أخبار عاجلة

الجامعة اللبنانية بين الحقوق المهدورة والضجة الفارغة

بوابة التربية- كتب دكتور *زاهر عبد الخالق: شهدت الآمال المعقودة على إقرار ملفات الجامعة اللبنانية في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء نهاية تراجيدية. وينطبق على جميع الوعود والعهود التي أُطلقت طيلة تسعة اشهر، خلال الحكومة الميقاتيّة، عنوان المسرحية الشكسبيرية الشهيرة “ضجة فارغة”. وللتذكير، تزامنت ولادة هذه الحكومة مع توقف قسري، أعلنته الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية بناءً على توصية، رفعها مجلس المندوبين، المؤلف من ١٥٩ مندوبًا يمثل جميع كليات ومعاهد وفروع الجامعة، في ايلول 2021.

تسعة أشهر من الجهود المضنية واكبت بها الرابطة رفع أسماء المرشحين للتفرع والملاك الى وزارة التربية، ومنها الى أمانة مجلس الوزراء، بالإضافة إلى المطالبة الحثيثة لتأمين الدعم المادي الذي حصل عليه القطاع العام.

تدرجت الرابطة في مواقفها من اضراب تحذيري واعتصامات، إلى جمعيات عمومية – اونلاين، اتخذت على ضوئها قرار “التوقف القسري”. كما كثفت تواصلها مع من استقبلها من أصحاب الحل والربط في الجمهورية اللبنانية.

لم يغب عن محاضر مجلس المندوبين في جلساته العادية والاستثنائية العديدة، ولا عن بيانات الهيئة التنفيذية ومؤتمراتها الصحفيّة، المطالبة بضرورة إقرار ملف التفرغ وادخال الأساتذة المستوفي الشروط الى الملاك وتعيين عمداء أصيلين كي يستقيم العمل في مجلس الجامعة. وتكررت المطالبة بزيادة موازنة الجامعة اللبنانية وموازنة صندوق التعاضد، بعد التضخم الاقتصادي الهائل وانهيار سعر صرف الليرة. وطالبوا بتسوية أوضاع المدربين في مجلس الوزراء كي يتمكنوا من قبض رواتبهم بصورة شهرية. وأطلقوا أكثر من صرخة بوجه الذل الذي يشعر به كل استاذ وموظف عند سحب الراتب وملحقاته بسبب السقوف المتدنية التي فرضتها المصارف.

ورغم تحركات الرابطة المتنوّعة، وتبني وزير التربية القاضي د. عباس الحلبي لجميع الملفات، وديناميكية رئيس الجامعة أ. د. بدران ، يبدو ان ملفات الجامعة اللبنانية لم تُدرج على جلسات مجلس الوزراء المتكررة “رأفة” بصورة العديد من مكوّنات هذا المجلس، والحفاظ على ما تبقى لهم من ماء الوجه. فالإدراج يعني “الاحراج” في ظل المحاصصة المقيتة المهيمنة على البلد. وأتى ربط جميع الملفات بإلزامية الموافقة أولاً على ملف العمداء كإخراج – مقصود او غير متعمد. فهذا أراد الحفاظ على حصته في موقع العمادة، وذاك فرض شروطًا تعجيزية وحصة وازنة، ومنهم من اشترط للموافقة على اقرار الملف قضم حصة الآخر.

وفي خضم الضغط النقابي لإقرار الملفات، “تطوّع”، عن غير دراية، بعض العمداء والمدراء ورؤساء الأقسام والأساتذة لخرق “التوقف القسري” المُعْلَن، و”تمرير” امتحانات الفصل الأول من العام الجامعي، والبدء بالفصل الثاني، رغم الغطاء القانوني- النقابي الذي تمنحه الرابطة لمنتسبيها. ضرب هؤلاء بعرض الحائط النظام الداخلي للرابطة ودورها التمثيلي والريادي في الذود عن مصالح الأساتذة ورفع شأن الجامعة، ولم يصغوا إلى المناشدات المتكررة للالتزام بقراراتها، علّ الضغط يولّد الفرج.

وسط هذه الأجواء، تفننت السلطة بإطلاق المزايدات والتباكي على مصير “الطالب – الرهينة” دون التفكير الجدي ببيئته التعلميّة والتعليمية وقدرته على تأمين الكهرباء والنت وكلفة المواصلات. كما استهترت بموازنة الجامعة وقدرتها التشغيلية ومصير مداخيل المشاريع الخارجية. ولم تبدي اي شفقة على مصير الأستاذ الجامعي المتعاقد الذي “يزوره راتبه الهزيل كل سنة مرة”، ولم تؤمن الاستقرار الوظيفي للأستاذ المتعاقد – المتفرغ منذ ثماني سنوات ولم يتم لغايته ادخاله الى “جنة” الملاك، حيث يحلم زميل له في الملاك بالهجرة الى أصقاع الكون الفسيح، بسبب عدم القدرة على الاستمرار، ومنهم من وضّب حقائبه ورحل.

تسعة أشهر من التواصل “الايجابي” مع وزير التربية ورئيس الحكومة، ومن التحركات الميدانية لتذكير الدولة بواجباتها لم تفضِ إلى شيء يذكر. تسعة اشهر من التطمينات والتعاطف “اللفظي” مع الجامعة والوعود بإعادة الحقوق الى أهلها “اذا مش بكره اللي بعده اكيد”، والنتيجة لا شيء سوى ضجة فارغة.

ومع اقتراب نهاية ولاية الهيئة التنفيذية ومجلس المندوبين في رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، من حق وواجب كل منتسب تقييم العمل النقابي سلبًا أم ايجابًا والمحاسبة ان اقتضى الأمر، كل حسب وجهة نظره، وفق معايير الجهود المبذولة أو النتيجة المرجوّة.

ويقتضي تحسين الأداء النقابي أن تُخضع الرابطة نفسها (هيئة تنفيذية، مجلس مندوبين وهيئة عامة) للنقد الذاتي ومراجعة الأسباب التي خففت من زخم عملها وفعاليتها. ومن المقترحات:

– مساءلة ومحاسبة كل مندوب وعضو في الهيئة التنفيذية من قبل من انتخبه.

– إعادة نشر وتفعيل الوعي والثقافة النقابيّة في الوسط الجامعي.

– وجوب تبني شعار “جامعتي اولاً”، من قبل جميع أهل الجامعة (طالب، موظف، أستاذ وإدارة) ، بغض النظر عن الانتماءات والولاءات السياسية والحزبية.

– عدم التماهي مع الحكومات القائمة والتصدي لها وعدم “مسايرتها” عندما يقتضي الواجب.

ومن نافل القول، ان المحافظة على اللُحمة في صفوف أهل الجامعة سيساهم في استرجاع الحقوق ويعيد الى العمل النقابي وهجه وهيبته.

*استاذ جامعي – أمين سر مجلس المندوبين – رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية

 

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

اعتداء وسرقة في مبنى للجامعة اللبنانية في البقاع

بوابة التربية: اقدم مجهولون على اقتحام مبنى كلية الآداب في الجامعة اللبنانية -الفرع الرابع في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *