أخبار عاجلة

التّعليم لمواجهة العولمة الإقتصاديّة ولدخول عالم اقتصاد المعرفة

بوابة التربية- كتبت د. *ندى عويجان:

أن الإستثمار بالتّربية يحسّن جودة حياة التّلامذة والمعلّمين والأهل، وينظّم جميع القطاعات في المجتمع ويزيد من إنتاجيّتها، ويضع الدّولة في مراتب متقدّمة على المستوى العالمي في جميع المجالات،

تزوّد المدرسة سوق العمل على المستويين القصير والمتوسّط بالطّاقات والمهارات المهنيّة المطلوبة. فتعمل، من خلال التوجيه المهني على إيجاد التوازن في الإختصاصات المهنيّة والجامعيّة بحسب تطوّر الإقتصاد وحاجاته المهنيّة، ومن خلال المناهج ومستلزماتها على تعزيز جميع أنواع الكفايات بحسب قدرة التّلميذ وميوله. الأمر الذي يؤدّي في وقت لاحق، إلى رفع كفاءة الرأسمال البشري، وتحسين جودة الخدمات والسّلع، فترتفع الإنتاجيّة ومن ثم القدرة التّنافسيّة، ليتحقق النمو الاقتصادي، ويتضاعف دخل الفرد من الناتج القومي، ويتقدّم المجتمع.

من ناحية أخرى، تعزيز التنافس الإقتصادي يتطلّب تعزيز القدرة التّنافسيّة للسّلع والخدمات، أي بناء نظام إقتصادي يرتكز على تغيير الثقافة الإقتصاديّة بكامل عناصرها، وإدخال عوامل الإنتاج الحديثة كالرأسمال البشري ذي الكفاءة العالية، والرأسمال المادّي الذي يُمْكن أن يكون محدوداً، إضافة إلى الإهتمام بالحوكمة وإدارة المعلومات واستثمارها وتأمين الموارد الطبيعيّة إذا لزم الأمر. من هنا يأتي التّركيز على تطوير قدرات الإنسان وتحفيزه وإنماء رغباته في التعلّم والعمل، واستثمار كامل طاقاته الذّهنيّة والإنفعاليّة والجسدّية لذلك.

إن التّناغم والتّكامل الواعي بين المدارس والمعاهد الفنّيّة والتقنيّة والجّامعات والمؤسّسات الاقتصاديّة، يؤدّي إلى التنمية الشّموليّة المتوازنة عند التّلامذة، فيكسبهم ذلك ما يلزم من كفايات على أنواعها ليكونوا رياديّين في جميع ميادين الحياة، ويتمكّنوا من وضع دولتهم في عالم اقتصاد المعرفة.

– تتّجه المدرسة الحديثة إلى تعزيز مهارات القرن 21 وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ال17 بشكل عام، فتحضّر التّلامذة ليكونوا فاعلين ومتفاعلين في/مع اقتصاد المعرفة. فتعمل المنظومة التّربويّة على إكسابهم مهارات تقنيّة عالية، من خلال تعزيز الذكاء العاطفي والتّواصل الفعّال والإبداع المتنوّع لديهم، وتنمية مهاراتهم في التفكير الناقد والبحث العلمي وحل المشكلات، وتمكينهم من إدارة وتوظيف المعرفة والبحث عنها، مع فهم كيفيّة توظيف التكنولوجيا والتّطبيقات والبرمجيّات وإدارة المعلومات في حياتهم، إضافة إلى الإنفتاح على الإختلاف وعلى العالم.

– تزوّد المدرسة التّلامذة، مواطنين الغد، بمجموعة من الكفايات الشخصيّة والوطنيّة والحياتيّة والعلميّة والمهنيّة والإقتصاديّة وغيرها، تترجم بسلّة من المعارف والمهارات والمواقف، تسهم في تنشئتهم وتعزير قدراتهم المهنيّة. فننتقل من القدرة الفرديّة العفويّة والبسيطة الى القدرة الجماعيّة المنظّمة والمعقّدة، الأمر الذي يؤدّي إلى تحقيق الأهداف الإقتصاديّة المنشودة.

– عندما طوّرت بعض البلدان كسنغافورة، وتايوان، وموريشيوس قطاع التّعليم لديها، تطوّر البلد بكل قطاعاته. فمثلاً، بنى “لي كوان يو” “سنغافورة جديدة”، من خلال التّعليم الذي اعتبره الثروة الحقيقيّة والركيزة الأساسيّة للتقدّم والتفوّق. فحرص على تطوير النّظام التّعليمي لتعزيز الرأسمال البشري وزيادة حجم عدد الموهوبين، وذوي القدرات العقليّة العالية في المدارس، ودعمهم وتطوير إمكانيّاتهم ليكونوا في طليعة النّخب القياديّة والنّخب التغييريّة التي تعمل على التقدّم ونمو المجتمع. في المحصّلة، أصبحت سنغافورة اليوم من أهم الدول عالمياً في التّعليم والاقتصاد معاً.

– في النّهاية، لا بد من تفعيل العلاقة بين التّعليم العام والتّعليم المهني والتّقني والتعّليم الجامعي وسوق العمل، لتتمكّن المدرسة من القيام بدورها الرّيادي الإقتصادي، من خلال المناهج التعليميّة الموجّهة بحسب ميول التّلامذة وقدراتهم من ناحية، وبحسب حاجات سوق العمل على المدى القريب والمدى المتوسّط والمدى البعيد من ناحية أخرى. فتحضّر المدرسة التّلامذة للإنخراط في الحياة المهنيّة بطريقة منظّمة وواعية ومسؤولة، إمّا مباشرة أو بعد تخرّجهم من الجّامعة أو المعهد.

– هل يعي المسؤولون في بلادي أن الاستثمار بالتّربية يحسّن جودة حياة التّلامذة والمعلّمين والأهل، وينظّم جميع القطاعات في المجتمع ويزيد من إنتاجيّتها، ويضع الدّولة في مراتب متقدّمة على المستوى العالمي في جميع المجالات؟

-هل يعي المسؤولون في بلادي أنّ التّعليم يمكّننا من مواجهة العولمة الإقتصادية، ويؤهّلنا من دخول عالم اقتصاد المعرفة؟

-هل يمكن للسّلطة الحاكمة وللقيادات التربويّة أن تعي أهميّة الاستثمار بالرأسمال البشري من خلال التّعليم، لتطوّر اقتصادي متقدّم ومستدام محليّاً وعالميّاً؟

*استاذة في الجامعة اللبنانية وباحثة تربوية

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

عميد المعهد العالي للدكتوراه يفتتح حفل أسبوع المطالعة في ثانوية الرحمة

بوابة التربية: نظمت ثانوية الرحمة (كفرجوز-الجنوب) التابعة لمدارس المبرّات، الأسبوع الثقافي التاسع عشر ومعرض الكتاب  …