
حذرت هيئة التنسيق النقابية من المسّ بالحقوق المكتسبة وعلى رأسها سلسلة الرتب والرواتب، وطالبت بتطبيق جميع مندرجات القانون 46 على جميع أفراد الهيئة التعليميّة في المدارس الخاصة، وعدم المسّ بالتقديمات الإجتماعيّة والمنح التعليميّة، واعتبرت إنّ المسّ بالمعاش التقاعديّ للموظفين هو بمثابة الحكم بالإعدام على من خدم الدولة طيلة أربعين عامًأ، وأكدت أن الشارع ليس بحاجة إلى التعبئة والإضرابات لم تعد تنفع وموعدنا سيكون في الشوارع والساحات، وقد أعذر من أنذر.
بيان الهيئة
عقدت هيئة التنسيق مؤتمراً صحافيا في مقر رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي، في حضور رؤساء الروابط والمعلمين الرسمي والخاص، والموظفين، وتلا رئيس الرابطة نزيه جباوي بيان الهيئة وفيه:
يكثر الحديث هذه الأيام من بعض من يدّعون الحرص على المال العام وعلى استقرار الإقتصاد ولغاية في نفسهم، عن إعادة النظر بسلسلة الرتب والرواتب لجهة التخفيض أو الاقتطاع النسبي من خلال ربطها بالإصلاحات المالية والإقتصادية والقرارات الصعبة المزمع اتخاذها، وكذلك الحديث عن تعديل في نظام التقاعد والتقديمات الإجتماعية والصحية، ويصورون منبع الفساد في الدولة أمام اللبنانيين آتيًا من موظفي الدولة في سياسة واضحة لضرب القطاع العام والتوجه إلى سياسة الخصخصة واستقلال الدولة من مهماتها في الرعاية الإجتماعيّة.
إن القانون 46/2017 الذي أقرّ سلسلة الرتب والرواتب للأساتذة والمعلّمين والموظّفين والمتقاعدين والعسكريين وباقي المستفيدين، إنّما جاء ليصحّح الخلل في الرواتب بعد أكثر من عشرين سنة على إقرار آخر سلسلة لموظفي القطاع العام ومعلّمي المدارس الخاصة الذين ظُلموا في عدم تطبيق القانون 46 حيث جاء تنفيذه مجتزءًأ، فبعض المؤسسات التزمت وأعطت الدرجات، والبعض الآخر لم يلتزم حتى الآن ويحاول التهرّب من دفع الدرجات الست إضافة إلى اجتزاء حقوق المتقاعدين واللغط الحاصل في تفسير المادة 18 من القانون 46 ما حرمهم حقهم من الدفعتين الثانية والثالثة.
إنّ تضخيم كلفة سلسلة الرتب والرواتب بمبالغ خيالية يدعو إلى الشك من نوايا مبيّتة علمًا فهناك دراسة تقول أن كلفة السلسلة لموظفي الإدارة العامة والقطاع التعليمي والقوى الأمنية والعسكرية لم تتعد الـ 1200 مليار ليرة لبنانية، أما التقاعد وتعويضات الصرف التي تبلغ 1000 مليار ليرة لبنانية، فإنّها لا تدفع في سنة واحدة حتى تتحمّل السلسلة تبعاتها والتهويل بالويل والثبور وعظائم الأمور؛
وهنا نسأل عن الضرائب التي أقرّت بموازاة القانون 46 كموارد لتمويل السلسلة، ألم تكن محدّدة الأهداف، فعلى من تقع مسؤولية عدم جبايتها إذا لم يكن هناك من جباية وإذا كانت موجودة فلماذا التعتيم عليها وعدم ذكرها بمقابل السلسلة؟ فهي تغطّي الكلفة لا بل أكثر.
إنّ هيئة التنسيق النقابيّة، التي هي جزء من منظومة الدولة بتمثيلها لقطاعات نقابيّة واسعة، يهمّها الإستقرار الاقتصادي والإصلاح المالي، وسبق لها أن وضعت يدها على مكامن الخلل في السياسات المالية ونشرتها ورفعت الصوت عاليًا وحدّدت المواقع وتظاهرت واعتصمت أمامها، يهمّها اليوم أن تؤكّد من جديد إذا كان هناك من نوايا جدية للإصلاح وإذا كان مطلوب فعلًا من لبنان إصلاحات في نظم الإقتصاد في مؤتمر “سيدر” وفي غيره فإنّها تسأل عن الخيارات البديلة المتاحة في بلد خط الفقر الأعلى فيه لأسرة مكوّنة من 4 أشخاص يبلغ 1,5 مليون ونصف مليون ليرة لبنانية شهريًا (الذين يعيشون بـ 12000 ل.ل. يوميًا)، أي أن كل أسرة تعتاش من دخل بهذه القيمة وما دون تعد فقيرة بحسب التصحيحات التي قدمتها مؤسسة الاستشارات لإدارة الإحصاء المركزي.
- ماذا فعلت الدولة كي تسترجع حقّها في الأملاك البحريّة والنهريّة والتي باتت محميّات مصانة لا يمكن التعرّض لها؟
- ماذا فعلت الدولة كي تسترجع الأموال المنهوبة من الصفقات وفوضى التلزيمات؟
- ماذا فعلت الدولة مع المؤسّسات المتّهمة بالتهرّب الضريبي وفتح الحسابات المزدوجة والتي تطلب إعفاءات ضريبية عن ضرائب متراكمة والتي كانت مطروحة في آخر جلسة لمجلس الوزراء وأعيد سحبها؟ وهنا نقول ألم يحن الوقت لإصلاح النظام الضريبي من خلال إقرار الضريبة التصاعديّة وإلغاء الإعفاءات الجمركيّة التي تحرم خزينة الدولة من موارد إضافيّة؟
- هل باتت الدولة في المربّع الأخير في موضوع الكهرباء الذي يكلّفها ملياريّ دولار أميركي سنويًا، ولا كهرباء؟
- ألم تكن المصارف الأكثر استفادة طوال العقود الماضية من كل التراكمات الإقتصادية السيئة التي حلّت بالبلاد وتمكن أصحابها والمودعون الكبار فيها من جمع الثروات على حساب باقي اللبنانيين وما زالوا حتى الآن يستفيدون من الهندسات الماليّة، وبات من الواجب تخفيض فوائد الدين العام الذي هو بأغلبه دين لها؟
- ألم يكن من الأجدى إنشاء المكتب الوطني للدواء واستيرادها له من دولة إلى دولة توفيرًأ على المواطنين من جشع التجار وأصحاب الوكالات الحصريّة؟
- ألم يكن هدرًا المبالغ الخياليّة التي تصرف على إيجارات الأبنية الحكوميّة وباقي المؤسسات والتي تقدّر بحوالي 30 مليار ليرة لبنانية؟
- لماذا لا يتم استيراد النفط والفيول من دولة إلى دولة ما يوفّر على الدولة مئات ملايين الدولارات وبالتالي على المواطنين شبح غلاء المحروقات؟
- لماذا لا يتوقف الدفع للجمعيّات الوهميّة والتدقيق في هوية هذه الجمعيّات والمستفيدين منها والمنافع التي تقدّمها؟
هذا غيض من فيض، إذا كان هناك نوايا للإصلاح، ولا يقع على عاتق القطاع العام تحمّل مسؤولية الخلل في الأنظمة الماليّة والإقتصاديّة، وعليه فإنّ هيئة التنسيق النقابيّة المجتمعة اليوم تؤكّد وتحذّر وتطالب بالتالي:
أولاً: عدم المسّ بالحقوق المكتسبة وعلى رأسها سلسلة الرتب والرواتب التي جاء الأساتذة والمعلّمون في أدنى سُلّم الإستفادة منها.
ثانيًأ: تطبيق كافة مندرجات القانون 46 على جميع أفراد الهيئة التعليميّة في المدارس الخاصة والذي مرّ سنتان على صدوره حيث يتمنّع صندوق التعويضات وبعض المؤسسات الخاصة عن تطبيقه.
ثالثًا: عدم المسّ بالتقديمات الإجتماعيّة والمنح التعليميّة، وتطالب بتحويل الاعتمادات المرصودة لتعاونية موظفي الدولة كي تفي بالتزاماتها تجاه منتسبيها بالسرعة اللازمة.
رابعًا: إنّ المسّ بالمعاش التقاعديّ للموظفين هو بمثابة الحكم بالإعدام على من خدم الدولة طيلة أربعين عامًأ، وأفنى عمره وشبابه ودفع نسبة من راتبه كمدّخرات لتقاعده الذي اقتطع منه 15% في سلسلة الرتب والرواتب سنة 1998، وتسأل: لماذا لم يتم استثمار هذه المقتطعات في صندوق مستقل للتقاعد؟
كما وتؤكّد على حق المتقاعدين في المادة 18 من القانون 46 وتطالب بتطبيق القانون كما ورد.
خامسًا: إن الأساتذة والمعلّمين والموظفين والمتقاعدين لن يكونوا لقمة سائغة، ولن يكونوا الحلقة الأضعف، فالساحات تشهد على تحركاتهم المطلبية.
نأمل أن تكون التصريحات التي تصدر عن بعض المسؤولين والتي تطمئن أن لا مساس بالسلسلة والتقديمات الاجتماعية، صادقة وملتزمة لأن الشارع ليس بحاجة إلى التعبئة بعدما وصل إلى مسامع الجميع ما يحاك وما يُدبّر إذا كان صحيحًأ، فإن البلد سيقع على ثورة اجتماعية، فالإضرابات لم تعد تنفع وموعدنا سيكون في الشوارع والساحات، وقد أعذر من أنذر.