أخبار عاجلة

أين التربية من حياة الإنسان في لبنان؟

   بوابة التربية: كتب *علي حبيب مهنا: إنطلاقًا من المشكلات الناشئة في الواقع التربوي اللبناني المأزوم، ومن الجدل المجتمعي حول التعلم والتعليم وطرائقه ومساراته عمومًا، وفي ظل جائحة كورونا خصوصًا، ومن سلوكيات المكوّن الإنساني اللبناني التي توزعت بين فاسد متعفف يدافع عن فساده وبين منظّر يبني الوطن من خلف شاشة، وبين ضمير تربوي صاح يكافح الألم بقلم مداده الشخصية الفردية، تكون مناسبة السؤال «أين التربية من حياة الإنسان في لبنان؟»، هذا السؤال يقودنا نحو اسئلة عدة ومنها، ماهية الغرض من التعلم؟ وهل يكون التعلم بالطريقة الفوقية التى يُطرح بها؟ وهل يبنى المدماك الأول إن لم يترك مجالاً كافياً لإسهام المتعلم وأصحاب الرؤى وذوي الهمم من المهمومين بشأن التعليم والتربية فى بلدنا؟

      قد يختلف الهدف من التعلم من مجتمع إلى آخر ومن فرد إلى سواه، فمنهم من يرى الهدف في الحصول على معلومات عامة أو الإلمام بمجموعة معارف أو إكتساب جملة من المهارات ومنهم من يرمي ذلك نحو إعداد الإنسان لسوق العمل. لكن، بالرغم من أهمية المذكور فإنَّ الحقيقة أبعد من هذا وذاك، فكل ما ذكر عبارة عن مخرجات ثانوية، وأهداف جانبية. فالمهارات التى يكتسبها أبنائنا اليوم، قد لا تكون ملائمة لسوق العمل غداً. والمعارف قد تكون مفيدة، ولكنها لا تلبث أن تضمحل وتتلاشى مع مرور الزمن ولا يبقى منها سوى قلةٍ لا تخدم الصالح الفردي وبالتالي العام. لذا، نحن لا نرى إنعكاسًا إيجابيًا ملفتًا على حياة الإنسان من حولنا.

     وعليه؛ يجب الإنطلاق من نقطة صغيرة كبيرة، إهمالها نتائجه ما نحن علية الان في لبنان والبناء عليها نتيجة حتمية نحو الرقي والإزدهار، وهذه النقطة تتمظهر في أنَّ الغاية الأساس للتعليم هي تدريب الإنسان على الحياة!

     لماذا الحياة؟ لأنها أغلى وأعز ما وهب الله للإنسان. لكن «تعلم الحياة»، أبعد من فكرة سطحية يمكن التمكن منها من خلال تجارب الحياة والسير في منعطفاتها، لأن ذلك مبنيٌ على معطيات متغيرة من بيئة لاخرى عمادها الصدفة والتحليل. كذلك المناهج الدراسية من علوم واداب، إنما هي الألوان التي ستشكل لوحة الإنسان، هي الفروع في شجرة الإنسان، ولا حياة للفروع من دون الأصل.

     «تَعلُّم الحياة»، يعني إتقان إدارة المرء لنفسه قبل أي شيئ آخر وهي أكثر الجوانب دقة وحساسية. إذ ان المطلوب اولاً معرفة المرء لنفسه؛ قدراته، نواقصه، ثقته، إنسجامه مع هذه الذات، ماهية المهارات الإنسانية التى تجعله قادراً على إدارة حياته بصورةٍ تُساعده على التحقق والازدهار. لذا، لا بد من الحديث عن مهارة التواصل مع الآخرين فى البيئة الصغرى ومن ثم نحو المجتمع الأوسع والأشمل. بدءًا من المشكلات إلى الحلول وصولاً إلى البناء الإنساني السليم القائم على الشخصية والإرادة القوية الناشئة منذ الطفولة، وهنا مكمن جوهر نظام «التعليم الإنسانى».

      وعليه؛ هذا الإنسان الذي نرنو إليه، هو القادر على بناء الوطن من خلال تحكمه بنفسه، فهو الحر في فكره، السائس لنفسه، المبحر في لجج بحار الأفكار، العارف بكيفية قيادة سفينته ليس في لحظات السكون فقط بل في عواصف الأيام. ذلك المستمتع بحياته، الراسم للوحته الأنيقة، الصانع لمستقبل ملؤه الإزدهار.

     ختامًا، أيها القائمون على التربية في لبنان، فكروا بل إبحثوا عن الإنسان في وطنكم، وليس الإنسان الذي تريدونه أنتم، بل الإنسان الذي تريده نفسه أولاً ووطنه ثانيًا. إنسانكم لن ينتج أفضل من وطنكم المشوه، شليل الفكر، الملاك في النصوص والشيطان في النفوس. لنبنيَّ لبنان، يبقى السؤال لكم «أين التربية من حياة الإنسان في لبنان؟».

* باحث تربوي

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

أعمال الصيانة والترميم في ثانوية فضل المقدم الرسمية تبدأ غداً

بوابة التربية: أعلن المكتب الإعلامي في وزارة التربية والتعليم العالي، أن المتعهد المكلف تنفيذ أعمال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *