البرامج في اربعة ايام تعليمية فمن الممكن التعويض من خلال خمسة ايام كسابق عهدنا.
التعليم ليس مسألة ثانوية أو قابلة للتجزئة بين المناطق، بل هو حقٌ يجب أن يُكفل للجميع على قدم المساواة، خاصة في الأوقات التي تشتد فيها الأزمات.