أخبار عاجلة

الاختبارات الدولية ودمج التكنولوجيا بالتعليم

بوابة التربية: كتبت *نينات كامل: طالعتنا إحدى الصحف اللبنانية منذ فترة بعنوانٍ مستفّزٍ واصفة طلاب لبنان بالطش، وذلك بعد نيلهم معدلات متدنية في الاختبار الدولي “اتجاهات في دراسة الرياضيات والعلوم الدولي” (TIMSS) العام 2019. حيث حلّ لبنان بالمرتبة 38 في العلوم والمرتبة 32 في الرياضيّات من بين 39 دولة مشاركة. تأتي مشاركة لبنان في هذا الاختبار تحت إطار المشاركة باختبارات عالمية لقياس مهارات الطلاب في العديد من التخصصات ومقارنتها بين الطلاب من مختلف البلدان. وقبل المشاركة في “TIMSS” 2019 شارك لبنان في اختبار “PISA” 2018 وجاءت النتائج مشابهة. في هذا المقال سنتحدّث عن ميزات الاختبارين ونقارن النتائج المستحصلة بناء على الدراسة التّي أعددتُها في إطار دراسة الدكتوراه التّي درستُ فيها تأثير التكنولوجيا وبالأخصّ الألواح الرقمية على الذكاء التعدّدي للطالب في الصفّ الخامس أساسيّ.

TIMSS هو اختبار دوليّ تنظّمه الرابطة الدولية لتقييم الإنجازات التعليمية (IEA) كل 4 سنوات، من أجل تقويم التحصيل الدراسي للتلامذة. شارك لبنان في 2019 للمرة الخامسة في هذا الاختبار، حيث شارك 4730 طالب من 204 مدرسة لبنانية متنوّعة بين رسميّة وخاصة. فيما يلي نتائج عينة الطلاب اللبنانيين وترتيب لبنان من 38 دولة مشاركة:

  • في مادة الرياضيات، بلغ معدّل التحصيل للصف الثامن أساسيّ 429 نقطة اي أدنى من المعدل الذّي يبلغ 500 نقطة، واحتلّ لبنان المرتبة 32 دوليًا.
  • في مادة العلوم، بلغ معدّل التحصيل للصف الثامن أساسيّ 377 نقطة، واحتلّ المرتبة 38 عالميًا.

أمّا PISA فهو اختبار موحّد ينّظمه برنامج التعاون الاقتصادي والتنمية OECD لتقييم الطلاب الدوليين. يقيس برنامج PISA قدرة الأطفال البالغين 15 عامًا على استخدام معارفهم ومهاراتهم في القراءة والرياضيات والعلوم لمجابهة تحديات الحياة الواقعية.

وشارك لبنان مرتين في عامي 2015 و 2018، حيث التحق في المرة الثانية 5614 طالبًا من 320 مدرسة   57.2% منها مدرسة رسمية والباقي مدارس خاصّة. فيما يلي نتائج عينة الطلاب اللبنانيين وترتيب لبنان من 77 دولة مشاركة:

  • متوسط ​​الدرجة في القراءة: 353 (المتوسط ​​العالمي: 455)، احتلّ لبنان المرتبة 73.
  • متوسط ​​الدرجات في الرياضيات: 393 (المتوسط ​​العالمي: 460)، احتلّ لبنان المرتبة 67.
  • متوسط ​​الدرجة في العلوم: 384 (المتوسط ​​العالمي: 460)، احتلّ لبنان المرتبة 71.

الأعداد شبه متشابهة في الاختبارين ولكن لا ندري حتّى الآن إذا كانت نفس العينة من الطلاب خضعت للاختبارين، والنتيجة أيضًا مشابهة بحيث أن معدّل الرياضيات كان أعلى من معدّل العلوم بالاختبارين. ولا شكّ بأن هذه النتائج ضعيفة وغير مرضية، وأظهرت أن الطلاب اللبنانيين لم يستوفوا المعدل في أي موضوع، بل سجّلوا أدنى المعدلات بالعالم. ولكن هذا لا يمكنّنا بأي طريقة بأن نستنتج بأن طلاب لبنان “طش” لأن الطالب هو أكثر من معدلات بل مهارات حياتية وذكاءات متعددة… وهناك العديد من الأسباب التّي ممكن أن تكون أثّرت سلبًا على نتائج الطلاب ومنها:

  • عدم استعداد الطلاب للاختبارات
  • الضغط النفسي الذّي يتعرّض له الطلاب
  • عدم تمثيل العينة المختارة من المدارس لمدارس كل لبنان
  • عدم قدرة المناهج اللبنانية على تلبية المعايير الدولية في المهارات

من هنا، من الضروري التعمّق بهذه النتائج أكثر ومقاربتها بطريقة علمية لاستنتاج دقيق. ولعلّ أهمّ التوصيات التّي يجب القيام بها هي تطوير المناهج اللبنانية لتكون قادرة على تزويد الطلاب بمهارات التفكير النقدي والإبداعي وحل المشكلات غير المألوفة بطرق مبتكرة وفعّالة. والعديد أوصى على دمج التكنولوجيا بالتعليم من أجل تحقيق هذا الهدف، ونظرًا لتخصّصي بتكنولوجيا التربية أعددتُ بحث الدكتوراه الخاصّ بي لمعرفة تأثير استعمال الألواح الرقمية (Tablets) في تعليم العلوم على الذكاء التعدّدي لطلاب الصف الخامس. والبحث هو شبه تجريبي اتّبع الأساليب الكمية والنوعية التي أجريت في مدرسة في بيروت حيث تعلّم طلاب الصف الخامس العلوم بالاستعانة بالألواح الرقمية لمدة 6 أشهر.

 تمّ إجراء اختبار الذكاء التعدّدي في بداية هذه الفترة وآخرها، لقياس الذكاءات الأربع التي استهدفها هذا البحث (لغوي، طبيعي، حركي، مكاني). وأظهرت النتائج أن استخدام الألواح الرقمية داخل الصفّ لا يملك أي تأثير على الذكاءات المتعددة الحركية واللغوية والطبيعية، وله تأثير سلبي على الذكاء اللغوي. وهناك العديد من العوامل التّي تؤثّر على الذكاء التعدّدي للطالب أكثر من استعمال التكنولوجيا بالتعليم وهي البيئة التّي يخضع لها الطالب في البيت والمدرسة، إذ إنّ الطالب الذّي ينمو بمحيط داعم وايجابي يشهد تفوّقًا بالذكاءات. هذا يتوافق مع النتائج التي أظهرها تقرير تحليل نتائج PISA المكتوب في عام 2019، حيثُ ورد بأن “العوامل التي يجب ربطها بشكل إيجابي بالتفوّق الأكاديمي تشمل الدعم من أولياء الأمور، والمناخ المدرسي الإيجابي، ووجود عقلية النمو”. وهذا ما يبرّر تفوّق طلاب من البلدان النامية والغير متطوّرة باختبار PISA إذ يتوفّر له التحفيزات الايجابية من أهله.

وبالتالي، من الممكن أن يكون عدم الاستقرار التّي يمرّ به لبنان من الأسباب التّي أثّرت على تدنّي مستوى الطلاب في TIMSS وPisa. ولذلك لا بدّ من التفكير بنشر التوعية لدى الأهل والمعلّمين ومدراء المدارس بضرورة دعم  الطلّاب وتشكيل بيئة ايجابية وحاضنة لهم قبل التفكير في تطوير المناهج ودمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم.

*طالبة دكتوراه متخصّصة بتكنولوجيا التربية

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

متقاعدو القطاع العام يرفضون تكليف أي شركة أجنبيّة بوضع سلسلة جديدة للرواتب

بوابة التربية: أعلن المجلس التنسيقيّ لمتقاعدي القطاع العام رفضه تكليف أيّ جهة أو شركة أجنبيّة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *