بوابة التربية – Tarbia gate بوابة التربية – Tarbia gate
مقالات مشابهة
بوابة التربية: وسط الأزمات المتراكمة والانهيارات التي تعصف بكل القطاعات، تقف التربية في لبنان اليوم على حافة الهاوية. لم يعد المشهد التعليمي مجرد أزمة مؤقتة، بل بات اختناقًا حقيقيًّا لأجيال تُدفع قسرًا إلى مستقبلٍ ضبابي. وفي قلب هذا الواقع، تبرز قرارات وزارة التربية كجزء من الأزمة، لا كحلٍّ لها.
فالكارثة الأولى، جاءت بما يُسمى “التقييم الوطني” ليُجهز على ما تبقّى من الثقة بين الوزارة والميدان. أسبوعان كاملان أُهدرا على امتحانات مليئة بالأخطاء: أسئلة من دروس ملغاة منذ أربع سنوات، خلل في أسس التصحيح، وضياع في الغاية من التقييم. فهل هكذا يُعالج الفاقد التربوي؟ وهل النهوض بالتعليم يكون بامتحانات تُعدّ في غرف مغلقة دون استشارة أهل الميدان؟
والمأساة الكبرى تجلت بالقرار الأخير الصادر عن وزارة التربية حيث كان العام الدراسي قد انطلق بعثراته، وعلى أساس مقررات السنوات السابقة، اجتهد الأساتذة في تدريس ما أمكن من دروس. وفجأة، وبعد مرور نحو ثلاثة أشهر، تفاجأ الجميع بقرار إعادة الدروس التي كانت ملغاة إلى البرنامج. هذا القرار لم يأتِ فقط متأخّرًا، بل عشوائيًّا، كمن يُلقي عبء التخبّط على كاهل الأستاذ والطالب معًا. كيف يمكن إنجاز ما فات، وتغطية المقرر في أربعة أيام تدريس فقط، وفي حصص لا تتجاوز 45 دقيقة؟ هل الوزيرة مدركة لهذا الواقع؟ أم أنها تتخذ قراراتها من عالمٍ آخر، غافلة عن العطل القسرية، وعن العطل الطويلة التي تقطع تتابع التعليم؟
ووسط هذه العثرات، يبقى السؤال الأهم: أين هي الخطة التربوية؟ وأين المناهج التي وُعد بها المعلمون والطلاب؟ وماذا عن الصف الأساسي التاسع الذي لم يُبتّ بمصيره؟ وهل من يدرك أن الجنوب ما زال يعيش على وقع التهديد والخوف، وأن طلابه مشتّتون بلا أمان؟
ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمة تعليمية، بل هو جرحٌ نازف في ضمير الوطن. الإصلاح الحقيقي لا يبدأ من القرارات الفوقية، بل من صوت المعلم، من صفوف الطلاب، من فهم الواقع كما هو لا كما يُراد أن يكون في تقارير إعلامية مزيّنة. التربية اليوم تلفظ أنفاسها… فهل من يسمع قبل أن تُدفن المدرسة الرسمية نهائيًّا؟
- ف. م معلمة
