بوابة التربية- كتب النقابي محمد قاسم:
بعد قراءة تفصيلية لمقررات مجلس الوزراء الاخير، والذي يعتبر مفصليا في في حياة وواقع الموظفين والاساتذة والمعلمين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين والمتعاقدين والاجراء والذي يضعنا جميعا امام مفترق خطير في مصير القطاع العام ومؤسساته وإداراته ويعرض كل العاملين فيه امام حالة استنزاف مدروس ومبرمج بحيث يعتمد هذا الرسوم على سياسة لحس المبرد من حيث زيادة رقمية هزيلة ومؤقتة في الرواتب والمعاشات التقاعدية وسرعان ما تستنزف بارتفاع سعر الصرف وفقدان كل الزيادات خلال ايام معدودة من اقرارها .
صحيح ان الرواتب زيدت ما نسبته ٦% من قدرتها الشرائية ولكنها في الواقع بقيت فاقدة ٩٠% من قيمتها عشية الازمة في تشرين ٢٠١٩، لكن مؤسسات وادارات القطاع العام بقيت مقفلة واضراب الموظفين والأساتذة مستمرا منذ اشهر بسبب عجزهم عن الالتحاق بمراكز عملهم .
ففي قراءة مقررات مجلس الوزراء يتبين امامنا الحقائق والمعطيات التالية:
- يبدء مفعول التعويض الاستثنائي المؤقت اعتبارا من نهاية شهر ايار القادم و” يعمل به ريثما تنجز الحكومة مشروعا متكاملا لتعديل الرواتب ” ، اي ان هذه الزيادات مؤقتة .
- – بموجب المادة ١١١ من موازنة ٢٠٢٢ ، تبقى المساعدتان الاجتماعيتان مستحقتان لجميع المستفيدين منها . يضاف اليها تعويض مؤقت ، ٤ رواتب لمن هم في الخدمة وثلاث رواتب للمتقاعدين.
بحيث باتت تحتسب على الشكل التالي :
١- للموظفين والاساتذة والمعلمين في الخمة الفعلية:
٤ اضعاف الراتب ( تعويض مؤقت + مساعدتين اجتماعيتين) . اي يضرب الراتب بسبعة مع حد ادنى للزيادة ٨ مليون وحد اقصى ٥٠ مليونا.
٢– للعسكريين في الخدمة الفعلية: ٤اضعاف الراتب تعويض مؤقت + مساعدتين اجتماعيتين، اي يضرب بسبعة مع حد ادنى ٧ مليون.
٣ – للمتقاعدين العسكريين والمدنيين : ٣ اضعاف الراتب ( تعوض مؤقت ) + مساعدتين اجتماعيتين، اي يضرب الراتب بستة دون حدين ادنى واقصى.
-اشترط المرسوم دوام عمل ١٤ يوما على الاقل في الشهر وفق الدوام الرسمي ، ما لم يكن الغياب مبررا قانونا .
اما بدل النقل فقد حدد ب ٤٥٠ الف ليرة عن كل يوم عمل فعلي ويحدد على اساس ١٤ يوم عمل للإداريين والمؤسسات العامة و١٢ يوم عمل لأساتذة الجامعة اللبنانية.
اما في بدل اجر الساعة فقد حدد ضعفي البدل المقطوع الحالي لمقدمي الخدمات الفنية والتعليم في الجامعة اللبنانية والكونسرفتوار. وزيادة ٥٠% لبدل الساعة في التعليم الرسمي على انواعه.
اما الاعتمادات المطلوبة لتعاونية موظفي الدولة فقد اكدت مصادر وزارة المالية والحكومة ان مشروع مرسوم قد اعد وارسل الى ادارة التعاونية بتخصيص ٤٥٠ مليار ليرة شهريا اعتبارا من اول ايار وحتى نهاية السنة.
وستدفع رواتب شهر ايار والمساعدتين الاجتماعية وفق سعر صرف ٦٠ الف ليرة.
اما الرواتب والمعاشات التقاعدية الجديدة فستدفع اعتبارا من نهاية شهر ايار على سعر الصرف المعمول به حين استحقاقها .
في الاستنتاجات:
١- تمايز فاضح في الزيادة بين قطاع وقطاع ،وبين من هم في الخدمة الفعلية والمتقاعدين ، وبذلك تم ضرب مبدأ التماثل والمساواة بين القطاعات وبين مكونات القطاع ذاته. ولقد برر المسؤولون ان هذا الفارق ناتج عن ان من هم في الخدمة الفعلية يدفعون ضريبة دخل بينما المتقاعدون لا يدفعونها علما انهم سبق ان دفعوها طيلة مدة خدمتهم الفعلية .
حصل التمايز على الشكل التالي :
من كان يتقاضى مليوني ليرة في الخدمة الفعلية و/ او في التقاعد قبل الازمة عام ٢٠١٩ ،كان راتبه آنذاك يساوي ١٣٣٣ دولارا. اما بعد هذا المرسوم فتصبح دخله على الشكل التالي :
في الخدمة الفعلية:
– مليونين × ٧ ÷ ٩٠الف ( سعر الصرف الجديد) – ٣ % للتعاونية = ١٥٤ $
– مليونين × ٧ ÷ ٦٠ الف ( سعر الصرف المعتمد عن شهري نيسان وايار ) – ٣ % للتعاونية = ٢٢٦ $
فتكون الخسارة الاولى من ١٣٣٣ $ الى ٢٢٦ % ومن ثم من ٢٢٦ % الى ١٥٤ $ مع تعديل سعر الصرف ،( اي خسارة اضافية للخسارة الأولى تساوي ٧٣ دولار .
في التقاعد : تعتمد القاعدة ذاتها للمتقاعدين بحيث يضرب الراتب بستة بدل سبعة ،وبذلك ينخفض الراتب من ١٣٣٣ $ الى ١٩٤ $ على سعر صرف ٦٠ الفا ، لتنخفض مجددا الى ١٣٢ $ على سعر صرف ٩٠ الفا بخسارة جديدة تساوي ٦٢ $
٢- قيمة الرواتب والمعاشات الجديدة لن تكون مستقرة ما دام سعر الصرف مفتوحا بلا حدود ولا سقوف.
في الموقف :
١- اعتبار ما اقره مجلس الوزراء من زيادات وتقديمات لا يمكن وصفه الا دس السم بالعسل، ومحاولة هروب الى الامام من استحقاق اعادة القدرة الشرائية للرواتب والأجور ومعاشات التقاعد بما يوفر الحد الادنى من مقومات العيش اللائق وبما يمكنهم من الالتحاق بمراكز عملهم .
٢– التمسك باعتماد السلم المتحرك للأجور وفق مؤشر الغلاء والتضخم كمقياس لإقرار تصحيح الأجور.
٣– الرفض المطلق لفتح سقف سعر الصرف والتمسك بتحديد سعر صرف ثابت للرواتب والمعاشات التقاعدية اما على ١٥٠٠٠ كما تعتمده الموازنة، او ٢٨٥٠٠ليرة كما حدد عند اقرار المساعدتين.
٤-التسك بمبدأ التماثل والمساواة في تحديد الرواتب والمعاشات والزيادات بين كافة القطاعات بما فيهم المتقاعدون.
٥– اسقاط مشروع تفريغ واستنزاف مؤسسات القطاع العام من قدراته وكفاءاته ،والاقلاع عن سياسة خصخصة هذا القطاع التزاما بتعليمات صندوق النقد الدولي
٦-تحميل السلطة السياسية مجتمعة المسؤولية الكاملة عن افقار الشعب اللبناني وعن تهديد مصير الشهادات الرسمية وتطيير الانتخابات البلدية والاختيارية وعدم انتخاب رئيس للجمهورية وعدم تشكيل حكومة جديدة قادرة ومؤهلة مواجهة الاستحقاقات .
واخيرا ،
امام هذه المعطيات والارقام والحقائق، وامام انسداد الأفق امام الموظفين والأساتذة والمعلمين والمتعاقدين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين والتهميش الرسمي ، سيبقى قرارهم:
– الاستمرار بالإضرابات والتظاهرات والاعتصامات وصولا الى ما يحفظ الكرامة الانسانية لجميع العاملين في القطاع العام ويعيد لهم موقعهم الوظيفي والاجتماعي والاقتصادي والاستعداد والجهوزية الكاملة لاستعادة كرامتهم وحقوقهم ومطالبهم المسلوبة.