بوابة التربية: نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة الإسلامية، مؤتمراً تربوياً بعنوان “العلوم الإنسانية في ظل الأنظمة الرقمية”، برعاية وزير التعليم السابق المصري رئيس اتحاد الجامعات العربية الدكتور عمرو عزت سلامة، وبدعوة من رئاسة الجامعة الإسلامية في لبنان، وحضره نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب ممثلا بالعميد الدكتور غازي قانصوه، النائب أيوب حميد، علي عيسى ممثلا النائئب بلال عبد الله، رئيس الجامعة اللبنانية ممثلا بالدكتور حسن زين الدين، المدير العام للتعليم المهني والتقني الدكتورة هنادي بري، مسؤول الاعلام الأمني في العراق اللواء سعد معن، الملحق الثقافي للسفارة العراقية في بيروت الدكتور بيان حوشي، المدير الاقليمي للوكالة الجامعية الفرنكوفونية في الشرق الأوسط الدكتور جان نويل باليو، المدراء العامون، رؤساء الجامعات والمستشارون والعمداء والنقباء وحشد من الشخصيات التربوية والاجتماعية وممثلون عن القوى الأمنية .
وكان إفتتح المؤتمر بالنشيد الوطني، ثم تقديم من الزميل محمد جرادي.
نعمة
ثم تحدث عميد كلية الآداب في الجامعة الإسلامية الدكتور ناصيف نعمه فقال: نَجْتَمِعُ اليَوْمَ فِي مُؤْتَمَرِنَا هَذَا المُوَسَّمِ بِعُنْوَانِ: “العُلُومُ الإِنسَانِيَّةُ فِي ظِلِّ الأَنْظِمَةِ الرَّقْمِيَّةِ”، مِن أَجْلِ أَنْ نُعِيدَ تَرْتِيبَ العَلَاقَةِ بَيْنَ الإِنسَانِ وَمَا يُنْتِجُهُ مِن مَعَارِف، وَمَا إِذَا كَانَ حِوَارُ الأَدْمِغَةِ البَشَرِيَّةِ وَالخَوَارِزْمِيَّاتِ المَعْرِفِيَّةِ قَد بَدَأَ مِن وَاقِعٍ افْتِرَاضِيٍّ، اجْتَمَعَ فِيهِ عَدَدٌ مِن عُلَمَاءِ العَالَمِ مِنَ القَارَّاتِ الخَمْسِ دُونَ أَنْ يُغَادِرَ أَحَدُهُمْ مَقْعَدَهُ، لِيُعْلِنَ هَؤُلَاءِ عَنْ مَنْصَّةٍ تُتَرْجِمُ الانْفِعَالاتِ الفِكْرِيَّةِ. وَهُمْ بِذَلِكَ لَمْ يُغَيِّرُوا العَالَمَ، بَلْ أَرَادُوا لَنَا فَهْمَهُ بِطَرِيقَةٍ جَدِيدَةٍ، لُغَتُهَا الأَرْقَامُ.
واكد إِنَّ هَذَا المُؤْتَمَرَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى التَّخَصُّصَاتِ الإِنسَانِيَّةِ، بَلْ يَتَسَلَّلُ فِي زَمَنٍ مُتَحَوِّلٍ، لِيَعْبُرَ كُلَّ الِاخْتِصَاصَاتِ، وَيُتَابِعَ الأَحْدَاث والمُجْرَيَاتِ، وَيَفْتَحَ البَابَ أَمَامَ سُؤَالٍ إِشْكَالِيٍّ كَبِيرٍ، أَلَا وَهُوَ:هَلْ يُمْكِنُ لِلرَّقْمَنَةِ أَنْ تَخْدِمَ الإِنسَانَ دُونَ أَنْ تُقْصِيهِ؟ هَلْ نَحْنُ، وَأَنْتُم، مَنْ يَصْنَعُ المُسْتَقْبَلَ، أَمْ نُسَلِّمُ مِفْتَاحَهُ لِصَمْتِ البَرْمَجِيَّاتِ ضِمْنَ مَسَاحَةٍ يَتَقَاطَعُ فِيهَا الفِكْرُ العِلْمِيُّ مَعَ الوَعْيِ الإِنسَانِيِّ، وَيَصْطَفُّ فِيهَا الحَرْفُ إِلَى جَانِبِ المُعَادَلَاتِ، لِنَصْنَعَ مُسْتَقْبَلًا أَكْثَرَ اتِّزَانًا، وَعُمْقًا، وَإِنسَانِيَّةً؟
اليسوعي
وألقى رئيس الجامعة اليسوعية الدكتور الأب سليم دكاش اليسوعي كلمة قال فيها: إن الحديث عن الذكاء الاصطناعي ليس مجرّد نقاش تقني أو تربوي، بل هو دعوة صريحة إلى إعادة النظر في علاقة الإنسان بالمعرفة، وفي قدرة مؤسساتنا الأكاديمية على مواكبة التحوّلات المتسارعة في سوق العمل، وفي أدوات البحث، وفي طرق التعليم، بل وفي مفهوم الثقافة نفسه.
وما نحتاج إليه اليوم، أكثر من أي وقت مضى، هو أن نُحسن التعامل مع هذه القوة الجديدة لا من منطلق الخوف أو الانبهار، بل من منطلق التملّك الواعي والنقدي. من هنا نقول إن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون إلى جانبنا لا في مواجهتنا، وأن نضعه في متناول أيدينا، نحن الأساتذة والطلاب، في مختلف الحقول والاختصاصات، كأداة فاعلة إذا أُحسن استخدامها، لا كبديل عن التفكير أو عن الإبداع أو عن الخبرة الإنسانية المتراكمة.
لكن هذه الدعوة لا تكتمل إلا بشرط أساسي، وهو أن تُفكّر كل جامعة في وضع إطار أخلاقي صارم ومستنير لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، والبحث العلمي، والتأليف، والإنتاج، والتقييم.
اللقيس
ثم تحدث رئيس الجامعة الإسلامية الدكتور حسن اللقيس فقال: “يأتي هذا المؤتمر ترجمة للخطة الاستراتيجية للاتحاد 2020-2030 التي أطلقها سعادة الأمين العام والتي أراد من خلالها أن تواكب الجامعات العربية التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي والبرمجيات المتقدمة وقواعد البيانات من أجل تحقيق استجابة نوعية متوازنة بين الامكانيات المتاحة والمتطلبات العصرية، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لجامعاتنا ومجتمعاتنا العربية”. ولأن تحقيق الأهداف المرجوة لا يكون إلا من خلال التعاون بين الجامعات فيما بينها وبين الجامعات من جهة والوزارات والإدارات العامة والمؤسسات المعنية من جهة أخرى، كان المؤتمرون المشاركون معنا اليوم، بهذا المستوى المتقدم والمشرف من الكفاءات الأكاديمية والمهنية الفرنسية والعربية واللبنانية لأن الجامعة الإسلامية في لبنان كانت وستبقى جامعة لكل الوطن”.
راعي المؤتمر
ثم ألقى راعي المؤتمر الدكتور عمرو سلامة فقال: إن انعقاد هذا اللقاء العلمي في لبنان – البلد العريق في رسالته الثقافية وريادته الفكرية – يؤكد من جديد أن الجامعات لم تعد مجرّد مؤسسات تعليمية، بل تحوّلت إلى مؤسسات استراتيجية تضطلع بدور محوري في تشكيل وعي الأجيال، وتربط التخصصات، وتتصدى لتحديات عصر رقمي لا مكان فيه للمعرفة التقليدية ما لم تنخرط في صياغة التحوّلات وتسهم في توجيهها.
وتابع: يدعم اتحاد الجامعات العربية هذا التوجه من خلال مركز الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، الذي يُعنى بتطوير القدرات الرقمية، وتقديم برامج تدريبية، وتشجيع الأبحاث البينية التي تدمج التكنولوجيا بالعلوم الإنسانية. كما يقدّم الاتحاد سنويًا جائزة أفضل أطروحة دكتوراه في العلوم الإنسانية والاجتماعية، دعمًا للفكر النقدي والمعرفة المتجددة.
وختم بالقول: تبقى العلوم الإنسانية حجر الزاوية لبناء مستقبل أخلاقي وإنساني في ظل الثورة الرقمية. وستظل صوت الضمير في عصر الذكاء الصناعي، ورمزًا للإنسانية في زمن الرقمنة. وتقع على عاتق الجامعات العربية مسؤولية تطوير هذه العلوم، ليس فقط للحفاظ على الهوية، بل لتأطير التحولات، وفهم الإنسان في عالم سريع التغير وباسم اتحاد الجامعات العربية، أؤكد دعمنا لكل جهد يسعى إلى تكامل الإنسان والتكنولوجيا، وإلى إعادة الاعتبار للغة والهوية والمعرفة في ظل الأنظمة الرقمية.
وبعدها تم تقديم الدروع التقديرية.