اعلنت رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية خلال مؤتمر صحافي عقدته في مقرها في بئر حسن، الاضراب التحذيري طيلة الاسبوع الأول بعد عطلة الأعياد، معتبرة اياه الانذار الاخير قبل اضطرارها لاعلان الاضراب المفتوح.
وتلا رئيس الرابطة الدكتور محمد الصميلي بيانا جاء فيه:” هنأت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية اللبنانيين عموما والطوائف المسيحية وأهل الجامعة اللبنانية خصوصا لمناسبة عيد الفصح المجيد. نرحب بوسائل الإعلام ومن خلالها نتوجه إلى الرأي العام اللبناني بشقيه الرسمي والشعبي وإلى الهيئات النقابية كافة وإلى أهل الجامعة لنشرح لهم الوضع الراهن الذي تعيشه الجامعة اللبنانية والذي دفع بالرابطة إلى إعلان الإضراب التحذيري طيلة الأسبوع الأول بعد عطلة الأعياد المجيدة”.
وأوضح أن “إعلان الإضراب التحذيري هذا، لم يأت من الفراغ، ولا هي خطوة مرتجلة، فقد تريثت الرابطة كثيرا قبل إعلان الإضراب، ولقد سبق لها القيام بتحركات عدة بدأتها منذ قرابة العام غير أنها وللأسف لم تقابل بالإيجابية نفسها من قبل المعنيين”.
ورأى أن “الجامعة اللبنانية هي عماد التعليم العالي في لبنان، فهي المؤسسة الوحيدة التي تقدم التعليم الرسمي المجاني لطلبة لبنان من كافة الشرائح والفئات. ولقد شهدت الجامعة اللبنانية تطورا كبيرا منذ تأسيسها، فأصبحت تشتمل على 16 كلية وثلاثة معاهد للدكتوراه في كافة المجالات العلمية والصحية والطبية والقانونية والأدبية والإنسانية وتضم في ثناياها مروحة واسعة من الاختصاصات، منتشرة على مساحة الوطن بأكمله، وهي تخدم ما يزيد عن 75 ألف طالب من مختلف المناطق والطوائف ينصهرون ويتفاعلون في رحابها. إن الجامعة اللبنانية ما زالت تشكو من تهميش السلطة لها ومن الاستخفاف بهموم أساتذتها وموظفيها، وبالتالي فإن الرابطة ستواجه بإصرار هذا الإمعان في استهداف الجامعة الوطنية وضرب خصوصية الأستاذ فيها”.
أضاف البيان: “في موضوع صندوق التعاضد، لقد اعتصم أساتذة الجامعة اللبنانية بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس النواب لمناقشة سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام في 16/3/2017 وقد نبهنا يومها بأنه لا يمكن لأساتذة الجامعة اللبنانية أن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء ما تضمنته بعض بنود مشروع قانون السلسلة من إطاحة بخصوصية أساتذة الجامعة اللبنانية الذين ناضلوا طويلا من أجل إنشاء صندوق تعاضد يراعي خصوصيتهم ويؤمن الحد الأدنى المقبول من التقديمات الاجتماعية والصحية لهم ولأسرهم. ولكن وعلى الرغم من كل الوعود التي قدمت من جميع الأطراف السياسية والكتل النيابية فقد أقر المجلس النيابي المادتين 31 و33 من قانون السلسلة اللتين تهددان مصير صندوق التعاضد وتقديماته. لم نلجأ إلى السلبية بل دخلنا من جديد في نقاش وحوار مباشر مع كافة المعنيين ومع كل المرجعيات وهنا حصلنا مجددا على كل التطمينات والوعود بأنه سوف يتم إقرار اقتراح القانون المعجل المكرر الذي قدمه أحد النواب مشكورا والذي يستثني صندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية من أحكام هاتين المادتين، ولكن هنا أيضا ضاعت كل الوعود والعهود هباء منثورا”.
وتابع: “في إعادة التوازن إلى رواتب أساتذة الجامعة اللبنانية، تبقى القضية المركزية في هذا التحرك هي إعادة التوازن إلى رواتب أساتذة الجامعة اللبنانية التي تاكلت، من جهة بسبب التضخم الحاصل منذ إقرار السلسلة الأخيرة بالقانون الرقم 206/2012، ومن جهة أخرى نتيجة سلة الضرائب الجديدة التي أقرها المجلس النيابي في أواخر العام 2017. إن للأستاذ في الجامعة اللبنانية خصوصية نابعة من طبيعة عمله الذي يميزه عن غيره من سائر الموظفين لأسباب عديدة أهمها:
أ- يشترط بالإستاذ في الجامعة اللبنانية الحصول على شهادة دكتوراه في الإختصاص، فتمتد سنوات تحصيله الجامعي إلى ما يزيد عن تسع سنوات ، مما يؤدي إلى دخوله الوظيفة بعمر متقدم وهذا يؤدي إلى قلة سنوات خدمته وبالتالي إلى ضعف راتبه التقاعدي بالمقارنة مع القطاعات الأخرى.
ب-يلعب الأستاذ الجامعي دورا رياديا في إعداد الموارد البشرية المتخصصة التي تسهم بصورة مباشرة عند تخرجها في تنمية كافة مناحي المجتمع، وفي تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي وزيادة النمو ولا سيما أن الاقتصادات الحديثة أصبحت تعتمد بشكل رئيسي على المعرفة قبل أي شيء اخر.
ج-بالإضافة إلى أعمال التدريس، على الأستاذ الجامعي الإستمرار بمهمة البحث العلمي الذي يلعب دورا هاما في الحفاظ على مستواه الأكاديمي وفي مساهمته في تطوير وتنمية المجتمع المحلي والدولي وايجاد حلول لمشاكله وفي تدريب طلابه على هذا النهج، مما يتطلب تفرغا كاملا للقيام بالأنشطة العلمية والبحثية.
د- بخلاف كل موظفي القطاع العام، ألزم القانون 6/70 (قانون التفرغ) أستاذ الجامعة اللبنانية بالتفرغ الكامل للتدريس والبحث في الجامعة اللبنانية ومنعه من القيام بأي عمل اخر مأجور. بينما سمحت القوانين الخاصة بباقي موظفي القطاع العام (باستثناء الأسلاك العسكرية) القيام بعمل آخر مأجور. فسمحت للقضاة وموظفي الفئة الأولى التعليم 120 ساعة سنويا في الجامعة اللبنانية أو الجامعات الخاصة أو القيام باستشارات مدفوعة، كما سمحت لسائر فئات الموظفين بالتعليم 160 ساعة سنويا ولأساتذة التعليم الثانوي والمهني والتقني ومعلمي التعليم الأساسي بالتعاقد 10 ساعات أسبوعيا في التعليم العام أو الخاص. وقد سمح القانون الرقم 46 الصادر في 21 آب 2017، في المادة 25، لسائر موظفي القطاع العام أن يكلفوا بالقيام بأعمال إضافية مدفوعة بما يوازي 35 ساعة شهريا كحد أقصى”.
ولفت البيان إلى أن “المشرع اللبناني وعى منذ تأسيس الجامعة اللبنانية أهمية دور الأستاذ فيها وخصوصيته وفقا للقانون فخصه براتب هو من بين الأعلى بين مختلف شرائح القطاع العام، ولقد كان راتبه حتى العام 1996 يفوق راتب القاضي. فإذا كان القضاء يهدف إلى تحقيق العدالة التي من دونها لا يمكن بناء الأوطان، فإن الجامعة بكلياتها المختلفة ولا سيما الحقوقية منها هي المكان الذي ينهل فيه الطلاب المبادئ والأصول القانونية وينالون الشهادات التي تخولهم الدخول إلى معهد القضاء، حيث يتلقون العلم أيضا على يد أساتذة الجامعة. فهل يجوز أن يحرم الأساتذة من الامتيازات التي ينعم بها طلابهم؟ فالقانونين 716 و717 الصادرين عام 1998، وبمعزل عن باقي القطاعات الوظيفية، قد ساوا تقريبا في أرقام سلاسل رواتب القضاة ورواتب أساتذة الجامعة اللبنانية. وكذلك الحال في أرقام سلاسل الرواتب الواردة في القانون 63/2008 وصولا إلى إقرار قوانين السلاسل الأخيرة في العامين 2011 و2012 حين بدأ يتسع الخلل في سلسلة الأساتذة بالمقارنة مع سلسلة القضاة والتي قبلها أساتذة الجامعة اللبنانية على مضض”.
وأوضح أن “سلسلة الرتب والرواتب التي حصل عليها أساتذة الجامعة اللبنانية بعد نضال مرير في تشرين الثاني من العام 2011 قد أعطت ما نسبته 84% كمعدل وسطي زيادة على راتب الأستاذ الجامعي وفرضت في المقابل على الأساتذة زيادة على أنصبة التدريس السنوية بمعدل وسطي قدره 37.5 %. ذلك يعني أن الزيادة الفعلية على راتب الأستاذ لم تتعد ال 46.5%، ولما كانت الدراسات التي قامت بها إدارة الإحصاء المركزي تقدر بأن مؤشر أسعار الإستهلاك زاد منذ كانون الثاني 2012 وحتى نيسان من العام 2017 بمقدار 13.21%، وهذا المؤشر مرشح للارتفاع أكثر هذا العام وفي الأعوام القادمة بعد إقرار سلة الضرائب الجديدة المرافقة لقانون السلسلة الأخير، فإن هذه الزيادة ستؤدي حكما إلى مزيد من تناقص القدرة الشرائية لأساتذة الجامعة اللبنانية”.
ولفت إلى أن “دراسة المقارنة التي قامت بها الهيئة لسلسلة رواتب الأساتذة مع سلاسل القطاعات الأخرى تشير إلى أن راتب أستاذ الجامعة اللبنانية قد تراجع بالمقارنة مع كافة هذه الشرائح بعد أن كان راتبه هو أعلى من رواتبهم تاريخيا وهذا ما لن يقبلة أساتذة الجامعة اللبنانية بأي شكل من الأشكال”.
وأورد البيان الفرق بين رواتب القضاة ورواتب أساتذة الجامعة:
أساس راتب 1996 متوسط راتب 1996 أساس راتب 2018 متوسط راتب 2018
أساتذة الجامعة 1,875,000 3,292,000 3,700,000 6,062,000
القضاة 1,900,000 3,475,000 4,850,000 7,475,000
الفرق 25,000 183,000 1,150,000 1,413,000
وأكد أن “مقارنة رواتب أساتذة الجامعة اللبنانية مع رواتب أقرانهم في القطاع الخاص تثبت أن راتب أستاذ الجامعة اللبنانية هو في تراجع مستمر بالنسبة للجامعات الخاصة المهمة في لبنان وبالتالي لن يرضى أساتذة الجامعة بأن تكون جامعتهم الوطنية عرضة للتهميش المتعمد والمستمر كما لن يرضوا بأن تتآكل رواتبهم وتنحسر عما كانت عليه مما سيؤدي حتما إلى تسرب الأساتذة الأكفاء منها وأن يتجه النخبة من خريجيها للتدريس في الجامعات الخاصة التي ما زالت تستمر بالتفريخ يمنة ويسرة مستفيدة من تهميش دور الجامعة الوطنية على كافة المستويات. ولتصحيح الخلل المتمادي فقد حضرت الهيئة التنفيذية سلسلة رتب ورواتب جديدة ورفعتها إلى الحكومة عبر وزير التربية والتعليم العالي وقد كان معاليه واضحا وصريحا بأن أي زيادة سوف تعطى للقضاة سوف تقترن حتما بزيادة مماثلة لأساتذة الجامعة اللبنانية، وكذلك قدمت التطمينات نفسها لرئيس الجامعة اللبنانية ومجلسها من عدة مراجع في الدولة على اعتبار أن القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية هما الفئتان الوحيدتان اللتان استثناهما قانون السلسة الأخير الرقم 46/2017 من أي زيادة في الرواتب ومن أي تصحيح غلاء معيشة. ثم فاجأنا المجلس النيابي الكريم في جلسته الأخيرة بأن منح القضاة ثلاث درجات تعويضا لهم عن التراجع في القدرة الشرائية لرواتبهم، فأصبح أساتذة الجامعة اللبنانية هم الفئة الوحيدة في القطاع العام في الجمهورية اللبنانية الذين لم تصحح رواتبهم ولم يعطوا غلاء معيشة، مما يظهر بما لا لبس فيه أن الجامعة اللبنانية وأساتذتها مستهدفون بشكل مباشر”.
أضاف البيان: “لقد لاقت رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الوعود والكلام الإيجابي من المسؤولين بإيجابية متناهية على مدى أكثر من عام واكتفت بالتذكير بمطالبها عبر بياناتها الأسبوعية والإعتصامات والإضرابات الرمزية التي نفذتها بين الحين والاخر، إلا أن ذلك كله جوبه بالتهميش والإستهتار بحقوق أساتذة الجامعة اللبنانية. لذلك وبعد كل هذه السلبية بالتعاطي من قبل المسؤولين تعلن رابطة الأساتذة الإضراب التحذيري طيلة الأسبوع الأول بعد انتهاء عطلة الفصح المجيد وهذا الإضراب هو بمثابة الإنذار الأخير قبل اضطرار الهيئة التنفيذية لتنفيذ توصية مجلس المندوبين والجمعيات العمومية بإعلان الإضراب المفتوح اذا ما قوبلت جهودها بحائط مسدود، هذا الإضراب الذي حاولنا منذ ما يزيد عن العام تجنب تجرع كأسه المرة رفقا بطلابنا الأعزاء على قلوبنا والذين نحرص أشد الحرص على مصيرهم ومصير عامهم الجامعي، إلا أننا في الوقت نفسه لن نرضى بأن تهمش الجامعة الوطنية وأن تستهدف هذا الإستهداف الواضح وأن تصبح حقوق أساتذتها وخصوصيتهم المكرسة بالقانون عرضة للإنتهاك المستمر من قبل السلطة”.
وفي الختام، شكرت الرابطة مجددا، وسائل الإعلام على تغطيتها هذا المؤتمر آملة أن “تصل هذه الرسالة إلى آذان جميع المسؤولين، الذين ننتظر منهم المزيد من الاحتضان للجامعة الوطنية وقضاياها، وتبني مطالب أساتذتها المحقة والمشروعة والإسراع في تحقيقها”.