
كتب محمد قاسم*:
في المقدمة : رسم القانون 46 ( سلسلة الرتب والرواتب ) الصادر بتاريخ 21 /8/ 2018 ثلاثة عناوين اساسية لمواده الست وثلاثين
اولا : رَفع القانون في مادته الاولى الحد الادنى للاجور من 300 الف ليرة الى 675 الف ليرة ، اي اقرار زيادة غلاء معيشة للحد الادنى للأجور بنسبة 125 بالمئة .
ثانيا : حول القانون في مادته الثانية رواتب موظفي الملاك الاداري العام والاسلاك العسكرية وافراد الهيئة التعليمية في القطاعين العام والخاص ( عدا القضاة واساتذة الجامعة اللبنانية) وذلك وفق 22 جدولا مفصلا ، وخصص لكل فئة من الفئات الوظيفية جدولا خاصا يتضمن تحويل الرواتب وزيادة غلاء المعيشة . وعليه فقد كانت الزيادات التي حصلت عليها الفئات الوظيفية على الشكل التالي :
الفئة الاولى : 91,63 % .
الفئة الثانية: 165,25 % .
الفئة الثالثة: 137,12 % .
الفئة الرابعة: 123,86 % .
الهيئة التعليمية: 64,97 % .
ثالثا : اقر القانون في المادة 18 منه زيادة غلاء معيشة بنسبة موحدة ( 85 % )على رواتب جميع المتقاعدين في الاسلاك والملاكات الوظيفية والعسكرية كافة دون تمييز بينهم . وقد اعتمد القانون مبد ا التجزئة للزيادة على ثلاث سنوات متتالية.
في وقائع بيان وقرار وزير المالية للمادة 18 من القانون 46 :
جاء بيان وزير المالية بتاريخ 20 آب 2018 ( بعد سنة من صدور القانون ) ليناقض ، بل ليحور ، كليا النص الواضح والصريح والمباشر لمضمون المادة 18 من القانون المخصصة حصرا بزيادة غلاء معيشة على معاشات المتقاعدين دون سواهم . وقد نصت المادة 18 من القانون 46 على :
اولا : زيادة 85 % على معاشات المتقاعدين المحددة بموجب القانون 63 / 2008 على الشكل التالي :
أ – 25 % زيادة على معاشاتهم التقاعدية عام 2017 على ان تقل عن 300 الف ليرة
ب – زيادة مماثلة ( 25 % ) عام 2018
ج – يدفع الباقي بكامله ( 35 % ) عام 2019
ثانيا : اعتماد معيار واحد وموحد لجميع المتقاعدين من مختلف الاسلاك والملاكات الوظيفية وذلك باعتماد زيادة نسبة واحدة على معاشاتهم التقاعدية ( 85 % ) . ولو اراد المشرع غير ذلك لكان ادرجه في صياغة القانون
ثالثا : لم تتضمن اي مادة او فقرة من مواد وفقرات القانون اي اشارة لما جاء في كتاب وزير المالية الذي جاء فيه :
” تحدد الزيادة الاجمالية على المعاشات التقاعدية بعد اجراء المقارنة بين الراتب الاخير الذي
احيل بموجبه الموظف على التقاعد ، وبين الراتب الحالي للموظف في الخدمة الفعلية ……”
في حين جاء نص الفقرة ” أ ” من المادة 18 مستقلة وواضحة ومباشرة حيث لا تحتمل التفسير او التأويل لو الاجتهاد حيث تنص على :
” يعطى المتقاعدون الذين تقاعدوا قبل نفاذ هذا القانون ،
اعتبارا من تاريخ نفاذه زيادة على معاشاتهم التقاعدية …..”
دون ربطها باي شرط ودون ذكر التماثل بين رواتبهم ورواتب من هم في الخدمة الفعلية .
رابعا : ان اجراءات وزير المالية واصراره على مخالفة نصوص القانون سيؤدي حتما الى خلل كبير وتفاوت واضح وفاضح بين نسب الزيادات على معاشات المتقاعدين في الفئات الوظيفية ، ويضرب مبدأ المعيار الموحد لزيادة غلاء المعيشية على معاشاتهم التقاعدية ( 85 % ) وما النسبة التي حصل عليها الاساتذة والمعلمون والتي لم تصل الى 36 % سوى عملية اذلال واهانة كبرى واستهداف مباشر لشريحة وازنة من المجتمع والتي ما ترددت يوما خلال اربعين سنة من خدمتهاعن القيام بدورها التربوي والتعليمي في احلك الظروف التي مرت بها البلاد. اضافة الى ان زيادة رواتب المتقدين بانسبة التي حددها القانون باتت حقا مقدسا لا يمكن التراجع عنه .
ففي مراجعة الجداول التي سيعتمدها وزير المالية لمعاشات المتقاعدين ، وفق مندرجات بيانه الاخير ، يظهر التفاوت الكبير وعدم المساواة في نسب الزيادات على المعاشات التقاعدية للفئات الوظيفية المختلفة . وعليه سيصبح التفاوت بين الزيادات والمعدل الوسطي للزيادات للفئات الوظيفية المختلفة من المتقاعدين على الشكل التالي :
الفئة الرابعة : 114,96 % .
الفئة الثالثة : 104,64 % .
الفئت الثانية : 138,00 % .
الفئة الاولى : 73,57 % .
الاساتذة والمعلمون : 35,87 % .
وبذلك ، يكون قرار وزير المالية قد ضرب مبدأ العدالة والمساواة بين المتقاعدين ونسف اعتماد المعيار الموحد لزيادة غلاء المعيشة لهم . كما انه بهذا التدبير يكون قد اعتمد سياسة التمييز وسياسة الشتاء والصيف على سطح واحد . كما يدل البيان الصادر عن وزير المال التخبط في تفسير القانون والارباك الحاصل في تطبيق ما لم يأت على ذكره القانون وتحديدا موضوع التماثل بين معاشات المتقاعدين وبين رواتب من هم في الخدمة الفعلية .
في الخلاصة :
ان التمسك بمضمون وحرفية المادة 18 من القانون 46 واعتماد المعيار الموحد ونسبة الزيادة الموحدة ( 85 %) على معاشات جميع المتقاعدين في جميع الملاكات والاسلاك ، يؤمنان العدالة والمساواة بين كافة المتقاعدين .
وهنا لا بد من الاشارة الى ان المتقاعدين بمختلف ملاكاتهم قد خسروا بسبب التجزأة 50 % من الزيادة عام 2017 ، و 35 % من الزيادة عام 2018 ، وان هذا الخسارة لم تطل من هم في الخدمة الفعلية . ولو اراد المشرع خلاف ذلك لما جاء نص المادة 18 بهذا الوضوح . ولو اراد المشرع ان يماثل بين المتقاعدين وبين من هم في الخدمة الفعلية لما حدد زيادة النسب المئوية ووزعها على ثلاث سنوات متتالية .
لذلك، نتمسك بحقنا بزيادة رواتب المتقاعدين بنسبة 85 % كحق مشروع كرسه القانون ، مطالبين وزير المالية العودة عن بيانه المخالف والمتناقض مع النص الواضح للمادة 18 .
ونتمنى على دولة رئيس المجلس النيابي الاستاذ نبيه بري حسم هذا الموضوع ، خصوصا وانه كان قد اطلع على مضمون وصياغة هذه المادة قبل اقرار القانون ووافق عليها كما ادرجت في القانون ( زيادة 85 % على معاشات المتقاعدين ) . كما انه رفض اي نقاش لمضمون المادة وصياغتها خلال الجلسة العامة للمجلس النيابي التي اقرت فيها سلسلة الرتب والرواتب .
كما نطالب ايضا الكتل النيابية ان تلعب دورها التشريعي وان تتحمل مسؤولياتها في حماية القوانين وعدم تمرير التفسيرات والاجتهادات التي تتناقض ودور المجلس النيابي التشريعي .
محمد قاسم
عضو رابطة الاساتذة المتقاعدين